عادي
يرى أن كلمة الحق مكروهة داخل الوسط الفني

بشار إسماعيل: اكتشاف المواهب مسؤوليتي

01:47 صباحا
قراءة 6 دقائق

يتكلم بلسان جريء وبصوت مبحوح من كثرة ما نادى، وبقلب محروق من نار السلوك في الدراما والسينما والمسرح فيرى أن شركات الإنتاج هي الوبال الأول والأخير على الممثل السوري يشاركها في ذلك المخرجون.

ويتهم الكل بالتقصير وبإحداث الشللية في الوسط الفني وبالعمل على مبدأ (فلان غير فلان) متهما وزارة الإعلام بتطبيق هذا المبدأ فيما يخص الفنانين السوريين.

لكن كيف ذلك وصاحب هذه الأفكار رجل أمضى أكثر من عقدين في التمثيل ويتجه اليوم إلى الإنتاج؟ كيف سيتعامل مع هذه الأجواء؟ وبم يعد الجمهور؟ وما قصة الفنانين الجالسين في بيوتهم؟ وكيف سيطلقهم عبر الشاشة؟ بشار اسماعيل النجم الثاني في مرايا ياسر العظمة يجيب على أسئلة الخليج وتساؤلات الناس بلا أي تحفظ.

بداية حدثنا عن سر تخصصك بمسلسل مرايا مع ياسر العظمة، هل مرايا سرقت بشار اسماعيل من بقية الأنواع الدرامية؟.

لا أحد بإمكانه أن يسرق بشار اسماعيل لا أيّ شخص ولا أيّ نوع فني، فأنا إنسان أحترم الفن كمهنة وهي تتطلب الشرف المهني والكرامة المهنية ومن يمتلك هاتين الصفتين يكون فنانا والفنان الحقيقي لا يسرق لنوع من آخر. تعرض علي الأعمال الفنية فأختار ما يناسبني حسب القائمين على تلك الأعمال، فمن يعمل من أجل خدمة المهنة والجمهور أعمل معه، أما من يعمل لتجميع الشلل والعصابات فلا أعمل معه، ولذلك تجدونني على الأغلب في مرايا لأنها تلائم ذوقي في اختيار الناس الذين أرتاح للعمل معهم.

هل نفهم من كلامك أن (مرايا) خال من الشللية وبقية الأعمال السورية كلها تقوم على التجمعات السلبية (الشللية)؟

لا ليس هذا ما قصدته لكن في الحقيقة، مسلسل مرايا يلامس المجتمع بشكل مباشر ودون أي حاجة لإجراء الاتصال مع الشعب، والمنتج ياسر العظمة يعمل لخدمة الفن والمجتمع معا، في حين تجد المنتجين في بقية الأعمال يعملون جاهدين على ملء جيوبهم بالمال أولا ثم القيام بالعمل ثانيا حتى لو لم يصل عملهم إلى قلب الجمهور، ولذلك مرايا تريحني لأن العمل يسبق المال، على عكس نظرية أصحاب الأعمال الأخرى.

نريد جوابا صريحا.. هل أنت المبتعد عن الأعمال ؟ أم الأعمال هي المبتعدة عنك؟

في الحقيقة الأعمال الفنية هي المبتعدة عني باستثناء (مرايا) والسبب هو أنني ممن يقولون الحق، والحق مكروه بشدة في الوسط الفني، يريدون من الفنان أن يكون أخرس لا يتكلم وأنا غير ذلك لدي لسان أتكلم به، يريدون إذلال الفنان بلقمة عيشه، وأنا أرفض أن أعيش ذليلا، ومن هذا المنطلق تجدني أبتعد عن الأعمال الدرامية شبرا فتبتعد هي عني شبرين، فكثيرا ما تعرض الفنان السوري لألفاظ بذيئة من قبل المخرجين وكان السكوت يشجع المخرج على الاستمرار باستعباد الفنان ولأنني أرفض المس بي بأي كلمة فمن الطبيعي ألا أكون متواجدا في أي عمل.

لم توضح أين تكمن الشللية بالوقائع؟

تكمن في الجو العام للفن في سوريا، مثلا هل يستطيع أحد أن يفسر بقاء الممثلين القادرين على خدمة الفن في منازلهم وهم خريجو معاهد مسرحية يشاهدون التلفاز مثل الجمهور، في حين ترى أن عدد الممثلين المتواجدين في جميع الأعمال السورية السنوية لا يتجاوز 200 فنان، كيف ذلك وعدد الفنانين السوريين يصل إلى 1500 فنان وربما أكثر. وليس هناك تفسير لذلك سوى أن هؤلاء ال 200 فنان هم أنصار لأربعة أو خمسة مخرجين، والمخرجون هم أنصار لأربع أو خمس شركات إنتاج وبالتالي تكون (الشللية) قد تحققت تحت أي مسمى.

لكنك الآن متجه نحو الإنتاج، كيف ستتعامل مع الجو وأنت ممن يعانون فساده؟!.

سأعمل على نحو لم يقم به من سبقني إلى الإنتاج، حيث سأقوم بتشغيل كل الفنانين الذين لم تتوفر لهم فرصة للعمل وهم جديرون بها. وممن يراهم الجمهور باستمرار في جميع الأعمال وأقصد ال200 فنان سابقي الذكر لن يكون معي منهم أكثر من خمسة فنانين لأنهم يستحقون التواجد أولا ولأنهم وحسب معرفتي بهم بعيدون كل البعد عن فكرة الشللية التي فرضت عليهم.

ولماذا تتجه للإنتاج الآن؟ وكيف جاءت الفكرة؟

التوقيت والفكرة جوابهما واحد، لقد عرض علي أحد السوريين العائدين من الغربة أن أدير شركة إنتاج سيقوم هو برعايتها ماديا مهما كلف الأمر من مبالغ، ودرست الفكرة والرجل معا، فوجدته صاحب مبدأ ولديه طموح لتقديم خدمة لبلده بعد السنوات الطويلة التي أمضاها في الاغتراب، وكذلك وجدت عنده الصدق في التعامل والجرأة في الطرح، وفيما يخصني وجدت أنني بحاجة لعمل كهذا من خلال خبرتي وإمكاناتي في المهنة واسمي في المجتمع ولذلك وأمام كل ذلك وافقت وباشرت العمل بإذن الله.

ما الأعمال التي ستنتجونها في القريب؟

حاليا سنبدأ بتصوير مسلسل بعنوان (مقام ابراهيم وصفية) وهو حكاية تدور فصولها في حارة حلبية، وسيقوم بأداء جميع الأدوار فنانون من مدينة حلب ممن لم يرهم الجمهور إلا ما ندر تنفيذا للخطة التي وضعناها منذ البدء وهي تشغيل الناس المقتدرين الذين لا فرص لهم في الوسط الفني.

في حال تكرر إنتاجكم البيئي، هل ستستمرون في الاعتماد على أبناء المدينة التي تدور قصص الأعمال حولها؟

ليس شرطا، لكن هذا أمر مطروح أيضا، مثلا حين ننتج مسلسلا خاصا بالبيئة الساحلية فمن الأفضل أن يقوم بأداء الأدوار فنانون من الساحل لسهولة النطق بلهجة المنطقة، وكذلك فيما يخص بقية المناطق إلا أن الأمر كما قلت ليس مشروطا.

وماذا عن المسلسلات الاجتماعية التي لا منطقة معينة تدور القصة حولها؟

سنشرك ممثلين من كل المناطق لكن بالتأكيد الفنانين الذين لم يشاركوا إلا ما ندر، فهدفنا هو اكتشاف المواهب المدفونة في البيوت من ظلم شركات الإنتاج وشللية المخرجين.

المسرح وجع كل فنان في سوريا وأنت منهم، هل ستعمل في الشركة على إنتاج مسرحيات؟

المسرح وجع هذا صحيح لكنه موجود في قلب وفكر كل فنان سوري، بالنسبة للعمل بالمسرحيات الأمر صعب جدا كون في سوريا لا يوجد سوى مسرحين هما (القباني والحمراء) وهما في حالة صيانة منذ عقود فأين سيكون العمل المسرحي إذاً؟ دار الأوبرا أنشئت على طراز عالمي وأقيم فيها عدة مسارح لكن ما الفائدة إذا كانت مغلقة ولا تفتح إلا للأعمال الأجنبية؟ هل أنشأنا هذه الدار العظيمة لنتباهى أمام الأجانب بأننا نملك صرحا فنيا عملاقا دون أن يكون للسوري أي عمل فيه؟ لا لن أعمل بالمسرح حتى يشيد في كل محافظة سورية أربعة أو خمسة مسارح جيدة، كي لا نكون كمن يضحك من نفسه.

من هي الجهات المسؤولة عن تدهور المسرح والسينما في سوريا؟

الكل مسؤول، كل من له علاقة صلة بالإذاعة والتلفزيون والإعلام والثقافة (وزارة الإعلام وزارة الثقافة) وحتى نقابة الفنانين عليها مسؤوليات كبيرة في تدهور الواقع الفني ككل في سوريا، فوزارة الإعلام تعمل على مبدأ (فلان غير فلان) وبالتالي تلبي مطالب أشخاص قد لا يكونون ذوي خبرة في المجال الإعلامي المتصل بالفني لكنهم مقربون من الوزارة وهذا أدى إلى تخلخل ثقة الناس بالوزارة.

أما وزارة الثقافة ورغم أن الوزير الحالي الدكتور رياض نعسان آغا من العارفين بشؤون الوسط الفني خلافا لمن سبقه إلا أن الأمور لا تسير بالاتجاه الصحيح وذلك بسبب سيطرة مديرية المسارح والمؤسسة العامة للسينما على هذين القطاعين سيطرة مطلقة والمشكلة أن القائمين على الأمور في هاتين الجهتين لهم علاقة بكل شيء عدا الفن.

وما مشكلة نقابة الفنانين التي ذكرتها؟

نقابة الفنانين تعاني من وصول شخص لا يجيد التعامل مع أحد إلا من مبدأ الشللية والتيارات، وليعذرني نقباء الفنانين الذين توالوا على النقابة إن لم أستثن أحدا منهم، كما أن النقيب الحالي صباح عبيد يتكلم أكثر مما يفعل وهو بالمناسبة لا يرد على اتصالات أي فنان ولا يقيم علاقة جيدة معه رغم أن القوانين تحكمه بأن يتعامل مع أي شخص يكون عضوا في النقابة.

في أي طريق يسير الفن السوري وفق تلك المعطيات؟

يسير إلى حفرة عميقة وواد سحيق سيقع فيه أهل الفن أجمع إن لم ننتبه منذ الآن لخطورة المرحلة الحالية لأن المرحلة التي تليها ستشهد فرزا صريحا بين الناس، فالشللية لن يكون لها نصيب إذا ما قمنا بتطوير السلوك المهني وكذلك المحسوبيات ستموت، وعندها سيذهب من يدعي أنه يقوم بنهضة فنية في سوريا اليوم إلى بيته والمشكلة أنهم كثر وهذا ما سيلحق الأذى رغم التصحيح الذي يكون قد تم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"