مكاتب استقدام العمالة

04:51 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

لا أعتقد بأن هناك من لم يمر بتجربة طلب عامل أو عاملة منزلية من أحد مكاتب استقدام العمالة بالدولة، وعاش معاناة الاستغلال والابتزاز مقابل خدمات لا ترقى للقيمة المدفوعة مقابلها، سواءً قبل الاستقدام أو بعده، وإن وجد من لم يطلب استقدام عمالة منزلية، فلا بد أنه سمع بهذه المعاناة من المحيطين به.
مع العلم أن مكاتب استقدام وتوظيف العمالة في الدولة عددها يفوق عدد محال البقالة في الدولة، فعملها يدر من الربح ما لا يمكن أن يتصور، وذلك من دون حسيب ولا رقيب. فطلب استقدام العمالة المنزلية، سواء العاملات أو العمال، مثلاً لا يقل عن 15 ألف درهم، ويتجاوز الاستقدام من بعض الدول ال 20 ألف درهم، فهل هذا الرقم من آلاف الدراهم رقم معقول؟ وكيف يُحتسب ذلك؟ أم هو نوع آخر من الاستغلال أو الاتجار بالبشر الذي يحتاج منا إلى وقفة سريعة ومباشرة من الجهات المعنية تشرعن وتضبط وتضع آلية مناسبة منطقية لهذا المجال؟
دائرة الرقابة في وزارة الاقتصاد تهتم بين حين وآخر بارتفاع الأسعار، لكن توجهها يبقى في نطاق الأغذية والمواشي، أما عن جمعية حماية المستهلك فهي في سبات عميق لا تصحو منه إلا في المناسبات عبر تصريحات لا تغني ولا تسمن من جوع، مثلها مثل تصريحات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
نعود لمكاتب استقدام العمال والمبالغ الكبيرة التي تأخذها من جيوب المتعاملين معها مقابل خدمة ضعيفة، فهي تعرض سيراً ذاتية للراغبين في العمل بالدولة أغلب المدون فيها بعيد عن الحقيقة، من دون ضمانات واقعية، سوى إمكانية الاستبدال خلال أول ثلاثة أشهر من العمل، وحتى في تلك الفترة تستغل المكاتب من يجري إرجاعهم في العمل اليومي بالبيوت أو المكاتب بمقابل مادي، أي أن الاستغلال يكون للطرفين العامل والمستقدم من دون رادع أو رقيب، ولو أردنا تفسيراً لهذا المبلغ الضخم الذي تطلبه المكاتب مقابل الاستقدام، فلن نجد ما يشفي الغليل أو المقنع من الردود، أما في حالة هروب العامل أو العاملة، فحدث ولا حرج، فالمصيبة لا تقع إلا على رأس المستقدِم، وهنا تبرز علامة استفهام كبيرة لم نجد لها تفسيراً حتى الآن حول صمت وتغاضي الجهات المعنية على الرغم مما يكتب ومنذ زمن طويل حول هذا الموضوع واستغلال المكاتب والمبالغ العالية التي تفرضها من دون استحقاق.
هل استقدام العمالة المنزلية فعلاً يستحق هذه المبالغ الكبيرة؟ هل الخدمة التي تقدمها مكاتب الاستقدام تشفع لها فيما تفرضه من رسوم بلا رقيب ولا حسيب، فترتفع كما تشتهي المكاتب في غفلة من أي قانون ينظمها ويقننها؟
سوق استقدام العمالة وتحديداً المنزلية تحتاج إلى وقفة حقيقية من قبل الجهات المعنية تضبط السوق، ولا تتركه للاستغلال، تنصف فيه كل الأطراف سواءً العامل أو المستقدم أو المكاتب ذاتها من دون إجحاف في حق أي طرف من الأطراف، لكن ترك سوق العمل هكذا من دون ضبط يشرع الباب على اتساعه لتساؤلات لا أول لها ولا آخر حول هذا الصمت المريب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"