عادي
أعمال سردية تحلق في أزمنة مختلفة

الرواية.. بطلة معرض «بيغ باد وولف».

20:48 مساء
قراءة 4 دقائق
جانب من المعرض
(تصوير: صلاح عمر)

دبي: علاء الدين محمود

باتت الرواية هي النمط الإبداعي الأكثر انتشاراً بين كل الأصناف الأدبية الأخرى؛ إذ تلقى اهتماماً وإقبالاً كبيراً وسط أجيال الشباب، وربما ذلك ما جعل الكثير من دور النشر العالمية، ومعارض الكتب الدولية تهتم بالأعمال السردية وتروج لها، وتضع لها الدول اعتباراً خاصاً في سياق خطتها لتشجيع القراءة؛ إذ إن الرواية هي الفن الأسهل، لذلك دائماً ما تعمل وزارات التربية والتعليم على صناعة منهج تحتل فيه الرواية وضعية خاصة، وتحضر فيها القصص المقتبسة من أمهات الأعمال الروائية الكلاسيكية والحديثة، حتى تشجع النشء على عملية القراءة.

كانت الرواية هي الأدب الأكثر حضوراً في النسخة الرابعة من مهرجان «بيغ باد وولف»، الذي تحتضنه مدينة دبي للاستوديوهات، وذلك يشير إلى أن المعرض في تركيزه على الكتابة الإبداعية، يعرف جيداً أهمية الأدب ودوره الأصيل في المعرفة، وربما ذلك تم التأكيد عليه في حديث ماجد السويدي، النائب الأول لرئيس مدينة دبي للاستوديوهات ومدينة دبي للإنتاج -مجموعة تيكوم، في المؤتمر الصحفي الذي سبق انطلاقة المعرض عندما قال: «الأدب وقود قوي للإبداع والمخيلة والفضول. وينشر معرض «بيغ باد وولف» للكتاب حب القراءة الذي لا بد من إذكائه بين الأجيال الشابة، وخصوصاً مع ما يشهده العالم الرقمي من توسع».

**كلاسيكيات

ولعل المتجول في ردهات وممرات المعرض يلاحظ ذلك الاهتمام الكبير بالأعمال السردية؛ حيث تحضر الروايات الكلاسيكية لكبار ورواد هذا الفن من أمثال ليو تولستوي، وتشارلز ديكنز، وفرجينيا وولف، وفيكتور هوجو، ودوستويفسكي، وغارسيا ماركيز، وغيرهم، إلى جانب الأدب الروائي الياباني والصيني، لمؤلفين أمثال هاروكي موراكامي، ويوكو ميشيما، وغيرهما من الذين أنتجوا روائع خلدت في أذهان وقلوب القراء في مختلف أنحاء العالم، ويمتد هذا الألق إلى الكتاب الذين أحدثوا نقلات وفتوحات كبيرة في فن الرواية العالمية عبر التجريب المستمر، حتى صار للرواية أساليب واتجاهات متعددة فهنالك الرواية الفلسفية والفكرية والتأملية والتي تنتمي إلى مدارس أدبية جديدة مثل العبث وغير ذلك، فهنالك أعمال لروائيين تخصصوا في اتجاهات جديدة للسرد، أمثال إمبرتو إيكو، وغيره من أصحاب التجارب السردية المختلفة؛ حيث إن المؤلفات الروائية في المعرض تسافر بالقارئ إلى أزمنة وحقب وأماكن مختلفة ومتنوعة، تحكي عن تطور العمل السردي منذ الرواية في العصر الفيكتوري إلى الأزمنة الحديثة، وتعكس مسيرة الرواية في دول اشتهرت بهذا الفن الجميل والراقي مثل إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وغيرها من الدول الغربية، وكذلك بعض الدول الآسيوية وأمريكا الجنوبية ودول إفريقية والتي أنتجت هي الأخرى الكثير من تجارب السرد التي تحمل خصوصية القارة السمراء، وكذلك الدول العربية، مع اهتمام كبير بإنتاج أجيال الشباب وتجاربهم المتنوعة في السرد الروائي؛ حيث احتوى المعرض على العديد من الأعمال الروائية لمؤلفين جدد من مختلف أنحاء العالم بطباعة أنيقة وتصميم مميز، وضمت بعض أقسام المعرض المؤلفات الروائية الأعلى مبيعاً، والتي في القمة، والحائزة جوائز دولية رفيعة مثل نوبل والبوكر العالمية وغيرها.

وإلى جانب الكتب الورقية، أو الروايات المصورة لمشاهير الأدباء التي تم إعدادها من أعمال سردية عالمية، فإن المؤلفات الروائية الإلكترونية كذلك شكلت حضوراً خاصاً ومميزاً؛ حيث احتشدت جنبات المعرض بالروايات في أقراص مدمجة؛ حيث انتشرت في الآونة الأخيرة الأعمال السردية بمختلف أشكالها والتي تسجل في أسطوانات يستمع إليها القارئ مع مؤثرات صوتية مثل الموسيقى وغيرها، وهذا غيّر كثيراً في مفهوم القراءة نفسها، بحيث لم تعد العين وحدها التي تستمتع بالمؤلفات بل والأذن كذلك؛ حيث يجد الزائر مؤلفات إلكترونية لكتاب كبار، وأدباء ملأوا الدنيا وشغلوا الناس.

*سرد عربي

وإذا كانت المؤلفات الأدبية الروائية المكتوبة باللغة الإنجليزية، قد شكلت حضوراً طاغياً داخل المعرض، بمختلف دور النشر العالمية المشاركة، فإن الأعمال السردية العربية هي الأخرى كان لها تواجد باهٍ ومختلف، حيث احتضن القسم العربي، العديد من الإصدارات الروائية لكبار الكتاب العرب من أجيال الزمن الروائي الجميل أمثال: نجيب محفوظ والطيب صالح وغسان كنفاني وإبراهيم الكوني، الذين سطروا تاريخاً مجيداً وجديداً للسرد العربي، كما عرضت أعمال لكتاب من جيل الشباب، خاصة للمبدعين الإماراتيين؛ حيث حفل المعرض بالعديد من العناوين الجديدة، بصورة يستطيع معها الزائر أن يكوّن فكرة عن مدى التطور الكبير الذي حدث في مجال الرواية العربية وانفتاحها على مدارس وتيارات عالمية، فهنالك أدب الخيال العلمي، والرواية البوليسية، وكذلك التي تنسج تفاصيلها من قماشة الفلسفة والفكر، والعديد من المواضيع الأخرى، ولعل الملاحظة الجديرة بالذكر أن المعرض ضم العديد من الأعمال السردية التي تغوص في التراث العربي، من روايات تاريخية وأخرى تستلهم تجارب الصوفيين العرب والمسلمين، فلا شك أن الرواية صارت أهم صنوف الأدب تداولاً في العالم العربي، وفي كل يوم يبرز كاتب جديد وعناوين جديدة.

ولعل اللافت كذلك في سياق الحديث عن المؤلفات السردية العربية في المعرض، وجود العديد من الكتب الصادرة عن دور النشر الإماراتية الكبيرة مثل: «مجموعة كلمات»، و«مشروع كلمة»، و«منشورات القاسمي»، وغير ذلك من الدور الإماراتية التي قدمت محتوىً سردياً مميزاً لروايات عربية، وأخرى مترجمة لكتاب عالميين، وكان اللافت كذلك وجود عدد كبير من إصدارات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مجال الرواية والمسرح، إضافة إلى العديد من المؤلفات لرواد السرد الإماراتي.

الرواية هي منتج الشعوب، هي التي تعكس النشاط البشري والاجتماعي في تفاصيله اليومية، مما يؤدي إلى التقارب والتعارف، فتسود قيم الخير والحب والجمال، إضافة إلى أن الرواية هي مدخل المتلقي نحو عوالم القراءة لما تتميز به من متعة وحيوية وتشويق، ولكونها تحمل الأفكار وتحتفي بالمعنى، فكان من الطبيعي أن يهتم معرض «بيغ باد وولف» بالرواية، في سياق اهتمام الدولة بالقراءة وتشجيعها عبر المبادرات والمشاريع المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4kh2vc3m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"