عادي

في اليوم العالمي للتراث

22:46 مساء
قراءة 3 دقائق
يوسف الحسن

د. يوسف الحسن

في اليوم العالمي للتراث، الذي يصادف يوم الثامن عشر من إبريل الجاري، وفي إطار استعدادات الدولة لاستضافة المؤتمر الدولي للمناخ (كوب 28)، من الضروري، والمناسب حقاً، استحضار مخاطر التغيرات المناخية، على بنية وهوية المواقع التراثية في الإمارات، وربط هذا اليوم العالمي للتراث بالمناخ، وبما يحفظ هذا التراث المادي، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة الصديقة للبيئة، ويحمي النظم البيئية في الصحراء والبر والبحر، من تداعيات ومخاطر التغيرات المناخية.

ومن المفيد أيضاً، تحفيز مشاركة الأجيال الشابة، وتلاميذ المدارس في برامج التوعية الهادفة لحماية التراث في إطار فهم التراث الطبيعي والثقافي، وأهميته، وبما يحمله من معانٍ ورسائل من أجيال سابقة إلى أجيال قادمة، وإرث وميراث نتسلمه من أجداد، وننقله إلى أحفاد وأبناء الغد، سواء كان تراثاً مادياً لمعالم ومواقع ومبان، أو كان أعمالاً فنية وقطعاً أثرية وغيرها، أو تراثاً غير مادي يشمل علوماً وتراثاً شعبياً وأدباً ومسرحاً واحتفالات دينية ومنظومات قيم اجتماعية، وقواعد سلوك تسكن في الضمير الفردي والجماعي... إلخ.

وفي اليوم العالمي للتراث، نحتاج إلى قراءة عميقة للتراث، قادرة على المواءمة بينه وبين مقتضيات الحداثة والعصر، في أزمنة راهنة اتسمت بثورات عديدة في المعرفة والتقانة والاتصال والتحولات.

نحتاج إلى قراءة نقدية تُنقي التراث (وهو صناعة بشرية قابلة للنقد) وتمنحه القدرة على مواكبة العصر وتجاوزه وفتح الآفاق أمامنا.

آن الأوان للتعامل مع هذا التراث الفكري والاجتماعي من خلال الفهم الحي المتطور، بعيداً عن الفهم الاستشراقي، أو إدارة الظهر لهذا التراث، وإنما يتطلب هذا الفهم حسن اختيار الآليات وعدة النقد والقراءة، ونخضعه لحاجاتنا ومشكلاتنا الحياتية، وبما يعزز تأسيس ذاتنا العربية ضمن تحديات العصر.

التراث هو كائن صامت، والناس هم الذين يخرجونه من صمته، أو ينطقون به، ليساهم في تجهيز الوعي الجمعي بذاكرة ثقافية تشعر الفرد بأن تراثه حي، يتوارثه جيلاً بعد جيل، ويعيد إبداعه ويطوره، ويوثقه ويحميه ويبرزه، ويساعده على الحوار مع ثقافات مغايرة.

نحتاج لتوثيق التراث وإحيائه في التعليم والدراما وتعزيز الوعي به لدى الأجيال الناشئة، من خلال مؤسسات الثقافة والإعلام، و«رقمنة التراث»، وتعزيز الثقافة الجماهيرية التي تعايشت مع التراث الثقافي العربي، مع الأخذ بعين الاعتبار التراث المحلي بما يحمله من خصوصيات تراثية، كالحرف الفنية واليدوية والمواقع الأثرية والفنون البصرية والاستعراضية والإبداع الوظيفي كالعمارة والأزياء التراثية.. إلخ.

لنتذكر، ونحن ندعو لحماية التراث المادي وغير المادي، أن للصناعات الإبداعية التراثية الثقافية، دوراً كبيراً في الناتج الإجمالي للدول، وفي توفير فرص العمل، وقد فاق إسهامها في الناتج الإجمالي في بعض دول العالم المتقدم ما تسهم به صناعات كبرى مثل الصناعات الغذائية وقطاعات البناء وغيرها.

يمثل التراث الثقافي، بشقيه المادي وغير المادي، أهمية كبيرة لدراسة تاريخ أي شعب، وفهم تطوره عبر العصور، وبالتالي فإن الحفاظ عليه، وتنقيته من الشوائب، وتعزيزه من خلال القوانين الوطنية، والمعاهدات الدولية، ونشر الوعي به وبدلالاته وأبعاده، هو مهمة وطنية وضرورة إنسانية، لدوره المهم في بناء الجسور بين الحضارات والثقافات المختلفة، ولفهم الآخر وتقبله والتواصل معه.

في اليوم العالمي للتراث، نتذكر تراث مدينة القدس، والمسجل على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر لدى «اليونسكو»، وهو يتعرض لتهديدات وحشية مستمرة، نتيجة للاحتلال، وسياساته غير المسؤولة، لتغيير معالم الأماكن التاريخية والدينية، بما يخالف الأنظمة والقوانين الدولية، وميثاق منظمة «اليونسكو».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/f8rm9f8y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"