البيانات والتركيز على نتائج الإجراءات المتعلقة بالكربون

21:38 مساء
قراءة 3 دقائق

باتريشيا توريس*

تواجه الجهود العالمية نحو تحقيق صافي صفرية صعوبات مختلفة، فهناك فجوة واسعة بين الواقع الحالي والطموحات التي نرغب ببلوغها. فوفقاً للأمم المتحدة، ارتفعت انبعاثات الكربون بنسبة 11٪ منذ عام 2010، ويتعين علينا خفضها بنسبة 43٪ بحلول عام 2030، ويزداد تحقيق هذا المطلب صعوبة في عالم يواجه العديد من الأزمات مثل التضخم والحروب والركود الاقتصادي.

في رحلتي الأخيرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لفتتني الطريقة التي تواجه بها الدولة مسألة البيانات. وركزت المحادثات التي أجريتها مع ممثلين عن القطاعين العام والخاص على الحاجة الملحة إلى العمل، وعلى أهمية التحول الشامل نحول الطاقة النظيفة، مع التركيز على التمثيل العالمي والابتكار والشراكات التي تقود النتائج الملموسة. وقد لاحظت خلال هذه الزيارة أن دولة الإمارات تتعامل مع هذه المهمة بتواضع، انطلاقاً من إدراكها لعظمة التحدي الذي يواجه المجتمع، والشعور بالمسؤولية، والسرعة المطلوبة في التنفيذ.

في الوقت الذي نواجه فيه التحديات الهائلة الناجمة عن تدمير الموائل الطبيعية وتغير المناخ، فقد بات من الضروري أن نركز على نتائج أعمالنا، وليس على المخرجات فقط. وهذا يعني من الناحية العملية المطالبة بتخفيض حقيقي في الانبعاثات بدلاً من الاقتصار على الإفصاح عن معدلات انبعاثات الكربون.

أولاً، يتعين علينا الاتفاق على المبادئ الأساسية، مثل أهداف التحول الخضراء القائمة على العلم، وخطط التحول الموثوقة إلى صافي الانبعاثات الصفري، وإدراج التنوع الطبيعي والحيوي في خطط الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري. يجب أن تكون هذه المبادئ عالمية في طبيعتها، ويجب اعتمادها في جميع أنحاء العالم.

ثانياً، يتعين علينا تطبيق معيار عالمي وتصنيف بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. يجب أن يكون هذا المعيار بسيطاً ويسير الفهم، ويجب أن يساهم فيه جميع المشاركين في السوق. سيساعد التصنيف المشترك مع العتبات الإقليمية على تحديد ما يعدُّ «أخضر»، وسيضمن الاتساق في عمليات إعداد التقارير.

ثالثاً، يتعين إلزام الشركات والحكومات بعملية الإفصاح، ويجب أن يشمل ذلك التقارير المتكاملة والرقمية، فضلاً عن التحقق منها وتدقيقها من أطراف مستقلة.

رابعاً، يتعين الاستثمار في رأس المال البشري، حيث سيقود الناس مسيرة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة، وستفضل هذه الجهود ما لم نتمتع بالمهارات والقيادة المناسبة. لهذا السبب نشهد تركيزاً متزايداً على بناء القدرات، وتزداد الحاجة إلى فرق قيادة جديدة تتسم بالجرأة والطموح والإبداع والتعاون والإقدام في مواجهة المخاطر.

أخيراً، يجب زيادة الاستثمارات المرتبطة بمشاريع الاستدامة. ووفقاً لبحث أجرته بلومبيرغ، يتطلب الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة تجاوز التدفقات المالية للوقود الأحفوري بمقدار أربعة أضعاف خلال العقد المقبل. فمقابل كل دولار يتم إنفاقه حالياً على الوقود الأحفوري، يتم إنفاق 0.8 دولار فقط على الطاقة النظيفة. ويتمثل هدفنا في إحداث تغيير كبير في هذه المعادلة، حيث يجب أن ينفق العالم 4 دولارات على الطاقة النظيفة مقابل كل دولار ينفقه على الوقود الأحفوري.

أود أن أؤكد في الختام على أهمية مواجهة الحقائق والبيانات وبدء العمل الجاد، حيث إننا سنتمكن من خلال تنفيذ هذه الخطوات من الوصول إلى مستقبل مستدام قابل للحياة بيئياً واقتصادياً. لقد أبدى جميع الأشخاص الذين التقيتهم في دولة الإمارات استعدادهم لمواجهة البيانات، وأنا أتطلع إلى مواصلة هذه المحادثات قبيل انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في دولة الإمارات COP 28 لاحقاً هذا العام.

* الرئيس العالمي لحلول التمويل المستدام في بلومبيرغ إل.بي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4n3526bt

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"