التغيرات في بيئة الاستدامة والخدمات اللوجستية

22:20 مساء
قراءة 3 دقائق

عبدالله محمد الأشرم *

تمثِّل استضافة دولة الإمارات النسخة ال 28 من مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» هذا العام فرصةً مهمةً لإبراز التزام الدولة بمبادئ الحماية البيئية والنمو المستدام للأعمال، حيث سيجمع هذا المؤتمر الدولي البارز القادة من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم 80 ألف مندوب رسمي و140 رئيس دولة وأكثر من 5 آلاف إعلامي، للبحث في قضية التغير المناخي وأهمية حشد الجهود لبناء مستقبل مستدام. كما يساهم هذا الحدث في ترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركزٍ للنمو الاقتصادي المستدام، والتأكيد على ضرورة اتباع الممارسات الصديقة للبيئة في جميع القطاعات، بما في ذلك التصنيع والسياحة والخدمات اللوجستية.

يعتبر قطاع الخدمات اللوجستية أحد القطاعات الحيوية في الاقتصاد العالمي، حيث يساعد في تسهيل حركة البضائع وضمان توفّر المنتجات ودعم مختلف القطاعات. إلَّا أنه في الوقت ذاته يعد أحد المسببين لانبعاثات الغازات الدفيئة، في ظل استخدامه للوقود الأحفوري في عمليات النقل والتخزين الأمر الذي يؤثّر بدوره سلباً على البيئة. في هذا الصدد، يمكننا المساهمة في التخفيف من الأثر البيئي من خلال تعزيز تبني الممارسات البيئية المستدامة كأولوية أساسية، ويشمل ذلك استخدام المنشآت والمخازن التي تعمل وفق أعلى معايير الاستدامة وكفاءة الطاقة المستخدمة، بالإضافة إلى المركبات التي تستخدم الوقود البديل وطرق النقل المثلى، إلى جانب تطبيق حلول التغليف المستدامة. يلعب شركاء الأعمال دوراً مهماً في هذا المجال، حيث يجب التأكد من التزامهم بمعايير الاستدامة للمساهمة في تطوير مجمع أعمال صديق للبيئة.

بالإضافة إلى ذلك، تحرص الشركات اليوم على النظر في الأثر البيئي الناجم عن عملياتها، في ظلِّ المخاوف البيئية والحاجة إلى تحقيق الاستدامة، والتي من شأنها رسم ملامح جديدة لقطاع اللوجستيات، ويستدعي ذلك الاستثمار في التكنولوجيا وتطبيق استراتيجية التحوّل الرقمي المتكاملة للحد من البصمة البيئية من خلال تحقيق التنقل النظيف وخفض التكاليف وتعزيز سلاسة العمليات. ومن المؤكد أن الشركات التي تتقاعس عن اعتماد الممارسات الصديقة للبيئة والتكيف مع التوجهات الجديدة ستتعرَّض لمخاطر طويلة الأمد ستعرقل استمراريتها وتنمية أعمالها مستقبلاً.

وتقدّم التقنيات الرقمية الحديثة حلولاً مختلفة لخفض الأثر البيئي الناجم عن أعمال قطاع الخدمات اللوجستية، ويتوجَّب على قادة الأعمال تحديد التقنيات التي تتماشى مع نموذج الأعمال الخاص بالشركة وتطوير استراتيجيات الرقمنة المرنة، بالإضافة إلى دمج المركبات الكهربائية في أعمالها، والتي تحد من انبعاثات غازات الدفيئة والاعتماد على الوقود الأحفوري. علاوة على ذلك، فإن تبني مصادر الطاقة المتجددة من خلال تسخير الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو غيرها من بدائل الطاقة المستدامة المستخدمة في تشغيل العمليات، يقلل من البصمة الكربونية.

نحن في مجموعة بريد الإمارات ندرك، التأثير المستمر الذي تطرحه عملياتنا اليوم على البيئة والمجتمع ورفاهية الأجيال القادمة، والذي دفعنا إلى إدراج الاستدامة كأولوية في استراتيجية أعمالنا. وها نحن اليوم نتنافس مع اللاعبين والشركاء العالميين الآخرين ونبحث في تطبيق أفضل الممارسات في عملياتنا اليومية، حيث انضممنا مؤخراً بشكلٍ رسمي إلى «التعهد المناخي» وهو مجتمع متعدد القطاعات من الشركات التي تعمل معاً لمعالجة التغير المناخي بهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2040، بما يتماشى مع المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 لدولة الإمارات. وننظر بثقةٍ حيال الدور المحوري الذي سيؤديه مؤتمر الأطراف هذا العام، بوصفه منصة تعاونية دولية عالية المستوى، في دفع عجلة الاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية داخل دولة الإمارات وخارجها.

وانطلاقاً من مسؤوليتنا كقادة أعمال، يتعين علينا العمل على التصدي للتحديات الراهنة، وتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وتحرص مجموعة بريد الإمارات على مواصلة السير بعزمٍ وإصرار في مسيرة الاستدامة ومضاعفة جهودنا لمواجهة كافة التحديات التي تعترض طريقنا بهدف تحقيق الرؤى والمستهدفات البيئية. ومن المؤكد أن مؤتمر الأطراف 28، وغيره من المنتديات المناخية العالمية، سيساهم في إرساء الدعائم لبناء مستقبل مستدام من خلال بناء أطر للتعاون بين القادة العالميين، وتعزيز التوظيف الأمثل للموارد، ودعم تبني الحلول الرقمية. كما أننا على ثقةٍ بأن التعاون والعمل المشترك هو أساس تحقيق الاستدامة في جميع المجالات وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

* الرئيس التنفيذي لمجموعة بريد الإمارات

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mry7tj8u

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي لمجموعة بريد الإمارات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"