عادي

تاريخ خاص بالكذب

23:33 مساء
قراءة دقيقة واحدة

يتساءل المفكر الفرنسي جاك دريدا (1930 – 2004) في كتابه «تاريخ الكذب»، والكتاب في الأصل عبارة عن محاضرة ألقاها الفيلسوف الفرنسي بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس (إبريل 1997)، حول إمكانية تشكيل تاريخ خاص بالكذب من حيث هو كذلك، فهناك صعوبة لا يمكن تجاهلها إذا عزمنا على القيام بمشروع من هذا القبيل، وهي تكمن في ضرورة التمييز بين تاريخ الكذب كمفهوم وتاريخه في حد ذاته، والذي يحيل على عوامل تاريخية وثقافية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على تحديد أوجه القرابة التي توجد بين الكذب ومفاهيم أخرى، فيجب على سبيل المثال تأكيد، كما يفعل كانط، العلاقة العضوية التي تربط الكذب بالوعد، ومن ثم بالحنث، فالكذب هو في خاتمة التحليل إخلال بالوعد الذي أعطاه الكاذب ضمنياً للآخرين بقول الحقيقة لهم، وبالتالي فهو يسعى إلى توجيه سلوكهم.

كما أنه يجب العمل على وضع حدود صارمة بين الكذب والخطأ، ويجب من ثم الافتراض بأن نقيض الكذب ليس هو الحقيقة أو الواقع، بل الصدق، فالقديس أوغسطين يذهب إلى أنه بإمكاننا أن نقول قولاً خاطئاً دون أن نعتبر كاذبين، وذلك إذا كنا نعتقد، عن حسن نية، بأن ما نقول صحيحاً، وألا يكون قصدنا هو خداع الآخرين، كما أنه بإمكاننا أن نقول قولاً صحيحاً وأن نعتبر رغم ذلك كاذبين، إذا كان القصد من قولنا هو خداع الآخرين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2rvfff4c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"