الغرب وازدواجية المعايير

00:50 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يعكس إصرار بعض الجهات المتطرفة في الغرب على تكرار إحراق المصحف الشريف، والإساءة للمقدسات والرموز الدينية، واستفزاز مشاعر المسلمين في كل مكان، بدعم واضح وصريح من بعض الحكومات الغربية، تحت ستار «حرية التعبير» المعايير المزدوجة للغرب في التعامل مع الديمقراطية وحقوق الإنسان.

فما حدث ويحدث في السويد والدنمارك وهولندا وغيرها من اعتداءات على المقدسات الإسلامية، يتعدى حدود الحريات ومعايير الديمقرطيات الغربية، إلى استهداف الإسلام والمسلمين بشكل متعمد، ويطرح أسئلة كثيرة حول الجوانب الأخلاقية التي تحاول تلك الديمقراطيات ترويجها في كل أنحاء العالم؛ إذ رغم الغضب الشعبي والرسمي الذي أثارته هذه التعديات في العالمين العربي والإسلامي، والإدانات الواسعة التي صدرت في الساحة الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، فإن حكومات بعض الدول الغربية تجاهلت كل هذه الإدانات، وضربت عُرضَ الحائط بكل المناشدات العربية والإسلامية والدولية بالاحتكام إلى صوت العقل ووقف التعديات التي تسيء إلى الإسلام والمقدسات الدينية. ما يعني أن حكومات تلك الدول التي تمنح التراخيص للقوى والأحزاب اليمينية المتطرفة للتعدي على هذه المقدسات، رغم إدراكها أن الحريات التي تتغنى بها تنتهي عند الاعتداء على حريات ومقدسات الآخرين، تصرّ على مواصلة انتهاج خطاب الكراهية وإثارة الفتن والتفرقة بين الشعوب، في تناقض صارخ مع الشرائع السماوية والقوانين الدولية ومبادئ قيم التعايش والتسامح والسلام، الأمر الذي أدى إلى تحرك عربي وإسلامي مباشر؛ حيث تم استدعاء سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية احتجاجاً على الإمعان في تلك التعديات، ووصل الأمر إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق والسويد، وسط مخاوف من انجرار الشارع العربي وربما الجميع إلى الفوضى. فما حدث بشأن إحراق السفارة السويدية في بغداد، وهو أمر مرفوض ومدان، بطبيعة الحال؛ لأن العلاقات بين الدول تحتّم عليها حماية المقرات والبعثات الدبلومسية بموجب القانون الدولي، ناهيك عن القاعدة القرآنية التي تنص عليها الآية الكريمة: «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، يمثل إنذراً للجميع بضرورة العودة إلى المحافل الدولية ورسم خطوط واضحة بين ما يعتبره الغرب «حرية تعبير» والسماح بالإساءة للمعتقدات الدينية.

يحسب للإمارات موقفها الصارم والقوي، حينما وضعت النقاط على الحروف أمام اجتماع الأمم المتحدة، في المرة الأولى، بعد إحراق المصحف الشريف أمام مسجد استوكهولم المركزي في العاصمة السويدية، مؤكدة رفض الدولة لجميع الممارسات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، مشيرة إلى أن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها وتكرارها في العالم، إلى جانب استدعاء السفيرة السويدية في أبوظبي، وإبلاغها رفض الإمارات القاطع لسماح حكومة السويد لمتطرفين بحرق نسخة من القرآن الكريم، وتهربها من مسؤوليتها الدولية، وعدم احترام القيم الاجتماعية، مؤكدة أن «خطاب الكراهية والتطرف يتناقض مع الجهود الدولية الساعية لنشر قيم التسامح والتعايش والسلام بين الشعوب».

إنه الموقف الذي يجب أن تحذو حذوه جميع الدول؛ كونه الأساس في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"