عادي

العقوبات تغرق النيجر في ظلام ما قبل الحرب

17:33 مساء
قراءة 3 دقائق

النيجر(أ ف ب)

يطلق سكان حيّ لازاريت الشعبي في نيامي صيحات الفرح مع عودة التيار الكهربائي بعد انقطاع خمس ساعات، أحد الآثار المباشرة للعقوبات الاقتصادية التي فرضت على النيجر بعد انقلاب 26 يوليو/تموز، الذي يستعد لحرب مجهولة المعالم، هددت بها مجموعة غرب إفريقيا لاستعادة الرئيس المحتجز محمد بازوم.

في حي دان زاما المجاور، يسعى مصفّف الشعر محمد الى تهدئة أطفال ضاقوا ذرعا بانتظار عودة التيار الكهربائي لقصّ شعورهم لديه، ويكرر القول لهم «سورو، سورو» («الصبر» بلغة الزارما).

وتزايد انقطاع التيار الكهربائي في النيجر بعد إعلان نيجيريا الأربعاء، وقف إمداد جارتها بالطاقة التزاماً بعقوبات فرضتها عليها دول غرب إفريقيا رداً على الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب ديموقراطيا محمد بازوم.

وأرفقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) العقوبات بإمهال الانقلابيين أسبوعاً انتهى الأحد، لإعادة الانتظام الدستوري إلى الحكم.

وتتولى نيجيريا ورئيسها بولا تينوبو رئاسة جماعة «إيكواس». وتتضمن العقوبات وقف التعاملات المالية والخدمية مع النيجر بما يشمل تلك المرتبطة بالطاقة.

وعادة تعاني نيامي انقطاعات في التيار الكهربائي تعود إلى أعطال الشبكة في نيجيريا، اذ إن شركة النيجر للكهرباء «نيجيلك» تشتري 70 بالمئة من الطاقة من البلد المجاور، وفق تقرير نشرته عام 2022.

وبات لزاما على «نيجيلك» الاعتماد على معامل الانتاج المحلية المحدودة القدرة، من أجل توفير الكهرباء لسكان النيجر المقدّر عددهم بمليوني نسمة.

ورجح مسؤول في الشركة أن ترتفع قدرة الانتاج المحلية اعتباراً من 25 أغسطس/آب مع دخول محطة جديدة لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 30 ميغاوات، بنيت قرب نيامي بقرض من فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في النيجر، وهبة من الاتحاد الأوروبي.

الى أن يحين موعد ذلك، تبقى خيارات أبناء النيجر محدودة.

وقال مصفّف الشعر محمد «إلى الآن، معدل الانقطاعات أي ما بين أربع وخمس ساعات، قابل للاحتمال، لكن نخشى الأسوأ في حال وقوع عطل» في معامل الانتاج.

ومن أجل الاستمرار في العمل، لجأ محمد الى عدد من آلات الحلاقة التي يمكن شحنها بالطاقة الشمسية، إلا أنه أكد تراجع عدد زبائنه من «زهاء 15» يومياً الى «خمسة على الأكثر» حالياً.

«بفارغ الصبر»

في مشغل عيسى أمادو المواجه لصالون محمد، يغيب صوت آلات الخياطة المتوقفة عن العمل بفعل انقطاع التيار الكهربائي.

وقال عيسى المنشغل بإبعاد البعوض عنه في غياب أي عمل آخر «ننتظر عودة التغذية (الكهربائية) بفارغ الصبر».

في حي مجاور، يمضي عدد من الشباب وقتهم في احتساء الشاي في نادٍ يطغى عليه ظلام دامس ناتج عن انقطاع الكهرباء، في صمت لا تخرقه سوى أصوات نقيق الضفادع من مستنقع غير بعيد.

وقال الشاب عزيز هاما بتهكّمٍ «على نيجيريا أن تجد وسيلة ضغط أخرى لأننا محصّنون حيال انقطاع الكهرباء، يمكننا أن نتحمّل لفترة طويلة».

رغم ذلك، لكلّ أزمته مع غياب الكهرباء الذي استحال مشكلة كان يستحسن ألا تضاف إلى الهموم الأخرى.

وأوضحت كادي موكايلا التي تدير مطعماً إن «هذه الانقطاعات تأتي في وقت سيئ حيث ترتفع أسعار المواد بسبب الهجمات (الجهادية) التي تؤثر في تموين البلاد»، مضيفة «الزبائن غير راضين لأنه لم يعد لدينا مشروبات باردة».

أما الرجل السبعيني الحاج تيدجاني فبسبب «هذه الانقطاعات اللعينة، لم يعد في إمكاننا سماع نداء الصلاة من مكبرات» المساجد.

ولدى انقطاع التيار، تتولى مولدات الكهرباء من مختلف الأحجام التعويض على قطاعات تجارية عدة ومحطات الوقود والصيدليات، وصولا إلى الفيلات الفخمة.

وليلاً، يتجمع الباعة الصغار على مقربة من الطرق المضاءة بأعمدة عاملة بالطاقة الشمسية، في حين يقوم آخرون بالاعتماد على مصابيح صينية الصنع تعمل بالطاقة الشمسية أو البطاريات، ما تنفّك أسعارها ترتفع بسبب الأزمة.

«التضحية»

وبدأت بعض القطاعات تبحث عن بدائل استعداداً لأزمة طويلة.

وقال موسى أبا الذي يملك صيدلية إن المسألة لم تعد تقتصر على انقطاعات محدودة «وتحسّباً لذلك، قمنا بشراء مولد كهرباء جديد».

واضطر آخرون من أصحاب المتاجر إلى التأقلم مع الوضع الراهن. فبعض من يبيعون مواد مثلّجة باتوا يضطرون لتخفيف الكميات التي يشترونها خشية تعرّضها للتلف في ثلاجاتهم.

وكان قائد المجموعة العسكرية التي نفذت الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني حذّر من أن «الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون صعبة على بلدنا».

ورغم الصعوبات، أكد أمين المستودع سولي كانتا استعداد مواطنيه «للتضحية القصوى للتخلص من الاستعمار الجديد».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3u895s7c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"