الاستدامة والتجارة الإلكترونية

21:39 مساء
قراءة 4 دقائق

دروف أجروفال *

الميل الأخير من عملية التوصيل عنصر حيوي في سوق التجارة الإلكترونية الناشئة في الشرق الأوسط، ويواجه هذا العنصر عدة تحديات في تلبية مطالب المستهلكين؛ مثل: شوارع المدن المكتظة بالسكان، والمخاوف البيئية المتزايدة، فقد أبرزت هذه العوائق الحاجة إلى حلول مبتكرة، تركز على الاستدامة والتنقل الكهربائي. ونلقي خلال السطور التالية نظرة سريعة على بعض هذه التحديات الحرجة التي تساعد التكنولوجيا الحديثة في حلها.

يشكل الازدحام في المناطق الحضرية، عقبة كبيرة أمام الميل الأخير من عملية التوصيل، ووفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن أن يؤدي ازدحام المرور في بعض المدن، إلى زيادة أوقات التسليم بنسبة تصل إلى 30%، يؤدي إلى تأخير في التسليم، وزيادة الكُلف، وعدم رضا العملاء.

وتلجأ الشركات إلى بدائل مستدامة؛ مثل: المركبات الكهربائية والدراجات الهوائية، للتعامل مع هذه المشكلة؛ حيث توفر المركبات الكهربائية العديد من المزايا، بما في ذلك تقليل التلوث البيئي وكُلف التشغيل المنخفضة، وقد بدأ اعتماد هذه المركبات في الميل الأخير من عملية التوصيل في اكتساب زخم كبير، فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن ينمو الطلب عليها في دولة الإمارات، بمعدل 30% سنوياً، بحلول عام 2030. وستحتاج أبوظبي وحدها إلى نحو 70000 نقطة شحن، لتلبية الطلب المتزايد في سوق المركبات الكهربائية. إضافة إلى ذلك، توفر السيارات والدراجات الكهربائية، حلولاً مرنة وفاعلة للتنقل في المناطق المزدحمة، ما يسهم في تحقيق تسليمات أسرع وأكثر موثوقية.

أصبحت الاستدامة البيئية، مصداقية ملحة لسوق الميل الأخير من عملية التوصيل، ووفقاً لمنتدى النقل الدولي، يتسبب نقل البضائع في المدن بنسبة 30% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حركة المرور، ما يؤكد الحاجة المُلحة إلى اعتماد ممارسات أكثر صداقة للبيئة في عمليات التسليم الأخيرة.

ويلعب اعتماد المركبات الكهربائية، دوراً حاسماً في التخفيف من التأثير البيئي، فهي لا تنتج أية انبعاثات من العادم، ما يقلل من تلوث الهواء، ويحسن البيئات الحضرية، ويمكن أن يكون إجمالي كُلفة امتلاك الشاحنات الكهربائية، أقل بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بشاحنات الديزل. وقد التزمت شركات مثل أمازون بنشر 100000 مركبة تسليم كهربائية، بحلول عام 2030. ويسهم التحول الرقمي، في الميل الأخير من عملية التوصيل الأخيرة، في الحد من التأثير البيئي للشركات، كما يساعدها أيضاً على تقليل كُلف التشغيل بشكل كبير، من خلال تقليل الحاجة للسفر إلى مسافات أقل، وزيادة إنتاجية التسليم، وتخفيض الاعتماد بشكل كبير على الورق.

يلعب اعتماد إجراءات فاعلة في الميل الأخير من عملية التوصيل، دوراً حاسماً في تقليل الكُلف، وتلبية توقعات العملاء، في حين يؤدي التوجيه غير الفعّال، والمحاولات المتكررة للتسليم، وعدم الامتثال للوقت المحدد، إلى زيادة الكُلف، وتقليل رضا العملاء، وتستخدم الشركات التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، لتعزيز الكفاءة التشغيلية.

وأسهمت تقنيات تحسين عمليات النقل المدعومة بالذكاء الاصطناعي، في تخفيض وقت السفر واستهلاك الوقود بشكل ملحوظ. ووفقاً لدراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يسهم تطبيق خوارزميات تحسين عمليات النقل، في الميل الأخير من عملية التوصيل، في تقليل المسافات المقطوعة، بنسبة 10-40%. من خلال تحليل البيانات الحية، حول أنماط حركة المرور ومواقع التسليم وعوامل أخرى، وتولد هذه الخوارزميات طرقاً محسّنة لسائقي التسليم، ما يعزز الكفاءة العامة، ويقلل من الكُلف التشغيلية.

من الضروري التعاون بين كافة الجهات المعنية، للتعامل مع حجم وتعقيد سوق الميل الأخير من عملية التوصيل، ويمكن للشبكات والموارد المشتركة، تعزيز الكفاءة والاستدامة بشكل كبير؛ حيث تسمح مراكز التسليم المشتركة الموجودة في مناطق حضرية بموقع استراتيجي، للعديد من التجار بتجميع شحناتهم، ما يقلل من عدد رحلات التسليم الفردية.

إضافة إلى ذلك، تعد الشراكات مع البلديات والسلطات المحلية، أمراً حاسماً لتمكين عمليات التسليم الأخيرة بشكل أسهل، ويمكن أن تسهم الممرات المخصصة للتسليم ومواقف السيارات، في تسريع عمليات التسليم، ما يقلل من الازدحام، ويعزز الكفاءة العامة، ويمكن للشركات تحسين عمليات التسليم الأخيرة، وفي الوقت نفسه، تقليل تأثيرها البيئي من خلال الاستفادة من التعاون والموارد المشتركة.

تواجه سوق الميل الأخير من عملية التوصيل، تحديات تراوح بين زيادة انبعاثات الكربون وزيادة كُلف التسليم. ومع ذلك، باستخدام منصات تسليم البرامج كخدمة «إس أي أي إس»، المستندة إلى التكنولوجيا السحابية، يحقق القطاع تقدماً كبيراً فيما يتعلق بالاستدامة والتنقل الكهربائي، وتعمل الشركات على تحويل مشهد الميل الأخير من عملية التوصيل، من خلال اعتماد المركبات الكهربائية واستغلال تقنيات تحسين الطرق المتقدمة، وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية، وتغطي هذه الحلول الثورية المخاوف البيئية، وتعزز الكفاءة التشغيلية، وتقلل الكُلف، وتحسن رضا العملاء. ومع استمرار تطور القطاع، يحمل التوجه نحو الاستدامة، آفاقاً واعدة، لضمان الفاعلية ومراعاة البيئة في الميل الأخير من عمليات التوصيل.

* مدير العمليات والشريك المؤسس لشركة «شيبسي»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j746wspr

عن الكاتب

مدير العمليات والشريك المؤسس لشركة «شيبسي»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"