أسئلة الاستشراف الواقعي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل خامرتك هواجس ووساوس في ما ستسفر عنه آفاق النظام العالمي الواعد؟ من غير المعقول أن يصدّق العاقل أن إعادة الاعتبار والكرامة والسيادة إلى القانون الدولي، تعني انتفاء الحزازات والمشاحنات والمنافسات الحامية الدامية. هذه المسائل ليست تيارات فنّية أو موضات، حتى يأتي غيرها فيضعها في الظل، أو ينسفها نسفاً. شؤون الغرائز تحتاج إلى ما يتجاوز عشرات ألوف السنين. في علم الأحياء، تعود جذور الصراع لدى الكائنات الحية إلى الحمض النووي، عند ظهور تعدديّة التخصصات التي أدّت إلى تشكيل أعضاء مختلفة في الجسم الواحد. كلها تحمل بصمة وراثيّة مشتركة، لكن الكبد غير القلب، غير الرئة، غير العين، الأذن، الرجل، اليد... الحديث هنا عن أداء بيولوجي يعود إلى مئات ملايين السنين، فليس ممكناً تغييره بقانون دولي أو نظام عالمي فيه لمسات إنصاف، ونسبة أقلّ من الإجحاف.
لا نذهب إلى بعيد، فخذ الخبز من الفرن. كل الأمل معقود في ناصية التنين، فقد أعلن الرئيس شي جين بينغ أن «مجموعة بريكس لا تحمل بصمة الحمض النووي الصيني». هذه لغة غير: «من ليس معنا فهو ضدّنا». لكن، أين المفرّ من إملاءات الغريزة؟ تأمّل مفارقات المنطق: لكي تفتح الصين حنفيّات التنمية في البلدان الإفريقية: كالمساعدة على التحرر من قروض البنك الدولي وصندوق النقد، تشييد البنى التحتية، تحديث الاتصالات والمواصلات، توسعة مجالات التجارة وتنويعها، تطوير الزراعة والصناعة، النهضة التعليمية، تأسيس البحث العلمي... من الضروري أن تكون في قلب مواقع الميادين إشرافاً وتأهيلاً. هل يشك عاقل في أن أولوية الأولويات هي أن تتخلّص تلك الدول من العلاقات العسكرية والتسليحية الغربية؟ لهذا الغرض الحيوي، بدأت الصين من الآن تصدير أسلحتها إلى القارّة السمراء وهي تشدو: «سمراء يا حلم الطفولة» الماوّية. هل يُعقل أن يزرع التنين لكي يأخذ الفيل والحمار والديك، الحقول وحصادها؟ تلك قسمة ضيزى، لا يمنحها العقل «فيزا». أكبر فخّ خادع اخترعه المخ البشري هو المنطق. صدّق من صدّق، وطقّ مَن طقّ.
زبدة القول أن انحدار الإمبراطوريات ليس انهيار سقف بسكويت. أفولها ليس في رومانسية دموع الشموع. لهذا نرى الدول التي لها عين المجهر الذرّي، وفي الدماغ مقراب «جيمس ويب»، تضع في كل لحظة أمام ناظريها المثل اللاتيني الاستراتيجي: «إذا أردت السلام، فاستعدّ للحرب». ولماذا الأمثال والآية الكريمة حاضرة ناظرة: «وأعدّوا لهم» بصرف النظر عمّن هم، لأيّ طارئ طارق. العالم الآمن هو ذلك العالم الذي لا تشعر فيه الشعوب بحلاوة الحديث عن سياسة اللاعنف، إلاّ عندما تكون تروس حماتها ترسانات. الهند تحمي سياسة اللاّعنف بالرؤوس النووية!
لزوم ما يلزم: النتيجة الجناسية: السّكينة بلا حماية مسكينة، ففي الغاب ترى الأمان غاب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ty76hpsn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"