معضلة أخلاقية.. استبدال الموظفين بالذكاء الاصطناعي

21:13 مساء
قراءة 4 دقائق

ناجي حداد *

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير العالم بوتيرة مذهلة؛ إذ يحقق نمواً يقرب من 38% في كل عام، إذ تظهر مثل هذه التقنيات الجديدة في كافة القطاعات، الأمر الذي سيغيّر أسلوب عملنا إلى الأبد، وهو ما يترك الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما، وهو إما مواكبة تلك التغييرات أو التأخّر عن الركب. وفي بعض الحالات، قد يصبح لدخول الذكاء الاصطناعي في شتى القطاعات أثر بالغ في فقدان الناس لوظائفهم التي بوسع الذكاء الاصطناعي القيام بها بشكل أفضل وأسرع من البشر.

وعند الحديث عن الذكاء الاصطناعي في قطاع الضيافة، هل يمكن لتبنّي هذه التقنيات أن يلغي الوظائف بشكل نهائي؟ وهل يعني أننا سنواجه معدلات غير مسبوقة من البطالة؟ هذا الأمر غير صحيح.

لم يعد لدى معظم مالكي الأعمال والشركات في قطاع الضيافة خيار بخصوص أتمتة العمليات، فالحفاظ على التنافسية والأرباح وتقديم الخدمات المتميزة للعملاء يرتبط بشكل وثيق بالاعتماد على تقنيات الأتمتة، ولكن الاختلاف يكمن في تطبيق تلك التقنيات الذي قد يكون صحيحاً أو خاطئاً.

فبصفتك صاحب مشروع في قطاع الضيافة، لا بدّ لك من انتهاج الشفافية مع الموظفين، وإعلامهم بالتغييرات التي تجريها، وعن دور تلك التغييرات في مساعدتهم على أداء عملهم. وإن وجود الذكاء الاصطناعي وتقنيات الأتمتة لا يعني أنهما سيحلّان محل العنصر البشري في قطاع الضيافة، ولا ينبغي لهما ذلك، فالغرض منهما تحسين مكان العمل وجعله أكثر كفاءة، وإضفاء مزايا عديدة ذات مردود ملموس على العمل وعلى الموظفين.

إذا سألت العاملين في مجال الضيافة عن أهم المشاكل التي تواجههم، فستحصل على بضع إجابات مشتركة بشكل عام، وهي أن العمليات قد تكون معقدة بشكل كبير، ومن المفيد لهم الحصول على مساعدة إضافية؛ ليتمكنوا من تقديم أرفع مستويات الخدمة. كما أن الأخطاء كثيراً ما تحدث، إلى جانب مشاكل أخرى قد تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في حلّها دون الحاجة إلى التخلّي عن أي وظيفة. وفيما يلي مجموعة من الطرق التي تمكّن الذكاء الاصطناعي من تبسيط وتحسين أسلوب العمل للموظفين:

* تتمثل المهمة الأساسية للعاملين في مجال الضيافة في الحرص على رضا العملاء وسعادتهم، ويعني ذلك الحاجة إلى التعامل مع مئات الأمور في آن واحد؛ إذ عليهم أن يتقنوا تعدّد المهام بشكل احترافي، ولكن إذا كان بالإمكان أتمتة كل تلك المهام (وهو أمر سهل التحقيق)، يصبح بوسع العاملين التركيز بشكل أكبر على العملاء، كتقديم الطعام لهم أو الإجابة عن أسئلتهم أو تقديم التوصيات أو ترتيب الموائد أو حتى المزاح مع الضيوف بحكم الوقت الإضافي لديهم لفعل ذلك.

* من أكثر الأمور المزعجة في قطاع الضيافة ارتكاب خطأ في طلبات الطعام. ففي السابق كان العملاء يطلبون الطعام ليقوم النادل بكتابة الطلب وتمريره للمطبخ لتحضيره. وعندما يصبح الطبق جاهزاً، يقول العميل في بعض الأحيان إن هذا ليس ما طلبه، في الوقت الذي يكون الطبق هو بالضبط ما طلبه العميل، ولكنه يكون قد نسي ما طلبه في الأساس. ولكن في أحيان أخرى، قد يكون الخطأ في الطلب آتياً من النادل الذي دوّن تفاصيل الطلب بشكل خاطئ، أو من المطبخ الذي لم يتمكن من قراءة الطلب بشكل صحيح، أو حدوث خلط في الطلبات ووصول الطبق الخاطئ للعميل. وكل تلك الحالات، مهما كان سببها، كانت شائعة الحدوث، وتسبّب هدراً كبيراً في الموارد. أما اليوم فقد أصبح بوسع العملاء إدخال طلبهم بأنفسهم؛ ليتم إرساله إلى المطبخ بكل وضوح، ودون أن يكون هناك مجال لأن يقول العميل بأن طبقه مختلف عما طلبه في الأساس.

* يعد نقص الموظفين من أكبر مسببات الضغط في قطاع الضيافة؛ إذ يكون على الطواقم المتواجدة العمل بطاقة مضاعفة لإنجاز المهام المختلفة، دون أن يتمكنوا من التفاعل مع الضيوف بالشكل المطلوب. ويسبب نقص الموظفين مشاكل في كافة جوانب العمل، إضافةً إلى أن تجربة العملاء لن تكون على القدر المأمول. إلا أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرمجيات الأتمتة والحلول الآلية لطلبات توصيل الطعام، يعني عدم الحاجة للتعامل مع تلك الجوانب يدوياً، وتوفير الوقت لأمور أكثر أهمية بدلاً منها، كالتعامل مع الضيوف وإنجاز المهام في الموقع على أكمل وجه، حتى في حال حدوث نقص في عدد الموظفين.

* يستمتع الموظفون بأداء عملهم بشكل ملموس حين يُرفع عنهم عبء المهام المزعجة، إذ يباشرون عملهم يومياً وهم على ثقة بعدم معاناتهم للإرهاق الشديد أو مواجهتهم المشاكل الناجمة عن الأخطاء في استقبال الطلبات على سبيل المثال، مما يجعلهم سعداء أكثر بالتعامل مع الضيوف، وبالتالي قيامهم بالعمل على أتمّ وجه.

هناك مزايا لا حصر لها لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الضيافة، وفيما يلي عرض سريع لفوائد تبني هذه التقنيات بالنسبة للشركات العاملة في القطاع:

تحدثنا آنفًا عن المزايا التي تتحقق للعاملين في قطاع الضيافة عند استخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يؤدي إلى رفع مستوى رضا وسعادة الموظفين. ويعني ذلك بالنسبة للشركة تحسّن معدل الاحتفاظ بالموظفين - وهو ما سجله 86% من العاملين بنظام الورديات في قطاع الضيافة والذين شاركوا في دراسة أجرتها شركة «Deputy» لتحديد وسائل تحسين بيئة العمل - أما بالنسبة لأصحاب الأعمال، فإن ذلك يعني توفير تكلفة تعيين موظفين جدد وتوفير الوقت اللازم لتدريبهم، وتحسين خدمة وتجربة العملاء بشكل مستمر.

* المدير العام لشركة «دليفركت» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/28283jez

عن الكاتب

المدير العام لشركة «دليفركت» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"