عادي

التشبه بالجنس الآخر.. تشويه للفطرة

23:38 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة : بسيوني الحلواني

تشهد المجتمعات المعاصرة مسخاً وتشويهاً لكلا الجنسين، فهناك بعض الذكور يتشبهون بالإناث في الشكل العام والملابس والسلوك، وهناك بعض «المسترجلات»، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً دينياً واجتماعياً، بعد حلق بعض المطربات والممثلات لشعرهن من دون ضرورة طبية، وهو الأمر الذي يتطلب توضيحاً شرعياً من علماء الإسلام، لما هو مقبول أو محظور في ظهور بعض الرجال في هيئات خاصة بالنساء، والعكس.

الصورة

يقول د. شوقي علام، مفتي مصر: في مسألة اللباس، حكمة الإسلام واضحة في أمور؛ أهمها: الستر، والزينة، فقد امتن الله على عباده بما خلقه لهم من اللباس؛ فقال عز وجل: «يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ»، وأمرنا به، سبحانه وتعالى، فقال: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ»؛ أي: ما يستر عورتكم عند الصلاة، ولم تشترط الشريعة لباساً معيناً، لكنها وضعت له شروطاً عامة متى تحققت فيه كان الملبوس جائزاً في الشرع؛ منها: أن يكون طاهراً، غير مغصوب، ساتراً لما يجب ستره من البدن، لا شفافاً رقيقاً يظهر ما يجب ستره، ولا ضيقاً يصف العورة، وألا يكون ذهباً أو حريراً بالنسبة للرجال خاصة، إضافة إلى شرط عام في اللباس وفي غيره، وهو ألا يكون فيه تشبه من الرجال بالنساء، أو من النساء بالرجال.

حكم شرعي

عن الحكم الشرعي في مسألة التشبه، يوضح د.علام ذهب جمهور الفقهاء إلى أن النهي الوارد في الأحاديث محمول على الحرمة؛ لأن اللعن لا يكون إلا على مُحرَّم؛ وذلك لعموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن تشبه أحد الجنسين بالآخر، ومحل الحرمة عندهم إذا تحقق أمران: الأول: أن يكون التشبه مقصوداً؛ بأن يتعمد الرجل فعل ما يكون من شأن النساء، وأن تتعمد المرأة فعل ما يكون من شأن الرجال، أما مجرد التوافق من دون قصد وتعمد، فلا حرج فيه، فإذا انتفى القصد كان الفعل تَشَابُهاً لا تشبُّهاً، ولا حرج في التشابه فيما لم يُقصَد، والأمر الثاني أن يكون التشبه في شيء هو من خصائص الجنس الآخر، ومعيار ذلك: إمّا الدين، وإما الطبع والجِبِلَّة، وإما العرف والعادة، وكذا في الكلام والمشي. فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد؛ فرب قوم لا يفترق زي نسائهم عن رجالهم في اللبس، لكن تمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار.

واستدرك: لكن حمل جماعة من العلماء النهي الوارد في الأحاديث السابقة على الكراهة، وقالوا: ليس المقصود حقيقة اللعن؛ بل التنفير والتحذير من الوقوع في التشبه بين كل من الجنسين فيما اختص به الجنس الآخر، والقول بالكراهة قال به جماعة من الفقهاء؛ كبعض المالكية والشافعية وجماعة من الحنابلة، والفيصل عند فقهاء الشافعية أن التشبه لا يكون حراماً حتى يجمع المتشبه بين أمرين؛ الأول: ما يختص به أحد الجنسين دون الآخر، الثاني: ما تختص به هيئة أحدهما دون الآخر، وما لم يجمع المتشبه بين هذين الأمرين، فإن النهي يُحمل على الكراهة لا على الحرمة.

الموضة المباحة

عن موقف الشرع من اتباع الرجال في عالمنا الإسلامي لموضة الغرب في الملبس، يقول مفتي مصر: أمر اللباس في الإسلام منوط بالأعراف والعادات؛ أي أن الحرمة إنما هي في الهيئة المخالفة للإسلام؛ كأن تكون الملابس عارية أو شفافة أو مفتوحة تظهر العورة وما يجب ستره.

أما تقليد الإنسان المسلم واتباعه لعادات غير المسلمين وتقاليدهم: فإنما يحرم إذا كان مخالفاً لأحكام الشرع، أو كانوا مختصين به لأجل كونهم غير مسلمين، وقصد به المسلم مع ذلك تقليدهم من هذا الوجه، أما لو رأى في ذلك ما يعجبه من جهة الحضارة، أو التمدن، أو الأخلاق، أو غير ذلك مما لا يخالف الشريعة ولا أحكامها، فإن له أن يفعله ولا حرج عليه في ذلك، وليس ذلك من التشبه المحرم في شيء؛ لأن الإسلام لا يسعى إلى أن يكون أتباعه متميزين لمجرد التميز، إنما يأمرهم بالتميز بالأخلاق الحسنة، والشمائل الكريمة، ومراعاة كرامة الإنسان، والوفاء بالعهود والمواثيق، ومراعاة النظام العام، واحترام الخلق وحبهم ورحمتهم.

حلق شعر المرأة

يقول العالم الأزهري د. فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر وعضو لجنة الفتوى المركزية بالجامع الأزهر: لا يجوز للمرأة حلق شعر رأسها والحلق معناه (الجذ) أو اجتذاذ الشعر من أساسه؛ بل يجب على المرأة أن تبقي شعر رأسها، وتكرمه وتعتني به، لأنه جمال لها وزينة، فليس لها حلقه حتى في الحج، وهو عبادة، وإنما تقصر فقط في الحج والعمرة كذلك عند التحلل من إحرامها لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ليس على النساء حلق، وإنما يقصرن»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله المحلقين، يرحم الله المحلقين، يرحم الله المحلقين، ثم قالوا يا رسول الله والمقصرين؟ قال: والمقصرين».

ويرى د. الفقي أن الحلق بالكامل فيه تشبه بالرجال، وهذا فيه لعن بنص حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، خاصة إذا كان لها زوج، لا تقص أي تقصر إلا برضاه، فقد ثبت أن أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته، صلى الله عليه وسلم، جذذن رؤوسهن وخففناها، لأن لذلك أي لإطلاقه وتركه والاعتناء به- (مؤونة) إذاً هنا عذر عندما خففن شعر رؤوسهن أو قد تكون مصابة بمرض جلدي في الرأس، وتحتاج في علاجه إلى الحلق، وهنا يباح في هذه الحالة ومثلها.

ويوجه د. الفقي نصيحة لنسائنا وفتياتنا، ويقول: حافظن على سمتكن المميز للمرأة المسلمة، واحذرن أن تقلدن الرجال في شيء، فالإسلام يأمر المرأة أن تحافظ على هيئتها التي تحفظ لها عفتها، واحرصن على الزي المناسب الساتر للعورة، والذي يجلب للمرأة السيرة الحميدة، والبعد عمّا حرم الله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5easuhck

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"