عادي
عالم متجدد

التداوي أم الصبر على المرض؟

22:34 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

يقول أحد السائلين: والدي يستثقل مراجعة الطبيب، ولا يتقبل الدواء، ويقول دائماً: أنا أصبر على مرضي، ولا أريد الذهاب إلى المستشفى.

أقول إن الصبر على البلاء من شيمة المؤمن، لأن الذي أمرضه قادر على أن يشفيه إذا شاء.

لكن الأخذ بالأسباب من الدين أيضاً، والرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالتداوي؛ طلباً لتحقيق الشفاء؛ ودفعاً للبلاء.

ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله، رضي الله تعالى عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذن الله عز وجل.

وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي عن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله، عز وجل، لم يضع داء إلا ووضع له شفاء غير داء واحد، قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: الهرم.

إذن الجري إلى المستشفى وإلى الصيدليات لا يتنافى مع الإيمان، لأنه من الأخذ بالأسباب الذي أمرنا به.

يقول أبو هريرة رضي الله عنه: قلت يا رسول الله أرأيت رُقىً نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هي من قدر الله، رواه أحمد والترمذي.

وقد سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: هل التداوي أفضل أم الصبر؟ فقال: العلاج هو الأفضل، وقد عالج الصحابة، وعالج النبي صلى الله عليه وسلم، العلاج أولى لأنه يعين على طاعة الله، وعلى كشف البلاء، والعلاج من الأمور المستحبة شرعاً ومنه الرقية.

وإذا قيل إن الأطباء يرون أن من المصلحة عدم العلاج، أخذ برأي الطبيب الثقة، لأن الحكم يدور مع المصلحة، فإن غلب على الظن أن العلاج ينفع فلا بأس به، وإن غلب على الظن أنه لا ينفع فترك العلاج أولى، لأنه ضياع وقت وإضاعة مال.

ثم إن الصبر على المرض ليس باستطاعة كل إنسان، ففي الصحيحين أن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي، قال الرسول: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: أني أتكشف فادع الله ألا أتكشف فدعا لها.

إذن نفهم من هذا أن الأخذ بالعزيمة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن وجد من نفسه قدرة على تحملها، وكان له فيها مزيد من الأجر، ونفهم منه أيضاً جواز ترك التداوي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3fw2v9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"