الكراهية.. حاضنة الحرب

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ما نشاهده على أرض غزة بالصوت والصورة، وما يصدر عن قادة إسرائيل من مواقف حول الحرب، مثل «القضاء على الوحوش»، أو «إلقاء قنبلة نووية» أو «تهجير سكان غزة إلى دول العالم»، وغيرها من التعابير المشابهة، تشكل في مضمونها أسوأ أشكال الكراهية والعنصرية، ودعوة إلى الإبادة بمعناها المادي، وهي بالتالي تنتهك القانون الدولي الإنساني، وقواعد القانون الدولي، لأنها تحض على العنف الذي يولد الحقد، والحقد الذي يولد حقداً مماثلاً، وبالتالي الدخول في دوامة لا تنتهي من الحروب.

في غياب ثقافة السلام والتسامح تنتعش الكراهية على أساس الدين واللون والانتماء الإثني والعرقي، لأنها ترفض الآخر كإنسان له حقوق كاملة، وترى نفسها أنها وحدها تمتلك الحقيقة.

لم تتعرض الإنسانية المعاصرة لهذا القدر من المخاطر المتمثلة في انتشار غير مسبوق للكراهية والعنصرية والتمييز والإسلاموفوبيا ومعها الحروب؛ بحيث بات مصير الإنسان على المحك، وفي حالة من عدم اليقين، مع تزايد القلق على أولئك الذين يعانون في قطاع غزة من المدنيين الذين يواجهون آلة حرب عاتية مدفوعة بالانتقام والكراهية والتضليل.

كما أن الحروب لا تجلب سوى الدمار والقتل الذي يطال الأبرياء في الغالب، فالنار لا تطفئ الحرائق، والكراهية لا تجلب إلا العنف، والظلم لا يحقق العدالة، وفي الوسائل غير المشروعة لا يتحقق إلا الظلم.

«لما كانت الحروب تولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنى حصون السلام». هذه العبارة المحفورة بعشر لغات على حائط حجري في «حديقة التسامح» أمام مقر «اليونسكو» تمثل الهدف الذي حددته المنظمة بعد قيامها عام 1946، لكنه ما زال هدفاً بعيد المنال طالما هناك من يبث خطاب الكراهية والعنصرية ويوقد نيران الحروب، ويسعى إلى الهيمنة، ويهدد بأسلحة الدمار الشامل، ويرفض القانون الدولي وسيلةً لتحقيق للسلام والتعايش.

في استخدام الوسائل غير المشروعة لا يتحقق إلا العدوان، فالوسيلة النبيلة تحقق الهدف النبيل، والظلم لا يحقق العدالة.

يحذر عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي إدغار موران من «الأزمة التي تتخبط فيها حضارتنا»، منبهاً إلى «مخاطر العنف والجهل والكراهية على مصير البشرية». ويدعو موران، وهو من أصول يهودية إسبانية، إلى عدم كراهية العدو بقوله: «خضت الحرب العالمية الثانية من دون كراهية للألمان، كنت أكره النازية وأيديولوجيتها، لكنني أعتقد بأن المسألة الحقيقية هي الفكرة الخاطئة بأننا نواجه وحوشاً، أو أناساً من الطبقة السفلية، أو حيوانات».

ويطالب موران باتخاذ موقف «وعدم نسيان القضايا العادلة»، مشيراً إلى أنه يتخذ موقفاً يتمثل في القلق الإنساني تجاه الذين يعانون في الوقت الحالي في قطاع غزة».

الكراهية آفة لا يمكن القضاء عليها إلا بالتسامح والاعتراف بالآخر. وكما يقول المهاتما غاندي: «ليس هناك إلا طريق للسلام، فالسلام هو الطريق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2u3e3epy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"