هدنة مشجعة لإنهاء الحرب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يرفع النجاح النسبي لليومين الأول والثاني من الهدنة الإنسانية في غزة، نسق الجهود العربية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، بما يفضي إلى إنهاء هذه الحرب المجنونة، ومعالجة نتائجها الكارثية، وتكثيف تدفق المساعدات إلى الفلسطينيين، والعمل على إسعاف عشرات آلاف المصابين، وإعادة إعمار المستشفيات وإغاثتها بالأجهزة والأدوية والكوادر الطبية.

لم يشهد الفلسطينيون مثل هذا الحجم من القتل العبثي للنساء والأطفال، كما لم يعرفوا إبادة واسعة للبنى التحتية والوحدات السكنية، وبالمقابل لم تحقق إسرائيل ما كانت تتوقعه من نصر عسكري حاسم، رغم ما لقيته من دعم غربي في بداية المعركة، ولكن مع انكشاف الأهوال والفظائع، بدأت المواقف تتغير، ولعبت الضغوط دوراً حاسماً في التوصل إلى هذه الهدنة المؤقتة التي تستمر أربعة أيام، وهناك آمال عريضة بأن يكون اليوم الخامس لها امتداداً لوقف القتال ضمن خطة، يبدو أن الجهود منكبة على بلورتها، لإنهاء الحرب تماماً، لأن استمرارها لن يحقق شيئاً غير إعادة أفظع للمأساة الإنسانية وتدمير للمدمر أصلاً. وعندها لن تكون التداعيات تحت السيطرة، كما هو الحال في الجولة الأولى، وربما يكون خطر توسع المعركة وانتقال شراراتها إلى جبهات أخرى، لا سيما في الضفة الغربية وجنوب لبنان، أمراً بالغ الترجيح.

هذه الحرب يجب أن تتوقف، فما عجزت عن إنجازه في خمسين يوماً، لن تحققه في أي وقت إضافي مهما طال، وذلك لأن معايير الهزيمة والنصر فيها ضبابية، إن لم تكن قابلة للتحقيق، إلا أن تواصلها بنفس الوتيرة من العنف، سيطلق العنان للتطرف وخطابات الكراهية والتمييز، وسيوسع من نطاق المواجهة إلى حدود أبعد، ويحمل المنطقة إلى قواعد مغايرة واستراتيجية.

ولتجنب هذا السيناريو المدمر، يجب تحرير هذا الصراع من قبضة المتطرفين الذين يطاردون الأشباح ويلهثون وراء الأوهام. فمع عودة أول دفعة من المختطفين لدى فصائل غزة، بدأت الأصوات تتعالى في إسرائيل مطالبة بالبحث عن وسيلة لوقف القتال وعدم استئناف الحرب التي لم تنجح في إعادة المختطفين سالمين، بل إن بعضهم مات جراء القصف في الأيام الماضية، وربما يدفع الضغط الداخلي على المتطرفين في تل أبيب إلى ولادة مبادرة بحجم المفاجأة تنزع فتيل الصراع وتعيده إلى الأُطر السياسية والدبلوماسية.

التزام طرفي الصراع شبه الكامل ببنود الهدنة وشروطها في اليومين الأولين، يؤكد أن كلاهما مرهق بسبب طول هذه الجولة وتواضع نتائجها العسكرية، خصوصاً بالنسبة إلى إسرائيل التي تواجه غضباً عالمياً تشهد عليه المظاهرات غير المسبوقة بسبب المجازر المروعة التي طالت الأبرياء، وخصوصاً الأطفال، والاستهداف المتعمد للمستشفيات ومدارس الأمم المتحدة، وهذه الفظاعات لا يمكن للضمير الإنساني أن يتجاهلها فترة طويلة، وستكون لها كلفة سياسية وإنسانية باهظة لعشرات السنين. والاستمرار في الحرب سيضاعف هذه الكلفة، إلا إذا توقف القتل وانتصرت قيم العدالة على الظلم والواقعية على التطرف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5djkzhd4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"