عادي

ساحات تفور بالسخونة الأدبية والفنية

23:48 مساء
قراءة 4 دقائق
1

القاهرة: مدحت صفوت

2023 سنة مزدحمة بكل شيء، بالفنون واﻵداب والثقافة، والتغيرات السياسية والحروب والصراعات، ونتيجة لهذا الزحام يمكن القول على نحو من الاطمئنان إنه عام من أصعب الأعوام التي مرت على المجال الثقافي في العقد الماضي.

بدأ ربيع السنة الماضية بحرب أهلية في السودان في إبريل، نتج عنها قتل اﻵلاف وتشريد نحو 5 ملايين شخص، ومن ثم عملت الفنون والثقافة على تسليط الضوء على الشعب السوداني وإبداعاته، إذ دشن معهد جوته بالقاهرة مركزاً للفنانين من السودان (سبتمبر-ديسمبر 2023) بهدف دعم الأفراد، من خلال منح دراسية مدتها أربعة أشهر وشبكات ثقافية، من خلال الفعاليات المجتمعية والأنشطة الأخرى.

وفي قطاع الموسيقى، بدأ الفنانون السودانيون بالظهور في الحفلات الموسيقية في مختلف أنحاء القاهرة، وأظهر بعضهم مواهبهم في مهرجان She Arts، كما شهد قطاع السينما من جديد تخصيص مهرجان الجونة السينمائي قسماً خاصاً آخر لأعمال السينما السودانية التي لا تنسى، والتي قامت مجموعة السينما السودانية SFG، وهي هيئة أسسها في أواخر الثمانينات إبراهيم شداد والطيب مهدي وسليمان النور، بالتعاون مع معهد الترسانة لفنون السينما والفيديو.

يمكننا أيضاً أن نقول إن العام المنتهي كان ساخناً، لكن سخونته الثقافية كانت رد فعل لعوامل أخرى، كالاقتصاد والسياسة والصراعات، هنا لا يمكن أن نفوت التعريج على معرض فرانكفورت التي قاطعته هيئات عربية عدّة منها اتحاد الناشرين العرب وهيئة الشارقة للكتاب، بسبب «موقف الجهة المنظمة للمعرض من الحرب في غزة».

نوبل كالعادة

وكعادتها، تثير الجائزة الأبرز في عالم الأدب والثقافة الحديث عنها، بالاتفاق أو الاختلاف، بوصفها الحدث الأهم الذي تتطلع إليه الأنظار من أرجاء العالم كافة. ومع جائزة تمنح سنوياً لكاتب واحد، حتى لو بلغ عمرها نحو 120 عاماً، من الطبيعي أن تسقط بعض الأسماء التي تستحق التكريم، فالحياة الأدبية في شتى اللغات، ثرية إلى الحد الذي لا تستوعبه جائزة تمنحها الأكاديمية السويدية.

ومنحت جائزة نوبل في الأدب هذا العام للكاتب النرويجي جون فوسه البالغ من العمر 64 عاماً «لمسرحياته المبتكرة ونثره الذي يمنح صوتاً لما لا يمكن قوله». وقتها قال عنه أندرس أولسون، رئيس لجنة نوبل للآداب، إن أعماله الضخمة، التي تشمل مجموعة متنوعة من الأنواع، تضم نحو 40 مسرحية وثروة من الروايات والمجموعات الشعرية والمقالات وكتب الأطفال والترجمات. «يمزج فوسه بين تجذر اللغة وطبيعة خلفيته النرويجية مع التقنيات الفنية في أعقاب الحداثة».

وولد فوسه عام 1959 في هوجيسوند على الساحل الغربي للنرويج، ونشأ في ستراندبارم. عندما كان في السابعة من عمره، كاد يموت في حادث، والذي وصفه بأنه «أهم تجربة» في طفولته والتي «صنعته» كفنان. كان يطمح في مراهقته إلى أن يصبح عازف جيتار روك، قبل أن يتحول طموحه إلى الكتابة.

عندما كان شاباً، كان شيوعياً وفوضوياً. درس الأدب المقارن في جامعة بيرجن. ويكتب فوسه بلغة النينورسك، وهي لغة أقلية، بدلاً من اللغة النرويجية الأكثر استخداماً في الأدب. وبينما فسر بعضهم استخدامه للنينورسك على أنه بيان سياسي، قال فوس «إنها ببساطة اللغة التي نشأت عليها».

أصبحت نصوص فوسه، الكاتب المسرحي النرويجي الأكثر أداءً على خشبات المسارح بعد هنريك إبسن. إذ كتب أكثر من 30 مسرحية، من بينها «الاسم»، و«الشتاء»، و«يوم صيف». وتشمل أعماله الأطول ثلاثية Septology، والتي وصل الجزء الثالث منها إلى القائمة المختصرة لجائزة البوكر الدولية في عام 2022.

تدور أحداث الرواية التي بدأها فوسه أثناء توقفه عن الكتابة المسرحية وبعد تحوله إلى الكاثوليكية في عام 2013، حول رسام عجوز، يدعى آسل، يعيش بمفرده على الساحل الجنوبي الغربي للنرويج ويتأمل في حياته. هناك في مدينة برجن يعيش آسل آخر، وهو أيضاً رسام، لكنه يعاني بسبب تناول الكحول. ينشغل الشبيهان بالأسئلة الوجودية ذاتها حول الموت والإيمان والحب.

وتُرجمت أعمال فوسه إلى نحو 50 لغة، لكنه لم يحظ إلا مؤخراً بإشادة كبيرة في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى رواياته، وسبق أن جرى ترشيحه منذ فترة طويلة للحصول على جائزة نوبل. وفي عام 2013، أوقف المراهنون البريطانيون مؤقتاً المراهنة على الجائزة بعد موجة من الرهانات على فوزه، على الرغم من أن الجائزة لم تصل إليه إلا بعد عقد آخر. وعندما حدث ذلك أخيراً، جاءت مكالمة منظمي جائزة نوبل بينما كان فوسه مسافراً إلى فريكهاوج، وهي قرية تقع على الساحل الغربي للنرويج حيث يمتلك منزلاً.

عام الشعر

عربياً، تتجلى مبادرة المملكة العربية السعودية في تخصيص 2023 عاماً للشعر العربي، واحتفائها بالدور الحضاري والقيمة المحورية للشعر في الثقافة العربية، وتعزيز دور الجزيرة العربية وشعرائها في بناء التاريخ الأدبي والفكري للتراث العربي.

وحسب موقع وزارة الثقافة السعودية، جاءت تسمية 2023 بعام الشعر العربي، إحياءً لتاريخ الشعر العربي العريق، وتعزيز حضوره في الحضارة الإنسانية، وإرساء قواعد ثرائه المستقبلي، وإحلاله مكانته المستحقة بين آداب العالم وفنونه.

وتأتي المبادرة امتداداً لمبادرات احتفت بغنى التجربة الشعرية العربية وتاريخها العريض، وتعزيز مكانة الشعر العربي في ثقافة الفرد، والإضاءة على الأماكن والمواقع السعودية التي عاش بها الشعراء العرب أو وردت في قصائدهم، مع إبراز المكانة الحضارية للجزيرة العربية، ودورها المؤثر في نشأة الشعر العربي ونهضته الكبرى التي جعلت من هذا الفن البديع ديواناً للعرب، ومكسباً للعقول، ببحوره وفنونه وأساليبه وقصائده، التي نقلت مآثر العرب، وتجلّت فيها مشاعرهم وأفكارهم وتطلعاتهم نحو الخير والحياة والحب والجمال.

وتزامناً مع ختام العام، نظمت هيئة الأدب والنشر والترجمة ثلاث أمسيات شعريَّة في مركز ميادين بمحافظة الدرعية، شارك فيها مجموعة من الشعراء السعوديِّين، هم: مدغم أبو شيبة، ومحمد السكران، وسعيد بن مانع، وسلطان بن بتلاء، وعبد الله عبيان، وعبد الله العنزي، وعائشة السيفي، وجاسم الصحيح، وياسر الأطرش.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2v735tb7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"