عزّت عمر

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

رحّبت الإمارات بالمئات من الشعراء والروائيين والقصّاصين والرسّامين والمسرحيين ونقاد الأدب من العرب الذين أسهموا فعلياً في الحركة الثقافية الإماراتية، منذ قيام الدولة، وإلى اليوم. وهؤلاء جاؤوا للعمل في البلاد، ولكنهم وجدوا بيئة ثقافية جديدة، ناهضة وحيوية، وتمتلك خاصيتها المكانية والجمالية، المختلفة بالطبع عن خاصية البلدان التي جاء منها هؤلاء الكتّاب، واختاروا العيش والعمل والكتابة في بلد معاصر، حديث البناء والتكوين والمؤسسات، ولكن في الوقت نفسه هو بلد مرتبط بمفردات ثقافته الشعبية، وتراثه الشعبي.
في هذه البيئة الإماراتية، وجد الكثير من الكتّاب العرب فردوسهم الثقافي. بعضهم استكمل مشروعه الأدبي أو الفني في الإمارات ، وبعضهم بدأ من هنا. بدأ من الإمارات، وتكوّنت شخصيته الثقافية والإبداعية في الإمارات، وبعضهم، للأسف، ظل في الهامش لا هو معروف في بلده، ولا هو فاعل ثقافي في الإمارات، وإن كان فاعلاً، ففي حدود ضيقة.
جاء عزت عمر إلى الإمارات في عام 1990، بعدما تخرّج في كلية الآداب بجامعة حلب في بلده سوريا، وفي العام التالي، نشر في ملحق جريدة «الخليج» رواية على حلقات بعنوان «قفص يبحث عن عصافير»، ومن عام 1996 وحتى 2003 اهتم بشكل خاص بالكتابة للطفل، وصدرت كتبه تلك عن جهات ومؤسسات ثقافية إماراتية.
البداية الفعلية للرجل، إذاً، كانت بداية إماراتية. شاب سوري عربي يجد قلمه في الشارقة، بل يجد امتلاكه الثقافي النقدي للأدب، وبخاصة الأدب الإماراتي في الشارقة، فيحصل على عضوية اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ويبدأ بالعمل على نفسه ناقداً حقيقياً مع نفسه ومع النص الأدبي الذي يشتغل عليه. وينشط عزت عمر ناقداً أدبياً منذ عام 2000، ويصبح عضو هيئة تحرير الموسوعة الوطنية الثقافية لدولة الإمارات، وتستقطبه جوائز أدبية عدّة ليكون عضو لجان تحكيم فيها، ثم ينضم إلى دائرة الثقافة في الشارقة.
في عام 2001 أصدر «مرايا البحر»، وهو حزمة دراسات نقدية في القصة والرواية في الإمارات، وفي عام 2003 أصدر قراءة تحليلية حول الخطاب السردي الإماراتي والعربي، وأصدر في 2009 كتاباً جمع فيه الأصوات الشعرية السورية في الإمارات.
هذه العناوين صدرت للناقد السوري في الإمارات عن دائرة الثقافة في الشارقة، وعن وزارة الثقافة ضمن سياق ثقافي ونقدي يؤشر على حقيقية هذا الكاتب العربي الذي أحب المكان الذي هو فيه وفي صميم روحه، فلم يكن غريباً ولا مغترباً. 
رحل عزت عمر قبل أيام بهدوء وصمت، كما كان يكتب بهدوء وصمت. كان هناك خبر وجداني سريع حول رحيله في إحدى صحفنا المحلية فقط، فهل هكذا تُبعث الزهور إلى قبر رجل بهذا النبل؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/34juzrdb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"