انتخابات ترامب الاقتصادية

21:33 مساء
قراءة 4 دقائق

ماكس زان *
قبل أيام من التصويت في المسابقة التمهيدية للحزب الجمهوري في الدورة الانتخابية لعام 2024، يتقدم الرئيس السابق دونالد ترامب بفارق كبير على منافسيه في الحزب، كما يتفوق على الرئيس جو بايدن في بعض استطلاعات الرأي المباشرة.

ورغم أن مشاعر الناخبين هذه اجتذبت قدراً كبيراً من الاهتمام، تم التركيز بشكل أقل على ما يعتزم ترامب القيام به في حال توليه زمام الاقتصاد العام المقبل. وفيما يأتي ما يجب معرفته عن مقترحات ترامب الاقتصادية في ظل سعيه إلى ولاية ثانية محتملة، وكيف ينظر إليها المحللون.

في التجارة، يخطط الرئيس السابق لإشعال فتيل سياسة تجارية تصادمية بدأ بتطبيقها بالفعل خلال فترة ولايته الأولى، واعداً بفرض رسوم جمركية على معظم السلع المستوردة. وفي حديثه مع قناة «فوكس بيزنس» في أغسطس/آب، أشار ترامب بأن الضريبة على السلع المستوردة قد تصل في النهاية إلى 10%.

ويخطط ترامب أيضاً لتشديد القيود على المنتجات المصنّعة في الصين، بما في ذلك خطة مدتها 4 سنوات للتخلص التدريجي من جميع الواردات الصينية من السلع الأساسية، وبعض المقترحات الأخرى.

وقال ستيفن مور، المستشار الاقتصادي السابق لترامب، وأحد المكلفين بتشكيل أجندته الانتخابية لعام 2024، إن سياسة التعريفات الجمركية الموسعة ستعيق المنتجين الأجانب، وتجعل الصناعات المحلية أكثر قدرة على المنافسة، كما أنها ستخلق فرص عمل أكثر وتعزز التصنيع في الولايات المتحدة. مضيفاً بأن ترامب يريد نمواً للوظائف هنا في أمريكا، وأن تُصنّع كافة السلع محلياً.

ومع ذلك، يعتقد العديد من الاقتصاديين، بمن فيهم مور نفسه، وآلان بليندر، أستاذ الاقتصاد في جامعة برينستون والمستشار الاقتصادي الأسبق في عهد الرئيس بيل كلينتون، أن التعريفة الجمركية العالية سترفع أسعار العديد من السلع الاستهلاكية. وستضر هذه الزيادات في المقام الأول بالأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فالإنفاق الاستهلاكي يلتهم حصة كبيرة من مصروفها.

وأشار جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات العالمية «إرنست أند يونغ»، إلى أن الأسعار المرتفعة يمكن أن تؤثر أيضاً على الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي تباطؤ النمو الاقتصادي. وبأن التحول المحتمل نحو التصنيع الأمريكي سيحمل معه نفقات كبيرة سلفاً. وقال: «لا يوجد شيء مجاني وسريع، سيستغرق بناء المصانع وقتاً ويكلف الكثير».

علاوة على ذلك، أعلنت حملة ترامب في فبراير، أن الإيرادات الناتجة عن مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية ستسمح للإدارة الجديدة المحتملة بتخفيض الضرائب على الأفراد والشركات. لكن مور يرى أن تفاصيل اقتراح خفض الضرائب لا تزال غير مؤكدة، وبأن ترامب ملتزم بتمديد التخفيضات الضريبية التي تم توقيعها، لتصبح قانوناً خلال فترة ولايته الأولى، عندما تنتهي صلاحيتها عام 2025.

ومع ذلك، ذكر تقرير حديث صادر عن مكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس، أن تمديد أحكام قانون خفض الضرائب والوظائف لعام 2017 سيضيف 3.5 تريليون دولار إلى العجز الحالي للبلاد. ومعلومٌ أن الولايات المتحدة تئن حالياً تحت وطأة ما يقرب من 31.4 تريليون دولار من الديون الفيدرالية، ومن المتوقع أن ينمو الدين بنحو 20 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2033.

وعلى الرغم من تسجيل الاقتصاد نمواً قوياً على مدار العام بعد دخول التخفيض الضريبي الذي أقره ترامب حيز التنفيذ، إلا أن هذا الإجراء لم يكن له أي تأثير يُذكر على الأداء، بحسب دراسة أجرتها خدمة أبحاث الكونغرس غير الحزبية عام 2019. وأكد بليندر ذلك بالقول: «إن تمديد التخفيضات الضريبية سيفاقم مشكلة العجز العميقة بالفعل في الميزانية التي نتعامل معها. فهذه الآلية لم تصنع الكثير في مجال الاستثمار أو الإنتاجية، ولا ينبغي لأحد توقع أنها ستفعل ذلك».

وفي سياق متصل، تعهد ترامب بخفض تكاليف الطاقة والكهرباء في الولايات المتحدة من خلال زيادة الإنتاج المحلي من الوقود الأحفوري. وخلال حملته الانتخابية، لخص الرئيس السابق هذا النهج علناً بشعار: «احفر، يا عزيزي، احفر». ويتضمن جدول الأعمال أيضاً إعفاءات ضريبية لمنتجي النفط والغاز والفحم.

ويخطط ترامب كذلك للتخلص من جزء كبير من قانون خفض التضخم الذي تبلغ قيمته 369 مليار دولار، وهو أكبر إجراء مناخي في تاريخ الولايات المتحدة، والذي يتضمن حوافز لمشاريع الطاقة النظيفة وشراء السيارات الكهربائية، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» في نوفمبر.

يُذكر أنه في عهد بايدن، سجلت الولايات المتحدة رقماً قياسياً لإنتاج النفط، واعتباراً من ديسمبر/كانون الأول الماضي، زادت البلاد إمداداتها من النفط بمتوسط 1.4 مليون برميل يومياً، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. ومع ذلك، شكك بليندر، من جامعة برينستون، في إمكانية التوسع بإنتاج الوقود الأحفوري، الذي يشكل المحرك الرئيسي لتغير المناخ. وبأن السياسة الاقتصادية يجب أن تحقق توازناً بين الإنتاجية والمخاوف البيئية. فمن أهم المبادئ الأساسية للضرائب، هي فرضها على الأشياء السيئة والمضرة بالصحة، مقابل دعم بعض الأشياء الجيدة على الأقل. وهذه المعادلة مفقودة مع تقديم إعفاءات ضريبية للوقود الأحفوري.

وعليه، يبدو أن وضعية ترامب الحالية تتعكز جزئياً على الإحباط الشديد للرأي العام من سياسة بايدن الاقتصادية، وموافقة 30% فقط من الناخبين الأمريكيين على الكيفية التي يتعاطى بها الأخير مع هذه القضية الحساسة.

* مراسل الأعمال والتكنولوجيا

في «إيه بي سي نيوز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mpnd9cn9

عن الكاتب

مراسل الأعمال والتكنولوجيا في «إيه بي سي نيوز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب