الانتخابات والسيارات الكهربائية

21:12 مساء
قراءة 4 دقائق

بروس ياندل*

في تحول لافت للأحداث، ووفقاً لتقارير إخبارية، تدرس الولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية صينية الصنع وسلع أخرى، في إطار محاولتها الحد من الاعتماد على أكبر اقتصاد في آسيا وحماية صناعتها الخضراء. وستشمل السياسة الجديدة الشحنات من مصنع تيسلا في شنغهاي، والمركبات المنتجة داخل المصانع المملوكة للصينيين في المكسيك.

وبينما أبقى المسؤولون في إدارة جو بايدن، إلى حد كبير، الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على نحو 300 مليار دولار من البضائع الصينية، فإن البيت الأبيض ووكالات أخرى يناقشون توسيع نطاق هذه الرسوم مرة أخرى، والتركيز على استكمال مراجعة التعريفات في وقت مبكر من العام الجديد.

يُذكر أن السيارات الكهربائية هي النوع المفضل الذي تحث الإدارة الأمريكية مواطنيها دوماً على شرائه. والصينية منها على وجه الخصوص، سواء شئنا أم أبينا، تعتبر قوة عالمية في هذا المجال، وجزءاً لا يتجزأ من سوق المركبات الكهربائية الجديدة الصديقة للبيئة، مع نحو 60% من المبيعات العالمية التي بلغت 14.1 مليون في عام 2023 بحسب تقارير حديثة. إضافة إلى أنها تخضع بالفعل لضريبة نسبتها 25% في الولايات المتحدة.

وبطبيعة الحال، أدت هذه الهيمنة إلى توترات في أماكن أخرى، وعلى الأخص أوروبا. التي أطلقت في سبتمبر/ أيلول الفائت تحقيقاً في الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية الصينية، ادعى خلاله مسؤولو الاتحاد الأوروبي، أن الصين تغمر السوق بشكل غير عادل بالسيارات الرخيصة، ووصفت بكين هذا التحقيق بأنه انتهاك لقواعد منظمة التجارة العالمية. لكن مشهد السيارات الكهربائية في أوروبا يختلف عما هو عليه في الولايات المتحدة، حيث الرسوم الجمركية مرتفعة بالفعل بما يكفي لإضعاف المنافسة من الصين. وبالأرقام، صدّرت الصين ما يقرب من 48 ألف سيارة كهربائية إلى أمريكا الشمالية حتى أكتوبر من العام الماضي، مقارنة بأكثر من 564 ألف سيارة أرسلتها إلى أوروبا الغربية.

إن توجيه ما يشتريه الأمريكيون بأموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس، وهو ما دفع به الرئيس ترامب من خلال تعريفاته الكثيرة المفروضة، (مع وعود بالمزيد إذا أعيد انتخابه)، وواصل فريق بايدن النهج لاحقاً، ما هي إلا سياسات ستُفضي في نهاية المطاف إلى نتائج عكسية، ويجب تصحيحها.

فلماذا تختار واشنطن وقتاً كهذا، عندما يتراجع مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي بشق الأنفس، لبحث هذه الزيادات؟ هل لإجبار المستهلكين الأمريكيين على الحد من آثار الكربون، وهم الذين يرغبون في ذلك عن طيب خاطر؟ أم أن نشر هذه المعلومات مجرد بالون اختبار لرد فعل الجمهور؟ ولو كان كذلك، فيجب إسقاطه على الفور.

قد يزعم بعضهم أن تضييق الخناق على بيع السيارات الكهربائية، التي هي كلها أو جزء منها صينية الأصل، ونقل الإنتاج المرتبط بها إلى الولايات المتحدة، من شأنه أن يجلب بعض المكاسب المطلوبة في قضايا تغير المناخ، فمعلومٌ أن الصين تُنتج الكثير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لكن في المقابل، قد لا يكون التلوث الناتج من ذات الصناعة أقل وطأة منه في أمريكا. إذ إنه ووفقاً لبيانات عام 2022، بلغ نصيب الفرد من إنتاج انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة 14.9 طن متري، مقابل 8 أطنان مترية في الصين.

ولو فرضنا أن فريق بايدن يريد بالفعل تنظيف إنتاج السيارات الكهربائية أكثر، فلماذا لا يُفسح المجال للشركاء التجاريين الموثوقين مثل اليابان، حيث نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يبلغ 8.6 طن متري، أو كوريا الجنوبية مع 11.9 طن متري؟ أو ربما الأفضل من ذلك، المكسيك، التي وصل نصيب الفرد فيها إلى 3.2 طن متري فقط؟ إنه موضوع معقد، ولكن يبدو أن ما نعرفه عن علوم المناخ لا يدعم التفكير الحالي للمركبات الكهربائية بذهن بايدن.

يرى محللون أن البحث عن إجابات لهذه الأسئلة يجب أن يأخذنا إلى مكان آخر. فإذا كنت تتساءل لماذا تريد الحكومة الأمريكية جعل السيارات الكهربائية، المتاحة بيسر، أكثر كلفة للمستهلكين، والسماح للمنتجين المحليين بالتحكم في السوق على هواهم، بدلاً من السعي لصنع واستيراد سيارات كهربائية يرغب عدد أكبر من الناس في شرائها، ففكر في المشتبه فيه الوحيد والمعتاد: «سياسات موسم الانتخابات». فليس من قبيل المصادفة أن تجري هذه الدراسة في الوقت الذي تميل فيه مبيعات الصانعين الأمريكيين التقليديين من السيارات الكهربائية، واستطلاعات الرأي للرئيس الحالي، إلى الانخفاض.

فعلى الرغم من الحوافز الضخمة الممولة من دافعي الضرائب لشراء المركبات الكهربائية والمساعدة الحكومية لإنتاج البطاريات ذات الصلة، يبدو أن سياسة بايدن الصناعية للسيارات الكهربائية لم تنجح.

نحن هنا لا نشكك في صدق نوايا مسؤولي البيت الأبيض، فالنوايا الطيبة لا تُترجم دائماً إلى أفكار جيدة. ولكن في المقابل، لا ينبغي لنا أبداً أن ننظر إلى أكبر المكاسب التي تحققها الشركات المحلية والقوى العاملة لديها في موسم الانتخابات، على أنها مجرد صدفة أو حدث عابر.

* زميل في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ميسون والعميد الفخري لكلية الأعمال والعلوم السلوكية بجامعة كليمسون.(ذا هيل)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdfp3t2r

عن الكاتب

زميل في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ميسون والعميد الفخري لكلية الأعمال والعلوم السلوكية بجامعة كليمسون.(ذا هيل)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"