عادي

جبل «تيتانيك» الأكبر في العالم يتحرك

16:52 مساء
قراءة دقيقتين
الجبل الجليدي
الجبل الجليدي
كان إيان ستراكان يُدرك عندما كانت سفينته تمخر عباب بحار القطب الجنوبي، الأحد الفائت، أنها تقترب من عملاق أبيض يطفو في مكان ما أمامه ويحتجب وراء الضباب الكثيف، هو في الواقع أكبر جبل جليدي في العالم، وهو الذي اصطدمت به السفينة العملاقة تيتانيك.
ويروي ستراكان الذي كان يومها يقف للمرة الأولى في حضرة هذا الجبل الجليدي أن «الغيوم انقشعت بعد ذلك»، ما مكّنه من «رؤية هذا الخط الأبيض، المجرّد تقريباً، يمتد على طول خط الأفق».
وكلما كانت سفينته تتقدم، كانت تظهر شقوق ضخمة وأقواس زرقاء بديعة، منحوتة في الجدار الجليدي. مشيراً إلى أن بعض الأقواس انهارت تحت ضربات الأمواج التي كان ارتفاعها يبلغ أربعة أمتار.
تبلغ مساحة الجبل الجليدي «إيه 23 إيه» (A23a) ذي الشكل المسنن نحو أربعة آلاف كيلومتر مربع، ويُقدَّر وزنه بما يقارب ألف مليار طن، ويصل سمكه في بعض الأماكن إلى 400 متر. وهو يتجه نحو شمال المحيط الجنوبي، ويقع في الوقت الراهن بين جزيرة «إليفانت آيلند» وجزر أوركني الجنوبية.
لم تكن بعثة إيان ستراكان الاستكشافية الخاصة التي تديرها شركة «إيوس إكسبيديشنز»، أول من وقعَ على هذا المشهد.
ففي كانون الأول/ديسمبر الفائت، كانت سفينة الأبحاث القطبية البريطانية «آر آر إس سير ديفيد أتنبرو» تنفّذ مهمة علمية في القارة القطبية الجنوبية عندما تبيّن أن «إيه 23 إيه» يعيق طريقها.
ويصف قائد البعثة أندرو مايرز بـ«السحرية» اللحظة التي اقتربت فيها سفينته من الجبل الجليدي، وظهرت الشمس، وكانت مجموعة من الحيتان القاتلة تسبح بجواره...
ويقول هذا العالم من هيئة المسح البريطانية للقارة القطبية الجنوبية «بريتيش أنتركاتيك سورفي»: «لقد احتجنا إلى ست ساعات بكامل قوة السفينة لتجاوز الجبل».
وانفصل الجبل الجليدي «إيه 23 إيه» للمرة الأولى عن ساحل القطب الجنوبي عام 1986، ما يجعله في الأقدم والأكبر في العالم، لكنه سرعان ما علق في المياه الضحلة في المحيط، وبقي ثابتاً قي موقعه نحو ثلاثة عقود.
وفي عام 2020، لاحظ أندرو فليمنغ من «بريتيش أنتركاتيك سورفي» أيضاً، استناداً إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية، أن العملاق الجليدي «يتأرجح»، وما لبث أن تحرّر في أواخر العام الفائت من الموقع الذي كان عالقاًً فيه، وبدأ بالتوجه شمالاً.
ولا تزال مسألة الارتباط بالتغير المناخي مسألة مفتوحة؛ إذ وصل الجليد البحري الشتوي في القارة القطبية الجنوبية إلى مستوى قياسي من الانخفاض عام 2023. ويشبّه أندرو مايرز ذلك بمحاولة تفسير حريق أو فيضان واحد بالاحترار المناخي العالمي.
ويرجّح فليمنغ أن تكون «نهايته حانت»، وأنه يعيش أشهره الأخيرة، ولأن «الوحش الكبير»، كما يسميه، يتقدم ببطء، «كان يتوافر متسع من الوقت أمام سفينة تايتانيك لرؤيته» قبل أن تصطدم به، متوقعاً أن تؤدي مياه أعلى حرارة وأمواج أكبر على طريقه إلى كسره، وذوبانه في المياه الدافئة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ms8ssr52

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"