عادي

سباق فرنسي في منطقة الخليج العربي

20:25 مساء
قراءة 3 دقائق
فرنسا والخليج العربي

القاهرة: «الخليج»

ارتبط تاريخ الخليج في العصر الحديث بالاستعمار الأوروبي بوجه عام، والبريطاني بوجه خاص، فشهدت المنطقة صراعاً كبيراً بين القوى الأوروبية، وحسم في نهاية الأمر لصالح بريطانيا، وإذا تتبعنا هذا الصراع سنجد أن البرتغال كانت رائدة الدول الأوروبية في مجال الكشف الجغرافي، وفي مقدمة الدول التي ثبّتت أقدامها في الخليج واتسم تعاملها مع القوى الوطنية في المنطقة بالعنف والقسوة لإحكام السيطرة عليهم، ثم انتاب البرتغال الضعف ولم يعد في وسعها الانفراد بالمنطقة، فحلذ محلها كل من هولندا وبريطانيا، وسرعان ما نشبت منافسة سياسية تجارية بين القادمين الجدد بهدف احتكار التجارة، ونجحت الدولتان في تأسيس الشركات التجارية التي مارست نشاطها في الخليج، باعتباره أحد الطرق المهمة المؤدية إلى الهند وجزر الهند الشرقية محور اهتمام الدولتين.

د. إلهام محمد ذهني في كتابها «فرنسا والخليج العربي من منتصف القرن الثامن عشر حتى بدايات القرن العشرين» تشير إلى أن القرن السابع عشر شهد اتجاهاً فرنسياً نحو الشرق، فعملت فرنسا على فتح أسواق تجارية جديدة فيه ولعب وزراؤها دوراً مهمّاً في تحقيق هذا الهدف، فقد تم تأسيس شركة فرنسا الجديدة، واستتبع الاهتمام بالتجارة ضرورة الاهتمام بالبحرية الفرنسية والأسطول الفرنسي، إلى أن تم تأسيس شركة الهند الشرقية الفرنسية عام 1664 والتي قدر لها أن تلعب دوراً مهمّاً في المحيط الهندي.

كان من الطبيعي أن يحدث صدام بين الشركتين الفرنسية والبريطانية، ليس في الهند فحسب وإنما في البحار المحيطة، وهنا تقارن الدكتورة إلهام بين الشركتين، مشيرة إلى أن الشركة البريطانية كانت في موقف أقوى، فقد صدر مرسوم ملكي أعطاها حق سنّ القوانين وإعلان الحرب والسلام وإقامة القلاع وتأسيس المستعمرات وحيازة الأسلحة، ثم صدر مرسوم ملكي بمقتضاه حصلت الشركة على حق سك العملة، فأصبحت بذلك قوة مستقلة الإدارة تعمل وفق ما تراه بعيدة عن أي إشراف دستوري أو نفوذ دولي.

يوضّح الكتاب أن النشاط الفرنسي اختلف من منطقة إلى أخرى؛ فقد بدأ مبكراً في فارس والعراق، واتخذ طابعاً تنصيرياً، فكان اهتمام فرنسا بالتنصير وإرسال البعثات الكاثوليكية إلى هذه المناطق، يفوق اهتمامها بالتجارة، واستمر تدفق البعثات طوال القرن التاسع عشر، وإن ظهر مجال آخر ركزت فيه فرنسا جهودها عليه وهو مجال التنقيب عن الآثار، كما شهد هذا القرن أيضاً تدفق الرحالة الفرنسيين على المنطقة، فألقت كتبهم الضوء على أحوال البلاد السياسية والاقتصادية والدينية.

وفي عُمان تركزت أنظار الفرنسيين عليها منذ القرن الثامن عشر، وازدادت الصلات التجارية بين حكام الجزر الفرنسية في المحيط الهندي وبين حكام عُمان، وأثيرت عدة مشكلات في عُمان بين فرنسا وإنجلترا، خاصة بتجارة الأسلحة والرقيق ومشكلة الأعلام، واستمرت الأخيرة حتى بداية القرن العشرين، واضطرت الدولتان إلى اللجوء للتحكيم.

لم تكتفِ فرنسا بتركيز نشاطها في المناطق السابقة وإنما تطلعت إلى القوى السياسية في نجد خاصة الدولة السعودية الثانية، التي وصلت بنفوذها إلى الأحساء، فأرسل نابليون الثالث بعثته الشهيرة إلى الرياض، بعثة بلجريف الجاسوس الفرنسي، لتفقد أحوال نجد الداخلية، وظلت فرنسا تراقب الموقف في الخليج لعلها تستطيع أن تقتنص أية فرصة للحصول على مكاسب فيه، رغم أنها كانت تدرك تماماً أن منافستها بريطانيا قد انفردت بالمنطقة وأنها تراقب أي نشاط وتقف له بالمرصاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/32u2zh75

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"