ألواح الطاقة الشمسية منتهية الصلاحية

د. رامي كمال النسور *

قبل فترة كنت في نقاش مع أحد المختصين في التغير المناخي واستخدامات الطاقة النظيفة، وفي حديث عن التحول الكبير الذي بدأ يشهده العالم والمنطقة في هذا الخصوص، ومع تشجيعي للاعتماد على هذه المصادر طرح عليّ سؤال، وجدت أنه يجب أن أبحث عن إجابته، وهذا ما سيجده القارئ في هذه المقالة. فمع تزايد اعتماد العالم على مصادر الطاقة المتجددة لمكافحة تغير المناخ، برزت الألواح الشمسية Solar Panels كحل بارز لتوليد الكهرباء النظيفة، ومع ذلك، كما هو الحال مع أي تكنولوجيا، تتمتع الألواح الشمسية بعمر افتراضي، ويصبح السؤال عما يحدث لها بعد توقفها عن العمل، ذا أهمية متزايدة. يشكل التخلص من الألواح الشمسية وإعادة تدويرها تحديات وفرصاً فريدة في مجال الاستدامة.

حسب الواقع والاستخدام يبلغ عمر الألواح الشمسية عادةً ما بين 25 إلى 30 عاماً، وبعد ذلك قد لا تكون بنفس الكفاءة أو الفعالية في تسخير الطاقة الشمسية. في حين أن هذه الألواح توفر مصدراً نظيفاً ومتجدداً للكهرباء خلال عمرها التشغيلي، فإن إدارة نهاية عمرها الافتراضي تتطلب دراسة متأنية لتقليل التأثير البيئي وزيادة كفاءة استخدام الموارد إلى الحد الأقصى.

أحد المخاوف الرئيسية المحيطة بالتخلص من الألواح الشمسية هو احتمال التلوث البيئي؛ إذ تحتوي الألواح الكهروضوئية التقليدية على مواد مثل السيليكون والزجاج والألومنيوم ومعادن مختلفة، بما في ذلك كميات صغيرة من المواد التي يحتمل أن تكون خطرة مثل الرصاص والكادميوم. ويمكن أن يؤدي التخلص غير السليم من هذه المواد إلى تلوث التربة والمياه، ما يشكل مخاطر على النظم البيئية وصحة الإنسان.

ولمواجهة هذه التحديات، تعمل صناعة الطاقة الشمسية بنشاط على تطوير حلول مستدامة لإدارة نهاية العمر الافتراضي. تمثل إعادة التدوير طريقة واعدة لتقليل البصمة البيئية للألواح الشمسية واستعادة المواد القيمة لإعادة استخدامها.

تتخصص العديد من الشركات والمنظمات في إعادة تدوير الألواح الشمسية، واستخلاص مكونات قيمة مثل السيليكون والزجاج والمعادن، من خلال تقنيات الفصل والتنقية المتقدمة. ويمكن بعد ذلك استخدام هذه المواد المستردة في تصنيع الألواح الشمسية الجديدة أو غيرها من المنتجات، ما يقلل الطلب على الموارد البكر ويقلل التأثير البيئي الإجمالي.

بالإضافة إلى إعادة التدوير، هناك جهود جارية لتصميم الألواح الشمسية مع أخذ اعتبارات نهاية عمرها في الاعتبار. يتضمن ذلك دمج المواد التي يسهل إعادة تدويرها أو تحللها بيولوجياً، بالإضافة إلى تنفيذ برامج الإشراف على المنتج لضمان التخلص المسؤول وإعادة التدوير في نهاية عمر اللوحة. وهنا أشير إلى ضرورة الانتباه إلى تشجيع ظهور مثل هذه الصناعة في منطقتنا نظراً للمشاريع الضخمة التي أصبحت تعتمد على كمية كبيرة جداً من هذه الألواح الشمسية، صحيح أنّها ما زالت في بداية عمرها التشغيلي إلا أن نشوء مثل هذه الصناعات لن يكون وليد اللحظة ويحتاج إلى وقت طويل.

وهنا تلعب اللوائح الحكومية ومعايير الصناعة أيضاً دوراً حاسماً في تعزيز الممارسات المستدامة طوال دورة حياة الألواح الشمسية. وضعت العديد من المناطق قوانين ومبادئ توجيهية لجمع ومعالجة وإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بما في ذلك الألواح الشمسية. ومن خلال إنفاذ هذه اللوائح وتحفيز الممارسات الصديقة للبيئة، يمكن لواضعي السياسات تشجيع اعتماد استراتيجيات نهاية العمر المستدامة في صناعة الطاقة الشمسية.

علاوة على ذلك، فإن زيادة الوعي العام حول أهمية الإدارة المسؤولة للمخلفات الإلكترونية يمكن أن يساعد في زيادة الطلب على الحلول المستدامة. إنّ تثقيف المستهلكين حول التأثير البيئي للتخلص غير السليم وفوائد إعادة التدوير يمكن أن يشجع الأفراد والشركات على اختيار المنتجات القابلة لإعادة التدوير والصديقة للبيئة، بما في ذلك الألواح الشمسية.

في الختام، في حين توفر الألواح الشمسية مصدراً نظيفاً ومتجدداً للطاقة، فإنّ إدارتها عند انتهاء عمرها الافتراضي تمثل تحديات يجب معالجتها لضمان مستقبل مستدام. ومن خلال تبني إعادة التدوير، والتصميم لقابلية إعادة التدوير، وتنفيذ لوائح فعالة، وزيادة الوعي، يمكننا تقليل البصمة البيئية للألواح الشمسية وتمهيد الطريق لانتقال أكثر استدامة للطاقة. ومع استمرار صناعة الطاقة الشمسية في الابتكار والتطور، فإن إعطاء الأولوية للاستدامة طوال دورة حياة الألواح الشمسية سيكون ضرورياً في تسخير الإمكانات الكاملة للطاقة الشمسية مع حماية كوكبنا للأجيال القادمة.

* مستشار الأسواق المالية والاستدامة