تقول سيرة حياة الكاتب والمخرج الفرنسي من أصل أفغاني عتيق رحيمي إنه وُلِدَ في كابول في العام 1962، وفي العام 1984 غادر بلاده إلى باكستان هرباً من الحرب، وبعد ذلك غادر إلى فرنسا التي منحته اللجوء السياسي ليكمل دراسته في «السوربون» ويحصل على الدكتوراه في علوم السمعيات البصرية.
رحيمي كتب الرواية أيضاً، وله رواية بعنوان «أرض ورماد» أخرجها فيلماً سينمائياً عام 2004، وله رواية أخرى بعنوان «حجر الصبر»، وكتابه الخفيف الشفيف «أنشودة القلم» نقلته إلى العربية المترجمة السورية لينا بدر.
لا تشير حياة رحيمي الفنية أو الأدبية إلى أنه خطّاط، غير أن قراءة كتابه «أنشودة القلم» تأخذنا إلى روحانية الخط، وتحديداً الخط العربي الذي يجد فيه رحيمي الكثير من النور والرحمة. يقول: «كل خط هو أمّي، أَلِفيْ، نفسي، الخطوط جسدانية ووجودية أكثر مما هي ميتافيزيقية».
يرسم عتيق رحيمي وأخاله قد وجد النور والإشراق ويقظة الرّوح والقلب في الخطوط التي تلائم أصلاً روحه الشرقية، وتحديداً الروح الآسيوية. آسيا الأديان التنوّعية المتلاقية والمركبة، والتي تقوم على أبجديات عديدة قوامها التشكيلي الأساس هو الخط العربي. يقول: «الخط فن مقدّس، لأنه وُلِدَ من النصوص المقدّسة، ولم أعثر على خطّاط استطاع أن يفصل عمله الفني عن مسعاه الرّوحي». ويضيف: «الخطّاط العراقي الكبير غاني العاني (خطّاط وشاعر مواليد 1937) على قناعة تامّة بأن المرء لا يمكن أن يكون خطّاطاً إذا لم يكن على علاقة حميمة مع القرآن الكريم والتراث النبوي». ويقول رحيمي إن مقياس العاني هذا يوافق عليه الفنان الياباني هوندا كويشي المتخصص بفن الخط العربي. ويقول إن كل أعماله تقريباً، بما فيها هرم الصَّلَوات الشهير، مؤلفة من آيات قرآنية.
تجذبك جمالياً وفكرياً مقاربات عتيق رحيمي من خطوط الشرق، وبخاصة الخط الصيني. يقول «في الصين، فن الخط في حدّ ذاته دين وروحانية ذلك لأن الفنان حسب رأي المعلم فرانسوا شانغ، يحاول ملاقاة اللّامحدود عبر المتناهي في الصغر ليعطي بذلك حضوراً للّامرئي».
أخيراً، إليك ما شاهده عتيق رحيمي في المكتبة الوطنية الفرنسية. يقول: شاهدت واحدة من أولى نسخ القرآن كتبت في القرن التاسع الميلادي بخط فنّي على ورقة صفراء مثل الرمال. أحرفه التي كُتِبَتْ بالخط الكوفي جعلتني أحس بحركة الجواد، وصوت حوافره وصداها اللانهائي في الصحراء.
