عند كل محطة مهمة ومرحلة فاصلة في حياة أبنائنا، يقف أولياء الأمور - أو من يشعر منهم بأهمية تحمل المسؤولية ومدى تأثير التربية والتوجيه وحسن توعية الأطفال والمراهقين- وقفة مراجعة الذات والتفكير في كل ما مضى وما هو آت، وما هو أصلح لإتمام مسيرة أبنائهم بنجاح وسلام. لكن للأسف هناك من الأهل من ينظر تحت قدميه فقط، يبحث لانتشال أبنائه من ضعف مستواهم الدراسي بشراء النجاح بأي ثمن.
يفاجئك بعضهم بسؤال باقي أولياء الأمور علانية، ومن دون أي تردد عن مدرسة «كريمة» تمنح الطلاب الدرجات النهائية أو ترفع معدلات طلابها وعلاماتهم، خصوصاً في الصفوف الثانوية، لضمان نجاحهم وتأهلهم للدخول إلى الجامعات التي يتمنونها، ولا يستوقفهم أو يشغلهم ماذا سيفعل هذا الطالب أو ذاك في جامعة أو كلية، أو تخصص أعلى من مستواه وقدراته التعليمية الحقيقية؟
يشترون له النجاح فيحكمون عليه بالفشل، يفرح هو بالتساوي مع زملائه بدرجات لم يجتهد للحصول عليها، فيحسب أن الدنيا ستفتح له كل الأبواب في كل مرحلة من حياته بإشارة منه. لا يعني «شراء النجاح» دفع الأموال لإدارة مدرسة، بل البحث عن مدرسة تعتني بالشكل الخارجي والاحتفالات والأنشطة، أكثر من اهتمامها بالتركيز على تقديم مستوى عال من التعليم ومن اختيار مدرّسين ومدرّسات بارعين في التعليم، مدرسة تهتم بكسب سمعة طيبة بين المدارس، فتمنح طلابها أعلى الدرجات كي يتقدموا إلى الجامعات بتقرير مبهر يشمل درجات المراحل الثانوية.
البحث عن الارتقاء بمستوى الطالب يبدأ منذ الطفولة وتستمر رحلة متابعة أهله له، حتى يتمكن من الثبات في سيره على خطى النجاح والتفوّق، ولا تنتهي المتابعة الأبوية حتى في السنوات الجامعية، لكنها تأخذ شكلاً مختلفاً، تكون فيه مجرد رعاية وتقديم الدعم والسند، ومنح الطالب إحساساً بالاهتمام به وبشؤونه. هكذا ينشأ على مفهوم تحمل مسؤولية نفسه وفهم معنى وقيمة التميز والنجاح ومدى تأثيرهما في تحديد شكل مستقبله.
التعليم الجيد جزء من الميراث الذي نتركه لأبنائنا، لا ينفصل عنهم ولا يمكن تقاسمه مع أحد، كل يحمل هذا الإرث أو هذا الكنز وحده، ويتسلح به ليواجه الحياة، فإما أن يجد لنفسه مكاناً يرتقي به إلى مستوى الأمنيات والأحلام وقد يفوقها، وإما أن يبقى مستتراً خلف الضعف وأسير البحث الدائم عن منقذ يختبئ خلفه كي يبدو أكبر من حجمه الحقيقي.