عادي
قراءات

كولن ويلسون..حالة هوس بالكتب

23:07 مساء
قراءة 3 دقائق
1
كولن ويلسون
1

القاهرة: «الخليج»

يحكي الكاتب كولن ويلسون في كتابه «الكتب في حياتي» (ترجمة حسين شوفي)، عن الأعمال التي شكّلت بناءه الذهني، وتوجهاته الفلسفية، منذ أن كان صبياً يافعاً، وهو المعروف بنهمه للقراءة، فقد حوى منزله ما يزيد على 30 ألف مجلد.

سرد ويلسون في الفصل الأول من كتابه، بداية عشقه للكتاب، وتجميع الكتب، حتى فاضت جدران منزله بها، وصارت مصدّات للشمس، حسب تعبير زوجته.

يقول ويلسون: «منذ أن كنت طفلاً أحببت كثيراً شراء الكتب المستعملة، وهكذا وجدت نفسي في منزلي الجديد المملوء كتباً، كمن حقق أحلامه باقتناء ما يحب من الكتب التي لطالما حلم بقراءتها، وقد اقتنيت الكتب بلا هوادة، كمن يطلب الخلود لأجل أن يتوفر له الوقت الكافي لقراءة كل هذه الكتب».عانى ويلسون حيرة عظيمة بشأن الكتب التي يريد الحديث عنها، خصوصاً الكتب التي أثرت في بواكير تشكل حياته، الذهنية والمهنية، وتتعاظم الحيرة فيما لو كان الكاتب متفرغاً للكتابة، والكتاب، وعالم الأفكار، ومن الطبيعي أن يكون خيار ويلسون للكتاب والموضوعات في كتابه هذا مؤسساً على الذائقة الشخصية بالكامل، ولا يخفى على القارئ المدقق شغفه بالنزوع السلبي المقترن بالعبثية، والعدمية.

يمكننا أن نلمح منذ البدء أن ويلسون حمل مبكراً، عبء قراءة الأعمال التي ترمي إلى تأكيد قدرة المرء على التأثير الإيجابي في حياته، وحياة العالم من حوله، بطريقة مدركة وواعية، ويوفر لنا ويلسون في كتابه هذا القدرة على التدقيق في الكتب التي قرأها، وهو يجتاز عتبات الصبا نحو البلوغ، والانبثاق ككاتب، ولا ينسى أن ينقل لنا محتوى السحر المكنون في ماهية تلك الكتب. يتحدث ويلسون عن حالة الهوس بالكتب التي أصابته، حتى أن كل غرف البيت كانت تحتلها الكتب، ولم تكن غرفة النوم مستثناة، وبات مستحيلاً إيجاد فسحة لإضافة أي كتب جديدة، وكلها تمثل مشكلة تخزينية بالنسبة إليه، ومن الطبيعي أن يسأله الزائرون في كل مرة يرون فيها رفوف الكتب: كولن هل قرأت هذه الكتب كلها؟.

ويجيب حينها: «العديد من هذه الكتب تخدمني كمراجع أعود إليها عند الحاجة، طالما أن المكتبة العامة بعيدة عن منزلي، ولا أستطيع الوصول إليها، متى كنت في حاجة للنظر في أحد الكتب المرجعية، وأن البعض الآخر من الكتب اقتنيته على أمل قراءته لاحقاً عند تيسر الوقت (مثل مجموعة كتب السير والتر سكوت التي لم أقرأها لليوم)، ولكن إذا كان يتوجب عليّ قول الحقيقة فإنني قرأت فعلاً معظم تلك الكتب، وهذا يعني بالضرورة أنني لو أردت الحديث عن الكتب الأكثر تأثيراً في حياتي لتوجب على فعلاً المضي في كتابة بضعة مجلدات عنها، وليس أقل من ذلك أبداً».

يقول ويلسون: «لا يزال المتشائمون مهيمنين على الأدب الحديث، حتى بات في عداد الأقوال الصائبة أن أي كاتب إذا ما ابتغى الحصول على جائزة نوبل للأدب، فينبغي عليه أن يؤمن إيماناً جازماً بأن الحياة البشرية عبثية، ومأساوية تماماً»، وجاء كتاب ويلسون «عصر الهزيمة» ليكون رداً معاكساً على هذه النزعة التشاؤمية، العدمية، وظهر الكتاب في أمريكا تحت عنوان «قامة الإنسان» لأن الناشر الأمريكي أراد عنواناً أكثر خفة، وتفاؤلاً.

في أحد فصول هذا الكتاب يذكر ويلسون أن أمه كانت قارئة للكتب على خلاف والده، الذي قضى حياته عاملاً في مصنع للأحذية، وعلى الأرجح، لم يقرأ كتاباً في حياته، كانت أمه شخصية رومانتيكية، مثل مدام بوفاري بطلة فلوبير، ولطالما رأت أبطالها متجسدين في نجوم الأفلام، وعندما بلغ العاشرة من عمره بات في عداد الحقائق المتداولة أنه غدا «دودة كتب».

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/54x4rhdw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"