مبررات التجارة وضوابطها

22:06 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

القانون الأمريكي لتخفيف التضخم «IRA» يهدف إلى مكافحة التلوث والحفاظ على البيئة عبر دعم الطاقات البديلة النظيفة.

ستُقدم حوافز ضرائبية لصناعة السيارات الكهربائية شرط أن تنتج وتجمع كلياً في الولايات المتحدة، وهذا يعتبر تخلياً عن العولمة والتجارة الدولية والمصالح التجارية المشتركة.

الانغلاق الاقتصادي، وإن يبرر سياسياً، لا يمكن الدفاع عنه اقتصادياً إذ إن رفع مستوى النمو العالمي يتطلب تطويراً للعلاقات التجارية والصناعية والزراعية مروراً بالتكنولوجيا. يحكى اليوم عن محادثات أوروبية أمريكية تهدف إلى وضع تعريفات جمركية على الفولاذ الصيني لأهميته في الصناعات الثقيلة. ما يحصل من مواجهات تجارية يمكن أن ينتشر عالمياً وبالتالي يؤثر سلباً فينا جميعا.

تبقى التجارة مهمة لكنها لا يمكن أن تكون أهم من البيئة وكل ما هو ضروري للحفاظ على الطبيعة الأرضية. لذا فالحرية التجارية يجب أن تحترم، لكن ضمن السلامة البيئية أي مع الحفاظ على الغابات والمياه والهواء وغيرها من ضروريات الحياة النظيفة. نقول إن التجارة الحرة مهمة وتؤثر كثيراً في النمو والمستوى المعيشي، وبالتالي العكس صحيح أي أن عرقلة التجارة تعيق النمو وتعزز الفقر كما النزوح الخطير. لا بد من الكلام عن كوبا، الجزيرة الصغيرة جنوب الولايات المتحدة، التي دخلت في صراعات سياسية كبيرة مع أمريكا وكادت أن تشعل حرباً بين أمريكا والاتحاد السوفييتي في ستينات القرن الماضي. كوبا الجزيرة الجميلة التي يمكن أن تصبح قنبلة سياحية أكبر لجمالها وخدماتها تتعطل مسيرتها بسبب السياسة.

كوبا تخسر سكانها الذين يتوجهون خاصة إلى الشمال الأمريكي بطرق شرعية أو غير شرعية هروباً من الفقر وطمعاً في تحسين أوضاعهم الاجتماعية. خلال 2022، هاجر 250 ألف كوبي إلى الولايات المتحدة أي أكثر من 2% من السكان. الهجرة الكوبية لا تتم فقط إلى الشمال وإنما في اتجاهات متعددة ترغب في استيراد الكوبيين الذين ينعمون بنظام تعليمي متطور. اليد العاملة الكوبية جيدة ومنتجة، لذا مطلوبة في دول الجوار. تحسين العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وكوبا كما تخفيف العقوبات التجارية أو إلغاؤها يؤديان حكماً إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية الكوبية وبالتالي وقف النزوح وإنعاش الاقتصاد. أما الهجرة من المنطقة العربية إلى أوروبا فسببها الهروب من الفقر والبحث عن حريات غائبة. أيهما أفضل عقوبات ونزوح أم حرية وازدهار؟

لا ننكر أن للهجرة فوائدها على الدول المضيفة. فالولايات المتحدة التي رفعت فوائدها النقدية لمحاربة التضخم، ربما تحتاج مستقبلاً إلى رفعها بنسب أقل إذا استقبلت مهاجرين أكثر. زيادة عرض العمالة يخفف الضغط على الأجور وبالتالي يساهم في محاربة التضخم. في الولايات المتحدة اليوم، الطلب على اليد العاملة هو مرتان أكثر من العرض وهذا تضخمي. لذا زيادة عدد المهاجرين تساهم في تخفيض زيادة الفوائد وربما انخفاضها لاحقاً، وذلك لصالح الدول المصدرة كما المستقبلة للعمالة. هذا هو المنطق، أما ما يحصل حالياً فهو الانغلاق الاجتماعي المرتبط بكل شيء إلا بالاقتصاد.

*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2x6abj3p

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"