صرخات الأرض

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

ربما يكون هذا العام بداية شعور الإنسان، أينما كان على خريطة العالم، بفداحة ما ارتكبه في حق هذا الكوكب، وعقوبة تجاهل التحذيرات من العبث بمقدرات الأرض وفطرتها، مقابل ما اعتبره مكاسب بدأت في الارتداد عليه خسائر تطول البشر أولاً.

لا جديد يقال عن التغير المناخي، ولا متسع من الوقت للتنظير بشأنه، فنحن الآن على عتبات التطبيق ذاهبين إلى سيناريوهات جحيمية حذر منها علماء ومحبون للأرض والإنسان، فاتُهم بعضهم بالشطط والإغراق في التشاؤم، وضُرب بما قال البعض الآخر عرض الحائط.

لا خلاف على أن جهوداً مقدرة لا تزال تتواصل لاستدراك الأمر وتقليل المخاطر المحتملة على الكوكب وساكنيه، وفي القلب منها ما بذلته الإمارات وشركاء لها قبل استضافتها الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» وأثناءها وبعدها، غير أننا لم نقترب من المأمول بعد ودونه عمل جبار.

يتأرجح العالم الآن مع بداية الصيف بين أحوال مناخية مهلكة، بعضها في مناطق ارتبطت بالكوارث الصيفية، لكن المفزع أن مناطق جديدة وجدت نفسها فجأة في قلب الخطر، وصحا سكانها على طقس لم يعهدوه، خاصة بارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وما يجّره ذلك من مآس أبرزها الضحايا من البشر، وتأثر شبكات الكهرباء الذي يترجم إلى انقطاع للتيار يصعّب الحياة ويجعل «تخفيف الأحمال» في بعض البقاع مرادفاً للأهوال.

الصين، أحد المتهمين في ملف الاحتباس الحراري، تواجه منذ أشهر ظروفاً مناخية قاسية ودرجات حرارة غير معتادة يربطها العلماء بتغير المناخ، وتتواصل في صورة أمطار غير مسبوقة تنزلق بفعلها التربة ويغادر السكان بيوتهم، بحثاً عن الأمان. وفي جزء آخر من الصين نفسها، تصل الحرارة إلى 40 درجة، وهو معدل حارق بالمعايير هناك.

ويتكرر في اليونان السيناريو السنوي المتعلق بالحرائق، وخطورتها الأكبر تكمن في الغابات وسط رياح قوية وحرارة شديدة، بعد شتاء كان الأبرد في تاريخها.

هذا الخطر المتعلق بالحر يتنقل بين أقاليم العالم تاركاً خسائر بشرية ومهدداً بالمزيد منها، فضلاً عن مشكلات صحية تزيد الضغط على المستشفيات.. يستوي في ذلك الهند التي سجلت مئات الوفيات، بل إن قارة آسيا، إجمالاً، موطن أكبر عدد من الوفيات المقدرة جراء موجات ارتفاع الحرارة.

وفي المكسيك، تجاوزت عشر مدن الأرقام المعتادة لدرجات الحرارة، وحذرت هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية من أن الحر قد يصبح مميتاً في مناطق شمال شرق البلاد وغربها الأوسط.

والأمر ذاته متكرر في الجبل الأسود، وكرواتيا، وإيطاليا، والمشترك في كل الأحوال توقع درجات قياسية من الحرارة، وكأن الكوكب يطلق صرخات أعلى مما يفعل كل عام بعد أن شهد 2023، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ارتفاعاً في درجة حرارة الأرض بنحو 1.4 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الثورة الصناعية، ما يمثل رقماً قياسياً جديداً يكسره المناخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/eddd5xzy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"