عادي
صيفنا قراءة

أحمد المطروشي: الوجودية لا تزال تعبر عن الإنسان

23:32 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد المطروشي

الشارقة: جاكاتي الشيخ

يحدثنا الكاتب أحمد المطروشي عن القراءة الصيفية، فيقول: «في معظم فترات السنة تكون لديّ التزامات طيلة اليوم، ولذلك لا يمكنني أن أقرأ إلا في جزء محدد منه، وقد تعودت على أن يكون ذلك الجزء مساءً، حيث أذهب في بدايته إلى مقهى وأنتظر بعض الأصدقاء، لمناقشة بعض الشؤون الفكرية والمعرفية، ثم أعود بعض ذلك إلى البيت وأنزوي لأقرأ ما تيسر، ولكن ذلك يختلف في الإجازة الصيفية، لأن الوقت لمصلحتي، وأجد فراغاً يمكنني القيام بتنظيمه، فأختار الوقت الذي أنام فيه ومتى أستيقظ، ما يمنحني قدرة على برمجة أوقات القراءة، لأطالع في هذه الفترة أكبر عدد ممكن من الكتب، والتي أشعر بأن ما تحتويه يشكل إضافة معرفية ويفتح آفاقاً من التفكير في كل مناحي الحياة».

ويضيف المطروشي أنه يفضل قراءة كتب الأدب والفلسفة، وخاصة الوجودية، التي لا تزال تعبر عن همومنا، وتبرز أهميتها في أنها تتخذ من الإنسان موضوعاً لها، ليس فقط من خلال التفكير وإنما من خلال الفعل والشعور، فهي ترتبط بالإنسان كفرد حي، فكل فرد في الأرض له الحق والحرية الكاملة في اختيار الحياة التي يرغب في عيشها، والهدف الذي يسعى له ويعيش من أجله، وتعد مرحلة سارتر وما بعده أكثر مراحلها خصوبة ونضجاً، نظراً لاحتوائها على كل التراكمات السابقة في المجال، أما في الأدب فيفضل قراءة كتب الشعر الحديث، وبشكل أخص قصيدة النثر، التي يرى أنها تتميز بتكثيفها الشعري وعمقها، حيث يقرأ لأهم شعرائها العرب المعاصرين.

  • وصية

وبخصوص الكتب التي يرشح للقراءة في الصيف، يوصي المطروشي بقراءة كتب شعراء قصيدة النثر في الوطن العربي، كما يقترح كتابين، هما: رواية «الصحراء وبذرتها»، و«دفاتر الحرب الغريبة»، الأول للكاتب والشاعر الأرجنتيني خورخي بارون بيزا، والكتاب رواية كلاسيكية، تغوص في الوجودية والهوية، متناولة قصة متخيلة في الأرجنتين، لراؤول بارون بيزا، وهو سياسي ثري وكاتب سيّئ السمعة، وزوجته روزا كلوتيلد ساباتيني، وحياتهما المأساوية، حيث تبدأ الرواية بمشهد في سيارة أجرة منطلقة إلى المستشفى، وبها إليخيا التي يتفسّخ وجهها ويتفكّك بفعل حمض الهيدروفلوريك (الأسيد)، الذي ألقاه عليها زوجها أثناء توقيعهما أوراق الطلاب، وبينما يحاول ابنها ماريو أن يمسح عنها الأسيد تخترق أصابعُه وجهَها، فتُجرى بعد ذلك محاولة غير ناجحة لإعادة ترميم الوجه في بوينس آيرس، ثم أخرى في ميلانو، ليصبح الابن ماريو هو الراوي الشاهد على محاولات إعادة ترميم وإصلاح بشرة أمّه، وأثناء قيامه بهذا الدور يواجه وجودَه وهويّتَه المرتبطين بالأرجنتين يراها تتفكّك من حوله.

أما كتاب «دفاتر الحرب الغريبة»، فهو من تأليف الفيلسوف جان بول سارتر، وكان عنوانه الأصلي «يوميات الحرب الغريبة» وهو بالفعل يوميات، بما أن الكاتب عمد طيلة سنة وسبعة شهور إلى الكتابة بشكل يومي، مشيراً إلى ذلك بتاريخ اليوم والشهر والسنة، وهو أيضاً رسائل، لما تخللت هذه الأيام من رسائل بين جان بول سارتر ومختلف معارفه، غير أن عنونته بالدفاتر لها دلالة أوسع وأشمل من اليوميات ومن الرسائل، فهي منسجمة مع طبيعة هذه الكتابات الخارجة عن التصنيف، بالإضافة إلى أنها تتخذ في بعض وجوهها صيغة الثرثرة اليومية، التي تضرب بعرض الحائط كل ما هو كتابة رسمية، ثم ما جاءت عليه في وجوه أخرى، مستعيرة أشكال التواصل الكلامي في مقامات مختلفة، مثل التحقيقات أو الخطابات السياسية أو المقالات الصحفية، أو البطاقات البريدية والتداعيات الحرة، التي وإن جاءت في شكل مادة حلمية ففي مواضع أخرى اتصفت بالاعترافية الجريئة، إلى غير ذلك من أصناف الخطاب، ففي هذا الكتاب ‏ينسف سارتر كل شيء ويأخذ القارئ، حيث لن يصدق أي شيء، وأول ما يلفت الانتباه في كل هذا التخريب الممنهج، أنه يشكل قطيعة مع كل أشكال وأساليب الكتابة المألوفة، فلا تأتي كتابته على نمط واحد حتى إن جملته طائشة دائماً، وهو ما يمكن القارئ من الفهم الذاتي لما يقرأ، واتخاذ مواقفه منه بحرية تامة.

  • دعوة

ويوجه المطروشي كلامه للقراء داعياً إياهم إلى اغتنام فرصة الصيف فيقول: «أنصح القارئ بتسخير بعض وقته الصيفي لقراءة الكتب، لأنه لن يجد في بقية فصول السنة فرصة فسيحة مثل هذه، فلتكن القراءة وجبة من وجباته اليومية، فبالنسبة للذين لم يتعودوا على القراءة، يمكنهم قراءة كل شيء حتى يعرفوا نوع الكتب والمجال الذي ينجذبون إليه أكثر، وحينها سيدركون القيمة المعرفية والرحابة الفكرية التي تضيفها إليهم القراءة».

كما ينصح بقراءة المجموعات، حيث يتفق مجموعة من الأشخاص في كل مرة على قراءة كتاب معين بشكل فردي، ثم يجتمعون بعد ذلك لمناقشته، فهي طريقة مجربة للتبادل الثقافي وإثراء الوعي وتنشيطه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jjh6rvy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"