عادي
صيفنا قراءة

عائشة سلطان: أمضي العام في زيارة معارض الكتب

15:47 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: جاكاتي الشيخ
تتحدث الكاتبة عائشة سلطان عن القراءة وأهميتها في حياة الإنسان، فتبدأ بالقول: «أقرأ طوال العالم بنفس الوتيرة، والشيء الوحيد الذي يوقف مشروعي القرائي في الصيف هو السفر مع الأسرة خارج البلد، خاصة إذا طال؛ لأنني أنشغل حينها بالهموم اليومية، ولكنني ألتزم برنامج قراءة محدداً خلال إجازات الصيف التي لا أسافر فيها، مثل هذا الصيف؛ لأنني أزور طوال السنة الكثير من معارض الكتب، وأخرج منها بحصيلة وافرة، وربما لا أستطيع قراءتها كلها، خاصة إذا ما أضيفت إليها كتب مقترحة من طرف الأصدقاء، أو أخرى اطلعت عليها عبر الإنترنت، ولذلك أحدد الكتب التي سأقرؤها وأخطط لبرنامج قراءتها».

1


وتشير عائشة سلطان إلى أنها تقرأ في عدة مجالات مثل الأدب الذي يدخل في صلب اهتمامها الإبداعي، وخاصة الرواية والنقد، وتقرأ في السياسة؛ لأنها تخصصها، وفي الفلسفة التي تعلقت بها منذ أيام المدرسة، ثم التاريخ بوصفه معرفة إنسانية مهمة، فكل هذه المجالات بالنسبة لها مصادر معرفية جديرة بالاطلاع.
*مطالعة
تقترح سلطان على القراء اغتنام الإجازة الصيفية؛ لمطالعة مجموعة من الكتب، أولها رواية «بيت الديب» للكاتب المصري: عزت القمحاوي، وهي رواية تنتمي لنوعية رواية الأجيال، حيث يتناول فيها الكاتب حياة أجيال متعددة لعائلة ريفية مصرية، على مدى أكثر من مئة وخمسين عاماً، ويرصد من خلالهم التاريخ المصري والعربي، ويبدأ روايته بتأسيس قرية بين الواقع والخيال، كما فعل ماركيز في «مئة عام من العزلة»، حيث تضمّ قرية القمحاوي الهاربين من ظلم الضرائب العثمانية في مفترق طرق يلتقي الناس فيه بالصدفة، ويعيشون على مبدأ المساواة التامة مستمتعين بنسيان الحكومة لهم، حتى تبدأ لعبة السلطة في القرية مع تولي محمد علي باشا حكم مصر، وتستمر الأحداث حتى غزو العراق.
كما تقترح «المعطف» للكاتب الروسي نيكولاي غوغول، ترجمة سامر سمير كرّوم، وهي الرواية التي تأثر بها كل الكتاب الروس الذين جاؤوا بعدها، حتى انتشرت بينهم مقولة «كلنا خرجنا من معطف غوغول»، وتنسب أحياناً لدوستويفسكي، وأحياناً لإيفان تورغينيف، وهو دليل على أهميتها، لا على مستوى التأثير والتأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ الأدب الروسي فقط؛ بل كمحطة فارقة في تاريخ الأدب على مستواه العالمي، فهي رواية قصيرة جداً، تروي عن الموظف «أكاكي» الذي يعمل خطاطاً في إحدى المؤسسات، وفي بلدة تتجمد الحياة فيها من شدة البرد، وهو الذي لا يملك غير معطف بالٍ ورثّ، كلما تخرَّق أخذه إلى الخياط من أجل رتقه؟ ما جعله عرضة للتندر، وفي آخر مرة رفض الخياط إصلاح المعطف، لأنه لم يعد فيه متسع للإصلاح؟ ويعالج غوغول في القصة عدة قضايا اجتماعية، لعل أبرزها حياة الفقر التي تجعل من يحياها معرضاً للسخرية، ومثيراً للشفقة، وما يكتنف هذه الحياة من صراعات قاتلة من أجل الاستمرار.
وتقترح عائشة سلطان كتاباً ثالثاً هو رواية «حجر الصبر» للكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، ترجمة صالح الأشمر، وهي قصة من نوع النوفيللا، كتبها المؤلف بفلسفة رمزية مبهرة، يمكن أن يأخذها القارئ على ظاهرها كما تروى، وقد تُقرأ بتفسير مختلف تماماً، فظاهرياً يتحدث رحيمي عن بطلته الشابة الأفغانية التي تلازم غرفتها مُعتنيةً بزوج مشلول فاقد للوعي، بسبب رصاصة اخترقت عنقه أثناء أحداث أفغانستان، وطوال الرواية، تحدث المرأة زوجها معترفة بكل شيء، وكاشفة المستور الذي لا يعلمه، ومعاناتها كامرأة معه ومع والدها وإخوتها وعمتها وجيرانها، وكل الرجال الذين ينظرون لها كسلعة، لا قيمة لها غير ذلك، أما رمزياً، فالمرأة هي أفغانستان، والرجل المشلول الذي ترعاه هو أوضاعها المتردية التي لا يبدو أن لها حلاً أو مستقبلاً إلا بالتغيير الجذري.
وتشير عائشة سلطان إلى نقطة مهمة في قراءة الأدب المترجم، وهي ضرورة الانتباه إلى مترجِم العمل، فكلما كان المترجم جيداً حصلنا على متعة أدبية حقيقية، فيجب التركيز على المترجمين المعروفين ببراعتهم في المجال، وحتى في حديث الصحف عن الكتب المترجمة، يجب عليها الانتباه إلى ذلك، لإعطاء المترجم حق جهده، ولإحاطة القراءة بمعرفة كافية بالمترجمين الجيدين.
*التزام
وتقول عائشة سلطان، إن الكتابة جزء من حياتها؛ لأنها تكتب بشكل يومي، وليس لديها من الطقوس إلا القراءة المستمرة قبل الكتابة، ويكفي أن تكون الكتابة بالنسبة لها التزاماً دائماً، وفي كل الظروف، إلا أنها تلتزم في الصيف ببرنامج خاص للكتابة، تمنح فيه وقتاً أطول للكتابة المتعلقة بمجالها الإبداعي.
أما الحديث للقراء حول أهمية القراءة، فتقول إنه يذكرها بكتاب بعنوان «لماذا نقرأ الأدب الكلاسيكي؟» لمؤلفه إيتالو كالفينو، الذي يقدم رؤية عميقة حول أهمية القراءة، فالقراءة هي الملاذ الأكثر أماناً، ومن لا يقرأ يفوِّت على نفسه معرفة الكثير من جوانب الحياة، وعلى الذين لا يقرؤون – لأي سبب – أن يحثوا أولادهم على القراءة، خاصة إذا ما نظرنا إلى بيئتنا المعرفية، فنحن في دولة تحتفي بالقراءة والثقافة بشكل مشهود، عن طريق المسابقات التي يتم تنظيمها بشكل متواصل، والمبادرات التي تهتم بنشر الثقافة والوعي المعرفي.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/t2s4sf9x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"