أمراض السفر تذكرة إلى سرير أبيض

وبائية معدية تحصد 13 مليون شخص سنوياً
03:52 صباحا
قراءة 6 دقائق

يجهز البعض حقائبه، ويرتب ثيابه وأوراقه، متوقعاً أن تكون إجازته الصيفية راحة بعد تعب، وهدوءاً بعد ضجيج عام من العمل والإرهاق، يقصد بلداً سياحياً أو ساحلياً، أو ربما مدينة تاريخية، في هذه القارة أو تلك، لكن إجازته تتحول فجأة إلى كابوس مفزع، وأيامه التي ظنها جنة، تستحيل عذاباً، وتصبح تذكرة سفرهم، تذكرة إلى الأسرة البيضاء بين مستشفى وآخر . يحدث ذلك عندما يتعرض المسافر إلى لعنة أمراض السفر، اللعنة التي تتربص بالملايين الذين ينتقلون من مكان إلى آخر، للعمل أو التنزه أو الاستجمام، فإذا بهم ينتقلون إلى صدمة الإصابة بالأمراض الوبائية والمعدية .

إحصاءات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن أكثر من 13 مليون شخص يموتون سنوياً بسبب هذه الأمراض، وأن نصف هذا العدد من الأطفال، وأن المسافرين قد يواجهون مصيراً حزيناً إذا لم ينتهبوا إلى الاجراءات الوقائية .

الأمراض التي تنتقل بسبب السفر من مكان إلى آخر، هي تلك الأمراض المعدية التي تنتج عن انتقال الميكروب أو الطفيل المسبب للمرض من شخص مصاب أو حامل للمرض إلى الشخص السليم، وبالرغم من اكتشاف الكثير من الأمراض والمضادات الحيوية والأدوية، إلا أن ازدياد حركة السفر من مكان إلى آخر، جعل الكثير من المجتمعات عرض للإصابة بأمراض جديدة، وربما توفر الأجواء والاحتمالات لعودة بعض الأمراض القديمة نادرة الحدوث . الصحة والطب تقدم لكم دليلاً موجزاً عن أمراض السفر، أعراضها، مضاعفاتها، والأهم طرق الوقاية، واللقاحات الروتينية الضرورية قبل السفر .

اضطرابات هضمية

يقول الدكتور قاسم عباس الصراف استشاري الأمراض الباطنية: إن أمراض المعدة والأمعاء تأتي على رأس قائمة الاضطرابات الشائعة أثناء السفر، لأن العوامل المسببة لها كثيرة، وهي تؤثر على الجهاز الهضمي بصورة مباشرة، فنلاحظ مثلاً الإصابة بالإسهال حتى أنه يسمى( travelerصs diarrhea) أي (إسهال المسافر) ومن أسبابه عدم تعود الإنسان على نوع الغذاء الجديد في البلد المضيف، أو بسبب تلوث الأطعمة وتعرضها للبكتيريا الضارة، لذلك ننصح المسافرين بأخذ الحيطة في اختيار غذائهم، ومحاولة الأكل بكميات معتدلة كوقاية من هذه الاضطرابات، كما أنه من الشائع الإصابة بالإمساك أثناء السفر، وذلك بسبب قلة تناول السوائل والتغيير في نوع الأكل، يجب الإكثار من شرب السوائل للحفاظ على الحيوية، أما في حال حصول التسمم الغذائي فعلى المصاب مراجعة الطبيب في مكان الإصابة، وعدم الاعتماد على الحبوب المانعة للإسهال .

ويضيف: أما بالنسبة لأمراض الجهاز التنفسي، وبالنظر لتغير درجات الحرارة و طبيعة البيئة الجديدة، يصاب بعض الأشخاص بالسعال وضيق عند التنفس بسبب التحسس من بعض أنواع النباتات، أو نتيجة للتلوث البيئي، لذا ينصح المصابون بالربو، وخصوصاً الأطفال بأخذ أدويتهم معهم لتجنب حصول مثل هذه الأزمات، أما السبب الثاني فهو حصول الالتهابات الصدرية المختلفة والتهاب اللوزتين، ويكفي تناول شراب للسعال، وبعض المواد الساخنة والراحة في حالات المرض الخفيفة، أما إذا تفاقمت الأمور، فعلى المسافر أن يراجع الطبيب للحصول على الدواء المناسب، كما يصاب عادة بعض المسافرين لمسافات طويلة بآلام العضلات والمفاصل، نتيجة الشعور بالتعب وعدم التعود على الجلوس لفترات طويلة، ومن المعروف طبياً أن الأمراض المزمنة تتأثر بشكل مباشر بالتعب والإرهاق وتغيير الغذاء، لذا يجب استشارة الطبيب المختص لأخذ بعض النصائح قبل السفر، خصوصاً للمرضى الذين يعانون من الارتفاع الحاد في السكري

عيون في خطر عوامل خارجية

يقول الدكتور جلال حسنين كامل كلية طب في جامعة القاهرة: اذا نظرنا إلى تركيب العين التشريحي، نجد أن طبقتى الملتحمة والقرنية هما أكثر طبقات العين تأثراً بالعوامل الخارجية، وفي حال تعرضت العين إلى أي من العوامل التى تسبب إثارة تظهر لنا أعراض مرضية تستلزم العلاج السريع، ومنها الإحساس بالحرقان وبوجود جسم غريب في العين مثل الرمل، والرغبة في حكها واحمرارها وزيادة نسبة الدموع، كذلك ظهور إفرازات غير عادية وعدم القدرة على مجابهة الضوء، وعدم وضوح الرؤية .

والعوامل المتسببة في إثارة العيون كثيرة، منها التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة أثناء السفر والتجوال، وعند تمضية الوقت على الشواطىء والمسابح العامة و الحدائق والمتنزهات، كما تعتبر الأشعة فوق البنفسجية مصدر الخطر والإثارة للعين، سواء بالنظر المباشر إلى الشمس، أو عن طريق الأشعة المنعكسة من سطح مياه البحر ومياه المسابح، وأيضاً الرمال، حيث تؤدي هذه الأشعة إلى حدوث تأثيرات ضارة ومباشرة مثل جفاف طبقتي الملتحمة والقرنية، وغير المباشرة وتظهر بعد فترة، مثل تكون الظفرة والمياه البيضاء في عدسة العين، وتليف مركز الإبصار بالشبكية، كما يزداد خلال السفر حدوث التهابات الملتحمة بأنواعها المختلفة، سواء البكتيرية أو الفيروسية أو الكلاميدية .

يتحدث الدكتور ماجد صلاح الدين، اختصاصي الأمراض الجلدية والتناسلية، عن التعرض لأشعة الشمس بشكل معتدل، قائلاً إن له فوائد عدة للجلد، مضيفاً أن الأشعة فوق البنفسجية يمكن استخدامها فى علاج الثعلبة الجلدية، البرص، الصدفية، وتساقط الشعر، إلا أن التعرض لها لفترات طويلة، خاصة وقت الظهيرة، يكون له أثار سلبية على الجلد وقد تكون بسيطة أو قد تصل إلى الإصابة بسرطانات جلدية خاصة لذوي البشرة البيضاء الحساسة، لافتاً إلى بعض الأمراض الجلدية نتيجة السفر والتعرض المباشر للحرارة والرطوبة ومنها الأمراض الفطرية (التنيا الملونة - تنيا الجسم - تنيا اليدين والقدمين) والاكزيما العرقية وهناك أمراض جلدية تتفاقم أكثر خلال السفر، منها حب الشباب والوردية والكلف، علماً أن بعض الأمراض الفطرية تسبب الحكة الشديدة والتسلخات وبياض الجلد الذي قد يميل إلى الأحمرار، أما الحزاز الضوئي فقد يصيب الإنسان بصورة حادة أو مزمنة، وينتشر على شكل حبوب بنفسجية اللون مرتفعة عن الجلد وبها حكة شديدة، وهذه البثور تكون محددة الأبعاد وتوجد على الأطراف وقد تصيب الأغشية المخاطية بالفم واللسان، وتظهر أحياناً في المناطق التناسلية، وهو عدة أنواع، منه الحزاز الضوئي الذي يظهر في الوجه ويزيد بالتعرض للشمس، وقد تكون الإصابة على شكل بقع سطحية داكنة اللون مع إحساس بالحكة .

ويتابع: الطفح العرقي أحد الأمراض التي تصيب المسافرين، خاصة مع زيادة التعرض لأشعة الشمس، وهو عبارة عن حبيبات أو بثور جلدية حمراء اللون، صغيرة الحجم (1-3 مم) بها حكة شديدة، وقد يظهر سائل نقي داخل بعض تلك البثور، وإذا التهب هذا السائل أصبح متقيحاً، كذلك جفاف البشرة نتيجة التعرض لهواء التكييف البارد مباشرة لفترات طويلة، كما أن الأطفال لا يسلمون من هذه الأمراض، ومنها إكزيما الأطفال خاصة بين سن شهر إلى ثلاث سنوات .

ويشير الدكتور صلاح الدين إلى أن العديد من المسافرين يتعرضون للإصابة بحرقة الشمس، حيث يحمر الجلد ويتورم وتحدث به حكة، وقد تظهر الفقاقيع التى قد تنفجر تاركة تقرحات الجلدية .

اللقاحات الروتينية ضروروية

تقول الدكتورة ليلى البحري طبيبة أطفال إنه يمكن تقسيم الأمراض التي تصيب الأطفال خلال السفر إلى أربع مجموعات، أولها المنقولة بالغذاء مثل الإسهال، وغالباً ما تنتقل هذه الأمراض عبر الماء أو الغذاء الملوث، إذ ان أهم مسبباتها السالمونيلا والكولونيات والزحار والروتا فيروس، وثانيها الأمراض المنقولة بالحشرات، ومنها ما ينقل عبر لدغ البعوض نهاراً، مثل حمى الضنك وأخرى تنقل بلدغ البعوض ليلاً، مثل الملاريا والحمى الصفراء والتهاب الكبد، وثالثها التي تنتقل من أشخاص مصابين أو باستعمال محاقن أو دم ملوث، ورابعها الأمراض المنقولة من حيوان مصاب أو من المحيط خاصة الكلاب الشاردة .

وتؤكد البحري ضرورة أخذ اللقاحات الروتينية قبل السفر بأربعة أو ستة أسابيع حيث ان بعضها يتطلب إعادة الجرعة، في حين هناك لقاحات خاصة بالسفر لأمراض معينة أهمها الكوليرا والتهاب الكبد أ والإنفلونزا والسحائيات والتيفوئيد والحمى الصفراء وغيرها، إلا أنه يتوجب تقييم حالة المسافرين إلى مناطق موبوءة خاصة إذا كانت اقامتهم في هذه البلدان طويلة كما يفضل إجراء اختبارات للطقيليات المعوية لدى العودة واستشارة طبيب مختص في حال ارتفاع درجة الحرارة .

أمراض وبائية

حول أعراض الأمراض الوبائية التي تنتقل خلال السفر يتحدث الدكتور محمد حسين، اختصاصي أمراض صدرية وحساسية، مشيراً إلى أنها تشمل الحمى، والتعب، والإرهاق، ونقص الوزن لدى الشخص المصاب، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى التي تختلف من مرض لآخ، فمثلاً يعاني مرضى الدرن الرئوي من الحرارة المرتفعة، ونقص الوزن، وفقدان الشهية للطعام مع البصاق المدمى والسعال المستمر، في ما يعاني مرضى حمى الوادي المتصدع الذي ينتقل عن طريق البعوض من حرارة مرتفعة ونقصان في الوزن وإرهاق وهزال للعضلات والعرق الغزير، أما مرضى الملاريا والذي يحدث نتيجة لدغة البعوض الحامل للطفيل، فيشعرون بحرارة ورعشة في الجسم وبرودة مع استمرار تلك الأعراض وتتابعها، فيما يعاني مرضى الكوليرا الناجمة عن تناول الطعام والشراب الملوث بالميكروب، ومن الإسهال الشديد والمقاوم للأدوية، وحدوث الجفاف، ونقص الأملاح والمعادن، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث الوفاة إن لم يتم العلاج سريعاً . ويقول: هناك أمراض كثيرة تنتشر أحياناً في مناطق وبائية مثل إنفلونزا الطيور والخنازير، وفيروس سارس، وهي أمراض ينتج عنها التهابات حادة وفيروسية للجهاز التنفسي، نتيجة استنشاق الغبار الملوث بالميكروب أو الفيروس المسبب للمرض .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"