إيبولا يجتاح غرب إفريقيا ويهدد العالم

00:50 صباحا
قراءة 7 دقائق
تشهد منطقة غرب إفريقيا منذ مارس/آذار الماضي حالة تفشٍّ لفيروس إيبولا المسؤول عن الإصابة بحمى إيبولا النزفية، وهو فيروس شديد الخطورة يقتل 90% ممن يصيبهم . والدول التي شملتها حالة التفشي الأخيرة هي غينيا وليبيريا وسيراليون . وهو الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية إلى إصدار تقارير دورية تُحذر من إمكانية انتشار الوباء إلى مناطق أخرى في العالم، وتنصح السكان المحليين بتوخي الحذر فى التعامل مع حالات الإصابة بالفيروس القاتل .
في هذا السياق أعلن لويس سامبو المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في بيان أن منظمة الصحة العالمية قلقة بشدة من احتمالية انتقال المرض للبلدان المجاورة لغينيا، وهو الأمر الذي سيرفع احتمالات انتشار الفيروس على مستوى دولي .
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود فإن إيبولا يُعد تهديداً قوياً للأمن الصحي العالمي، فيما قالت منظمة الصحة العالمية إن الجهود المبذولة لم تمنع، حتى الآن، الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة والوفاة جراء التعرض لعدوى إيبولا .
وفيروس إيبولا يسبب نزيفاً قوياً، وتصل نسبة إماتته إلى 90 في المئة، ويعد من أكثر الأمراض الفيروسية عدوى، إذ ينتقل عبر سوائل الجسم أو الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين، ويعرف طبياً بكونه "حمى نزفية فيروسية" تصيب البشر، ويسبب المرض حمى وقيئاً وإسهالاً .
وللمرة الأولى، تم الكشف عن هذا الفيروس عام 1976 في إحدى المقاطعات الاستوائية الغربية بالسودان، وفي منطقة مجاورة بزائير (الآن جمهورية الكونغو الديمقراطية)، وذلك عقب حدوث أوبئة كبرى في منطقة نزارا بجنوب السودان، وفي يامبوكو شمالي الكونغو، وتبلغ نسبة الوفيات بفيروس إيبولا 90 في المئة من حالات الإصابة .

عوامل الخطر

وفقاً لبيان صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تلعب دوراً في التفشي الحالي للفيروس القاتل وهي:
انتقال الفيروس في المجتمعات الريفية .
عملية انتقال الفيروس في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في محيط مدينتي كوناكري بغينيا، ومنروفيا بليبيريا .
انتقال الفيروس عبر المناطق الحدودية في غينيا وليبيريا وسيراليون، والذي تحفزه النشاطات الاقتصادية والتجارية وحركة السكان بين هذه المناطق الحدودية .
وتشمل أعراض حمى إيبولا النزفية: حمى وضعفاً بدنياً وألماً في الحلق وقشعريرة وصداعاً شديداً وآلاماً في العضلات والمفاصل، وغثياناً وقيئاً وإسهالاً قد يكون مخلوطاً بالدم، وسعالاً ومغصاً في المعدة وألما في الصدر، ونزيفاً من الأنف والعينين والفم والأذنين والشرج .
وتبلغ فترة حضانة فيروس إيبولا في الجسم (أي المدة الزمنية بين لحظة إصابة الشخص بالعدوى وظهور أول أعراض المرض عليه)، من يومين إلى 21 يوماً . ومن أبرز الصعوبات المتعلقة بالفيروس عدم وجود علاج أو تطعيم ضده، والأشخاص المصابون يتم التعامل معهم عبر توفير الرعاية الطبية الداعمة لهم .
وترتفع مخاطر الإصابة بالمرض لدى الأشخاص الذين يجرون تجارب على الحيوانات مثل الخفافيش والقردة، والأشخاص الذين يعتنون أو يعيشون مع أشخاص مصابين بالإيبولا، ولدى عاملي القطاع الصحي الذين يقدمون الرعاية الصحية لمرضى الإيبولا، وعمال الدفن الذين يقومون بإجراءات دفن الموتى بسبب الإيبولا .

أنواع الفيروس

يتكون فيروس إيبولا من خمسة أنواع مختلفة، هي: بونديبوغيو وساحل العاج وريستون والسودان وزائير .
وترتبط أنواع الفيروس بونديبوغيو والسودان وزائير بفاشيات كبيرة لحمى إيبولا النزفية في إفريقيا، فيما لا يرتبط نوعا الفيروس ساحل العاج وريستون بفاشيات معينة من الحمى .
وإيبولا النزفية مرض حموي يودي بحياة نسبة تتراوح بين 25 و90% من مجموع المصابين به . ويمكن أن تصيب أنواع فيروس إيبولا ريستون الموجودة في الفلبين الإنسان بعدواها، ولكن لم يبلغ حتى الآن عن أية حالات مرضية أو وفيات بين البشر .

سراية عدوى المرض

تنتقل عدوى إيبولا إلى الإنسان بملامسة دم الحيوانات المصابة بالمرض أو إفرازاتها أو أعضائها أو سوائل جسمها الأخرى . وقد وثّقت في إفريقيا حالات إصابة بالعدوى عن طريق التعامل مع قردة الشمبانزي والغوريلا وخفافيش الفاكهة والنسانيس وظباء الغابة وحيوانات النيص التي يعثر عليها نافقة أو مريضة في الغابات المطيرة .
وتنتشر لاحقاً حمى إيبولا بين صفوف المجتمع من خلال سراية عدواها من إنسان إلى آخر بسبب ملامسة دم الفرد المصاب بها أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى .
كما يمكن أن تؤدي مراسم الدفن التي يلامس فيها النادبون مباشرة جثة المتوفى دورا في سراية عدوى فيروس إيبولا، التي يمكن أن تنقل بوساطة السائل المنوي الحامل للعدوى خلال مدة تصل إلى سبعة أسابيع عقب مرحلة الشفاء السريري .
وكثيرا ما يصاب العاملون في مجال الرعاية الصحية بالعدوى لدى تقديم العلاج للمرضى المصابين بها، إذ تصيب العاملين العدوى من خلال ملامسة المرضى مباشرة من دون توخي الاحتياطات الصحيحة لمكافحة المرض وتطبيق الإجراءات المناسبة لرعاية المرضى في محاجر معزولة . وقد يتعرض مثلاً العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين لا يرتدون قفازات و/ أو أقنعة و/ أو نظارات واقية لملامسة دم المرضى المصابين بعدوى المرض ويكونون عرضة لخطر الإصابة بعدواه .
وقد تم توثيق العديد من حالات عدوى المرض الوخيمة غير المصحوبة بأعراض سريرية بين صفوف العمال الذين يلامسون القردة أو الخنازير المصابة بعدوى فيروس إيبولا ريستون . وهكذا فإن فيروس ريستون على ما يبدو أضعف قدرة من سائر أنواع فيروسات إيبولا على إصابة الإنسان بالمرض، بيد أن البيّنات المتاحة عنه لا تتناول سوى البالغين من الذكور الأصحاء . وسيكون سابقا لأوانه الاستدلال على الآثار التي يخلفها الفيروس في صحة الفئات السكانية كافة، كالأشخاص الذين يعانون نقصا في المناعة والأفراد المصابين بحالات صحية خطيرة والحوامل والأطفال . ويلزم إجراء مزيد من الدراسات عن فيروس إيبولا ريستون قبل التمكن من التوصل إلى استنتاجات نهائية حول معدلات إمراضية هذا الفيروس وفوعته في الإنسان .

بوادر المرض وأعراضه

حمى إيبولا النزفية مرض فيروسي حاد ووخيم يتميز غالباً بإصابة الفرد بالحمى والوهن الشديد والآلام في العضلات والصداع والتهاب الحلق، ومن ثم التقيؤ والإسهال وظهور طفح جلدي واختلال في وظائف الكلى والكبد، والإصابة في بعض الحالات بنزيف داخلي وخارجي على حد سواء . وتظهر النتائج المختبرية انخفاضاً في عدد الكريات البيضاء والصفائح الدموية وارتفاعاً في معدلات إفراز الكبد للأنزيمات .
وينقل المصابون بالمرض عدواه إلى الآخرين طالما أن دماءهم وإفرازاتهم حاوية على الفيروس . وتبيّن من حالة مكتسبة مختبرياً عزل فيها فيروس إيبولا عن السائل المنوي أن الفيروس كان موجوداً في السائل حتى اليوم الحادي والستين عقب الإصابة بالمرض .
وتتراوح فترة حضانة المرض (الممتدة من لحظة الإصابة بعدواه إلى بداية ظهور أعراضه) بين يومين اثنين و21 يوماً .
ويتفاوت من فاشية إلى أخرى بين 25% و90% معدل الإماتة أثناء اندلاع فاشيات حمى إيبولا النزفية .

تشخيص المرض

تشمل التشخيصات التفريقية الملاريا وحمى التيفوئيد وداء الشّيغيلاّت والكوليرا وداء البريميّات والطاعون وداء الرّيكتسيّات والحمّى النّاكسة والتهاب السحايا والالتهاب الكبدي وغيرها من أنواع الحمى النزفية الفيروسية .
ولا يمكن تشخيص حالات الإصابة بعدوى فيروس إيبولا تشخيصاً نهائياً إلا في المختبر، وذلك بإجراء عدد من الاختبارات المختلفة التالية:
* مقايسة الممتز المناعيّ المرتبط بالإنزيم
* اختبارات الكشف عن المستضدات
* اختبار الاستعدال المصليّ
* مقايسة المنتسخة العكسيّة لتفاعل البوليميراز المتسلسل
* عزل الفيروس عن طريق زراعة الخلايا
وتنطوي الاختبارات التي تجرى للعينات المأخوذة من المرضى على مخاطر بيولوجية جسيمة وينبغي أن يقصر إجراؤها على تأمين ظروف قصوى للعزل البيولوجي .

العلاج واللقاحات

تستدعي الحالات المرضية الشديدة توفير رعاية داعمة مكثفة للمرضى الذين يصابون من جرائها في كثير من الأحيان بالجفاف ويلزم تزويدهم بسوائل الإماهة بالحقن الوريدي أو عن طريق الفم باستخدام محاليل تحتوي على الكهارل .
ولا يوجد حتى الآن علاج أو لقاح محدد لحمى إيبولا النزفية . وقد أظهرت العلاجات بالأدوية الجديدة نتائج واعدة في الدراسات المختبرية وهي تخضع للتقييم حاليا . ويجري اختبار العديد من اللقاحات ولكن قد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل إتاحة أي واحد منها .

المضيف الطبيعي للفيروس وانتشاره بين الحيوانات

ينظر في إفريقيا إلى خفافيش الفاكهة، وخاصة أنواع الأجناس Hypsignathus monstrosus و Epomops franqueti و Myonycteris torquata منها، على أنها يرجّح أن تكون المضيف الطبيعي لفيروس إيبولا . وعليه قد يكون التوزيع الجغرافي لفيروسات إيبولا متداخلاً مع طائفة خفافيش الفاكهة .
وبرغم أن المقدّمات غير البشرية هي مصدر عدوى الإنسان بالمرض فإن من المعتقد أنها لا تمثل مستودعاً للفيروس بل مضيفاً عرضياً له كالإنسان . وقد تبيّن منذ عام 1994 أن فاشيات فيروس إيبولا من نوعي زائير وساحل العاج موجودة في حيوانات الشمبانزي والغوريلا .
وقد تسبب فيروس إيبولا ريستون في استشراء فاشيات حادة من الحمى النزفية الفيروسية بين قردة المكاك التي ربّيت في مزارع الفلبين والقرود التي استوردتها الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام 1980 و1990و1996 وتلك التي استوردتها إيطاليا من الفلبين في عام 1992 .
وجرى منذ عام 2008 الكشف عن فيروسات إيبولا ريستون أثناء اندلاع عدة فاشيات للمرض نفقت على أثرها الخنازير . وأبلغ عن ظهور عدوى عديمة الأعراض بين تلك الحيوانات، على أن عمليات التلقيح التجريبية تميل إلى إثبات أن فيروس إيبولا ريستون لا يمكن أن يتسبب في إصابتها بالمرض .

الوقاية من المرض

لا يوجد لقاح متاح لتطعيم الحيوانات ضد فيروس إيبولا ريستون، ومن المتوقع أن تؤدي عمليات التنظيف الروتينية وتطهير حظائر الخنازير أو القردة (بمطهرات من قبيل هيبوكلوريت الصوديوم أو غيره من المطهرات) دوراً فعالاً في تعطيل نشاط الفيروس . وإذا اشتبه في اندلاع فاشية ينبغي أن يفرض حجر صحي على المكان فوراً . وقد يلزم إعدام الحيوانات المصابة بعدوى المرض، بالتلازم مع التدقيق في الإشراف على دفن جثثها أو حرقها، للحد من مخاطر سراية العدوى من الحيوان إلى الإنسان . ويمكن الحد من انتشار المرض بفرض قيود أو حظر على نقل الحيوانات من الحظائر المصابة بعدوى المرض إلى مناطق أخرى .
ونظرا لأن فاشيات فيروس إيبولا ريستون في الخنازير والقردة قد سبقت حالات إصابة الإنسان بعدوى المرض فإن إنشاء نظام فعال لترصد صحة الحيوانات للكشف عن حالات الإصابة الجديدة بالمرض أمر ضروري من أجل توجيه إنذارات مبكرة إلى السلطات المعنية بالصحة العمومية للشؤون البيطرية والبشرية . وللوقاية من المرض يجب اتباع ما يلي:
الاهتمام بالنظافة وعدم استعمال أدوات غيرهم، مثل المنشفة ومشط الشعر وفرشاة الأسنان .
غسل اليدين بالماء والصابون مراراً .
تلافي التواصل مع دم أو إفرازات الأشخاص والحيوانات المصابة .
عدم لمس الأدوات التي يُحتمل أن تكون لامست أشخاصا أو حيوانات مصابة، مثل أدوات الطبخ أو السكاكين أو الأكواب .
الابتعاد عن الحيوانات المصابة أو التي يمكن أن تحمل المرض .
في حال ظهور أي أعراض مثل التعب أو الحمى، فيجب مراجعة الطبيب فوراً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"