التغيرات المناخية وذوو الإعاقة

مقال
13:53 مساء
قراءة 4 دقائق

احتل موضوع الاحتباس الحراري مكانة خاصة في وسائل الإعلام، إلى أن جاءت الأزمة المالية العالمية التي سلبت كل الأضواء، ومع ذلك فقد عاد موضوع الاحتباس الحراري ليطل من جديد ويحظى باهتمام العالم، وذلك بعد قمة الأمم المتحدة حول تغيرات المناخ التي عقدت مؤخراً في كوبنهاغن .

إن الغالبية العظمى من مجتمع العلماء يشعرون بالقلق تجاه ارتفاع متوسط درجات حرارة الأرض، نتيجة ازدياد مستويات انبعاث الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) الناجم عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، والتي أثرت في الغلاف الجوي، مما يؤثر في الإنسانية جمعاء بما فيها الأشخاص ذوو الإعاقة .

إن تأثير التغيرات المناخية في الأشخاص ذوي الإعاقة يأخذ أشكالاً مختلفة، حيث ستكون المؤسسات العاملة في قطاع الإعاقة بحاجة لوضع استراتيجيات للحد من آثار ارتفاع درجات الحرارة في المنتفعين من هذه المؤسسات، علماً أن ارتفاع الحرارة يسبب الأمراض والوفيات الناجمة عن موجات الحر المتكررة، والاعتلال جراء تدهور نوعية الهواء والماء، واحتمالية انتشار الأمراض الاستوائية في المناطق التي ترتفع فيها الحرارة .

وبناء على ذلك، فمن المتوقع أن يتبنى القطاع العامل مع ذوي الإعاقة استراتيجيات وقائية وعلاجية، لكي يلعب دوره المأمول في الحد من الانبعاثات المؤذية، جنباً إلى جنب مع قطاعات العمل الأخرى، وإن الدعوات المتنامية نحو مزيد من التمويل لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، ستخلق منافسة للمنظمات العاملة في ميدان الإعاقة من أجل اجتذاب التمويل من قبل الشركات الممولة للفعاليات الخيرية والإنسانية .

الآثار المترتبة على قطاع الإعاقة

من المرجح ان تؤثر الزيادة المتوقعة في أعداد الحالات الصحية الإنسانية الناجمة عن التغير المستمر في المناخ على المؤسسات والمشاريع العاملة في مجال رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة . علماً أن غالبية المنظمات المعنية بالإعاقة تعاني من نقص الموارد والنقص في الموظفين المزمن، وقوائم الانتظار الطويلة والميزانيات المحدودة . وإن الازدياد في الحالات الصحية الناجمة عن الإجهاد الحراري، والجفاف، والأمراض الاستوائية، وأمراض الجهاز التنفسي، على سبيل المثال لا الحصر، سوف يشكل المزيد من الضغوط على المنظمات المعنية بالإعاقة نتيجة لذلك، حيث ستحتاج منظمات الإعاقة إلى استراتيجيات جديدة للتعامل مع تغير المناخ كجزء من التخطيط للمستقبل، وهذه الاستراتيجيات ينبغي أن تشمل:

* التعليم: تتحمل منظمات المعاقين المسؤولية لرفع مستوى التوعية بالآثار المحتملة لتغيرات المناخ بين المنتفعين وأسرهم، من أجل التقليل من مخاطر الإصابة أو المرض .

* مهارات الموظفين: من واجب المنظمات العاملة في ميدان الإعاقة أيضاً تقديم المشورة والتثقيف للموظفين، ليس على الأثر العام لظاهرة الاحتباس الحراري فقط، ولكن أيضا في العلاج المتخصص للأمراض المرتبطة بالحرارة والأمراض الاستوائية مثل حمى الضنك dengue fever والتي كانت حتى الآن نادرة نسبياً .

* تخطيط القوى العاملة: تحتاج منظمات الإعاقة في المستقبل إلى تغيير الطريقة التي تنظم فيها تخطيط عملها . ليس من حيث المهارات والتدريب فقط، وإنما من حيث قدرتها على التعامل مع الحالات الصحية المتصلة بتغير المناخ، إضافة إلى جدولة مواعيد الإجازة السنوية للموظفين، والأنشطة الإضافية التي يتم تنظيمها في فصل الصيف الذي يحظى بموجات إضافية من الحرارة .

استراتيجيات التكيف الخاصة بالمعاقين

يتطلب الأمر من منظمات الأشخاص المعاقين وضع استراتيجيات التكيف مع الوضع الجديد لمساعدة المعاقين على الاستعداد لمواجهة آثار ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تواترها، وكذلك مطلوب من المعاقين أيضاً أداء واجبهم كمواطنين صالحين في المجتمع، عبر تبني استراتيجيات للتخفيف من مخاطر تغير المناخ، والتي تشمل ما يلي:

* تخفيض نسبة أكسيد الكربون: ينبغي على المنظمات المعنية بالإعاقة في العالم - وهي كثيرة- القيام بدور كبير للحد من الآثار البيئية . ويشمل هذا الأمر الحد من انبعاثات المركبات، وتقليل استخدام الطاقة، وإعادة تدوير، والتطلع لاحتضان المبادرات الخضراء مثل الطاقة المتجددة وموازنة الكربون .

* يمكن أن تتولى مؤسسات الإعاقة زمام المبادرة والقيادة من خلال تشجيع الموردين والعملاء على تبني استراتيجيات تخفيف آثار تغير المناخ كلما كان ذلك ممكنا .

* المباني: من المهم أن تتولى منظمات ومؤسسات المعاقين دوراً قيادياً عند بناء مبان جديدة، أو عند بناء مشاريع الإسكان التي للمعاقين نصيب منها، وذلك عن طريق ضمان أن تكون هذه المباني منسجمة مع معايير البناء البيئي، وذلك باعتماد الممارسات الخضراء أو التعاقد مع الشركات التي تقوم بمشاريع أن تتبع الممارسات الخضراء في مشاريعها، وتبني الممارسات البيئية، واتباع البرامج التي تعتمد على الطاقة الفاعلة والاعتماد على الطاقة صديقة البيئة .

ما الذي يمكن عمله؟

1- الاعتراف الكامل وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة UNCRPD وتحديداً المادة (32) بشأن التعاون الدولي، لتسهيل وتحسين الروابط بين مبادرات تغير المناخ والأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم ومنظماتهم .

2- إدراج الإعاقة في إطار عمل الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ خلال السنوات المقبلة .

3- التأييد للفكرة القائلة بأن أي معاهدة جديدة يتم إبرامها تحت مظلة الأمم المتحدة ينبغي أن تكفل الإجراءات المتخذة في سياق التكيف والتخفيف من التغيرات البيئية، ونقل التكنولوجيا بالتعاون مع جميع الأطر والاتفاقيات القائمة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة .

4- إدراج الأشخاص ذوي الإعاقة بين مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة والمساهمة في عمليات النقاشات ومراجعة السياسات .

5- إن منهجيات وأدوات الحد من مخاطر الكوارث، ولا سيما في مجال تقييم المخاطر ونظم الرصد والإنذار المبكر، يجب أن تكون سهلة الوصول وشاملة .

6- توفير ما يكفي من التمويل لدعم هذه الآليات .

وزارة الشؤون الاجتماعية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"