التغير المناخي ينشر الأمراض المعدية في العالم

00:40 صباحا
قراءة 8 دقائق

قال باحثون ان الفيضانات وموجات الجفاف الناتجة عن التغير المناخي قد تحول الأمراض العادية إلى أمراض خطيرة.وقال الباحثون ان الأحوال المناخية القاسية قد تهيئ ظروفا ينتشر فيها العديد من الأمراض المعدية في آن واحد مما قد يؤدي إلى القضاء على أنواع بأكملها من الكائنات الحية.

كان علماء قد اشاروا إلى أن بعض الأمراض المعدية قد تعجل بانقراض بعض الأنواع الحية، حيث لعبت الأمراض المعدية دوراً في انخفاض أعداد الضفادع في استراليا وأمريكا الوسطى والطيور البرية في هاواي، والكلاب البرية الأفريقية مؤخراً، وساهمت العدوى كذلك في انخفاض أعداد الكائنات المهددة بالانقراض مثل الأسود وطيور الكركي والنسور وحيوان ابن مقرض أسود القدمين.

وقال كريج باكر الباحث بجامعة مينيسوتا في دراسته التي نشرت بدورية المكتبة العامة للعلوم عندما تحدث هذه الضربات المناخية القاسية فإنها ستميل إلى تزامن هذه الأنواع من العدوى المحتمل ان تكون أكثر شيوعا مع التغير المناخي.

وتوقع كثير من الباحثين ان تغير التغيرات المناخية الناجمة عن انبعاثات ثانى اكسيد الكربون السبب الرئيسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض العلاقة التقليدية بين اسباب الأمراض وحامل الطفيل فتحول الأمراض المتوسطة الخطورة إلى أمراض مميتة.

وقال باكر ان فريقه اكتشف مثالا واقعيا لهذا الافتراض.

ودرس الباحثون نوعين غير عاديين لفيروسين خطيرين يسببان أمراضا معدية للحيوان خلال الفترة بين عام 1994 وعام 2001.

وشملت الدراسة أسودا بالمتنزه الوطني في تنزانيا.

وأضاف باكر ان أغلب الأمراض الحيوانية المعدية في الماضي لم تسبب اضراراً أو كان ضررها محدوداً على الاسود بالمنطقة.

وأوضح لرويترز تبين ان الأمراض المميتة ظهرت فور موجات جفاف شديدة بالبلاد كان لها تأثير كبير في النظام البيئي.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من أن الملايين سيصبحون عرضة للإصابة بالأمراض المعدية بسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض.

وأكدت ماريا نييرا مديرة الصحة العامة والبيئة في منظمة الصحة العالمية أن العالم سيواجه خلال السنوات المقبلة المزيد من الارتفاع في درجات الحرارة ونقص في المياه، محذرة من أن ذلك سيؤدي لانتشار أمراض معدية مثل الملاريا وحمى الدنج والكوليرا.

وقالت الدكتورة ماريا في رسالة وجهتها بمناسبة يوم الصحة العالمي لعام 2008 والذي يركز على حماية الصحة من التغيرات المناخية ان التغير المناخي يؤثر في صحة البشر حالياً وسيتضاعف هذا التأثير مستقبلاً.

واضافت إننا ندرك أن البشر يتعرضون لتأثير الأمراض الحساسة للمناخ، والتي تقتل حالياً الملايين منهم. أنا أتحدث على سبيل المثال عن داء الإسهال، أو الملاريا، أو سوء التغذية. ومع علمنا بأن هذا يمثل مشكلة عالمية، فإن الفئات الضعيفة ستكون هي الأكثر تضرراً. وستقوم منظمة الصحة العالمية بل إننا جميعاً ملتزمون بالقيام بكل ما في وسعنا من أجل ضمان حماية صحة البشر من التغير المناخي.

ويقول الدكتور لوسين مانغا من مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لإفريقيا في مدينة برازافيل ان الإقليم سيواجه عديداً من التحديات المتنوعة.

واضاف هناك الكثير من القضايا الهامة والتي تتضمن القضايا المرتبطة بالأمراض المنقولة بالنواقل، وتلك المرتبطة بالبعوض. كما أننا نواجه تحدياً يتمثل في سهولة تضرر أهل الريف الذين لا يعرفون بالتحديد كيف يمكنهم التعامل مع التغيرات التي قد تقع في المواسم المناخية، والتغيرات البيئية التي لها تأثير مباشر في الزراعة والإمدادات الغذائية مما يتسبب في حدوث مشاكل غذائية وخيمة مثل النقص الحاد في الغذاء.

وتقول سالي إدوارز من مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي للأمريكتين أن تنوع إقليم الأمريكتين يشكل تحدياً خاصاً بالنسبة للتغير المناخي.

واضافت إن الإقليم معرض للأمراض المعدية وزيادة أحداث الطقس العارمة ونقص المياه والفيضانات، أنا أقصد حقاً، أنه لن يوجد أي تأثير للتغير المناخي لن يشهده إقليم الأمريكتين، فكل شيء سيكون هناك. إن جزر الكاريبي الصغيرة المساحة لا يوجد لديها سوى موارد محدودة من ناحية القدرة على الاستجابة للمشاكل أقصد من حيث الموارد السكانية والمالية.

وقالت ان إعداد آليات التصدي لهذه المشاكل يكلف كثيراً كما يحتاج إلى موارد بشرية وفيرة. لذلك فإن كل شيء نقوم به في منطقة الكاريبي يحتاج أن يشمل جميع منطقة الكاريبي، لأنها بلاد صغيرة المساحة. وما نحاول أن نفعله هو تعزيز قدرات البلدان على التصدي للمشاكل التي تواجهها، وتعزيز نظم الترصد لديها، وتعزيز المراقبة، وتعزيز قدراتها على التعامل مع المشاكل التي تواجهها حالياً.

وبالنسبة لأوروبا ترى الدكتورة بتينا مين من مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لأوروبا أن هناك مجالاً واسعاً لتبادل الخبرات في كيفية التصدي للتغيرات المناخية.

وقالت ان للإقليم الأوروبي 53 دولة عضواً، والإقليم به تنوع هائل من حيث الثقافات، والمناخ، واللغات، ومستوى التنمية. وهناك العديد من الدروس التي يمكن الاستفادة منها بين تلك الثقافات المتنوعة وطرق التعامل مع الأمور. فعلى سبيل المثال يمكننا أن نتعلم الكثير من أصدقائنا في جنوب الإقليم المطلين عن البحر المتوسط في كيفية التعامل مع مشاكل المياه. والعكس صحيح، يمكننا أن نتعلم الكثير حالياً من كيفية التعامل مع مشكلات موجات الحرارة، لذلك أعتقد أن هناك مجالاً واسعاً لتبادل الدروس بين مختلف البلدان ومختلف الحقائق الصحية.

غير ان المنظمة الدولية ترى وجود مخاطر كثيرة يتعرض لها إقليم غرب الهادي من جراء التغير المناخي: منها ارتفاع منسوب البحر وزيادة درجات الحرارة. الدكتور هيساشي أوغاوا من مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي في مانيلا يشرح لنا ذلك.

وقال الدكتور أوغاوا بالتأكيد أن المشكلة التي تواجه إقليم الهادي هي ارتفاع منسوب البحر وكذلك المشاكل المرتبطة بالمياه. إن موجة الحرارة هي واحدة من القضايا في البلدان المعتدلة الحرارة. وفي البلدان المدارية ودون المدارية، هناك مشكلة الأمراض المنقولة بالنواقل مثل الملاريا وحمى الدنج. نحن نحاول التنظيم داخلياً في منظمة الصحة العالمية لتنسيق أعمالنا لدعم البلدان حتى يمكنها تعزيز نظمها الصحية في مختلف مجالات الأمراض. ونحن ندعم أيضاً بعض البلدان في تأسيس نظام الإنذار المبكر لزيادة درجات الحرارة بالنسبة لموجات الحرارة في المدن مثل مدينة شنغهاي، وينبغي تكرار ذلك في سائر البلدان.

وبالنسبة للشرق الاوسط إن الجفاف وندرة المياه كما يبدو يثيران القلق لدى سكان إلاقليم كما يشير الدكتور إبراهيم الكرداني من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة، والذي اضاف لدينا أمر بالغ الأهمية في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، حيث عقدنا مسابقة فنية بمناسبة موضوع يوم الصحة العالمي لهذا العام، وقد تلقينا بالفعل آلاف الرسومات المشاركة في المسابقة من الأطفال في جميع مناطق الإقليم. وسجلت المشاركات رقماً قياسياً حيث بلغ عدد الرسومات 14 ألفاً. من المدهش رؤية تفاعل الأطفال وتعبيرهم عن مفهوم الموضوع الخاص بيوم الصحة العالمي: وكيف يؤثر التغير المناخي في الصحة، وماذا يحدث في العالم. ومن الصور نستنتج أن جميعهم عبروا عن الجفاف، ونقص وندرة المياه.

كما ان ندرة المياه هي أيضاً الخطر الذي يواجه إقليم جنوب شرق آسيا.

ويشرح ألكساندر فون هيلدبراند من مدينة نيودلهي ذلك قائلا بالنسبة للتأثير المباشر للتغير المناخي في الإقليم أظن أن كثيراً من الناس سيتفقون على أنه سيرتبط بندرة المياه نظراً لذوبان الجليد. وأود أن أذكر أن ذوبان الجليد في جبال الهيمالايا يحدث بأسرع معدل مسجل في العالم، ولدينا أكثر من بليون إنسان في الإقليم يعتمدون على هذه المستودعات المائية. وإذا تناقصت هذه المستودعات المائية فسيكون هناك تأثير هائل في إنتاج الغذاء وستتفاقم لدينا خطورة سوء التغذية بشكل هائل. هذا هو التحدي الأعظم الذي يواجه هذا الإقليم بخصوص ندرة المياه والغذاء خلال المستقبل القريب.

وقدم فريق من الباحثين في مقال بدورية سانيس العلمية نماذج موثقة لكائنات وفيروسات مسببة للعدوى وترتبط بأمراض تنمو بشكل أسرع عندما ترتفع درجة الحرارة بمعدلات طفيفة.

ويوجد الكثير من الكائنات التي تنشر الأمراض مثل البعوض وحشرة القرادة والقوارض تتسم بحساسية بالغة إزاء الحرارة والرطوبة، وعندما ترتفع درجة الحرارة تزداد الاحتمالات لانتشار هذه الكائنات الناقلة للعدوى، كما ترتفع معدلات تكاثر ونمو ولدغ الحشرات مع ارتفاع الحرارة.

ومن المرجح أن يزداد عدد الكائنات الناقلة للعدوى التي تتمكن من البقاء على قيد الحياة طوال فصل الشتاء الذي اعتاد أن يقضي على معظم الكائنات كل عام.

ويمكن لفصل الصيف أن يرفع من قابلية النباتات والحيوانات للإصابة بالأمراض علماً بأن التنبؤات تشير إلى أن متوسط ارتفاع درجات الحرارة في عام 2100 سيتراوح بين 1,4 5,8 درجة مئوية مقارنة بمعدلاتها عام 1990.

كما يتوقع أن ترتفع درجات الحرارة أثناء الليل بمعدل أكبر أثناء النهار وكذلك يزداد معدل ارتفاع درجة الحرارة في فصل الشتاء عن معدلات الارتفاع أثناء الصيف.

وعليه فعندما ترتفع درجة الحرارة في العالم، سوف تنقل الحشرات الأمراض من المناطق المدارية إلى المناطق الأكثر اعتدالاً، حيث ان الأمراض يمكن أن تنتشر بشكل أكبر في المناطق المعتدلة حيث يوجد عدد أكبر من أفراد الفصيلة الواحدة يمكن أن تنتشر بينهم الأوبئة.

ويقول العلماء إن أي مرض يستطيع أن ينتشر من المناطق المدارية إلى المناطق المعتدلة في ظل عالم أكثر حرارة سوف يكون له على الأرجح تأثير أكبر حيث سيركز على الفصائل المعرضة لالتقاط العدوى والمتوافرة بأعداد كبيرة، وقد يكون النوع البشري من بين هذه الفصائل.

وهناك العديد من نماذج تأثير المناخ في انتشار الأمراض مثل انتشار حمى الوادي المتصدع، وهو مرض فيروسي خطير ينقله البعوض في بعض مناطق شرق افريقيا التي تتأثر بالأمطار الغزيرة، وقد أسفر هذا المرض عندما انتشر آخر مرة على نطاق واسع في عام 1998 عن مقتل الآلاف.

وقد أشار العلماء إلى أن أمراض الإنسان التي تنتشر عبر لدغ الحشرات مثل الملاريا ومرض المثقبات الإفريقي ومرض ليم والتهاب الدماغ الذي تنقله حشرة القرادة والحمى الصفراء والطاعون وحمى الضنك قد ازدادت من حيث مرات تكرارها ومدى انتشارها على نطاق جغرافي أوسع من خلال العقود الأخيرة كما اتسع مدى انتشار أمراض الماشية مثل مرض الخيول الإفريقي وفيروسات اللسان الأزرق. وانتقلت معظم هذه الأمراض إلى مناطق بعيدة عن خط الاستواء مصاحبة لاتساع مدى انتشار البعوض وحشرة القرادة والسوس.

وتؤيد الأبحاث الميدانية وأبحاث المختبرات والأبحاث النظرية التي تقول إن الارتفاع الآخذ في درجات الحرارة يعتبر المحفز لهذه التغيرات.

وفي سبتمبر/ايلول الماضي قال البروفيسور بول هنتر من جامعة ايست انجليا في انجلترا في المؤتمر البريطاني للعلوم ان الامراض التي كانت لا تشاهد عادة في اوروبا بدأت الآن في الظهور بسبب ارتفاع درجة حرارة الطقس في العالم.

واشار إلى ان احوال الطقس غير الطبيعية ستؤدي إلى فيضانات وجفاف وايضا إلى تغيرات في حدوث امراض معدية.

وقال هنتر امام المؤتمر توجد بالفعل اشارات ملموسة لأعباء مرضية تحدث في اوروبا نتيجة للتغيرات المناخية.

وتم الابلاغ عن اصابة ثلاثة اشخاص كانوا يسبحون في مياه بحر البلطيق بمرض تسببه كائنات عضوية بحرية ولاسيما في الولايات الامريكية المطلة على الخليج.

وقال هنتر ان حالة وفاة حدثت أيضاً في الدنمارك.

ويسبب هذا المرض الذي يمكن ان يصاب به الانسان نتيجة تناول القواقع أو من خلال السباحة في المياه الملوثة وهو مصاب بجرح مفتوح عدوى جلدية واعراض اخرى يمكن ان تكون قاتلة. وتعيش هذه الكائنات العضوية عادة في المياه التي تبلغ درجة حرارتها 20 درجة مئوية أو اكثر.

وتسببت كائنات عضوية في اصابة اشخاص بعدوى ايضا على الساحل الايطالي. وهذه الكائنات تستطيع توسيع موطنها بسبب ارتفاع درجة حرارة مياه البحر.

وقال هنتر أفادت تقارير ان اكثر من 100 مصطاف نقلوا إلى المستشفى مصابين بأعراض متنوعة من بينها الاسهال وحكة في الجلد وارتفاع في درجة الحرارة.

وتسببت حمى تعرف باسم كونجو كريميا في مشكلات ايضا في السنوات الاخيرة في مناطق لم تكن تمثل فيها مشكلة من قبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"