العقاقير الوهمية لها أهميتها في العلاج

14:05 مساء
قراءة 4 دقائق

أكد علماء ألمان ضرورة أن يعتمد الأطباء أكثر على تأثير الأدوية الوهمية في معالجة مرضاهم، وأن تأثير هذه العقاقير الوهمية أقوى وأكثر تعقيداً مما كان يفترض حتى الآن . وقال المدير التنفيذي الأول لغرفة الأطباء الاتحادية بألمانيا كريستوف فوكس: إن استخدام هذه الأدوية له أهمية عظيمة في الطب . ودعا العلماء لإعطاء هذا النوع من الأدوية دوراً أكبر خلال دراسة الطب وخلال الدورات الطبية التكميلية، لأن استخدام هذه الأدوية الوهمية يصل بالتأثير الطبي للأدوية إلى أقصاه ويخفض الأعراض الجانبية غير المرغوب فيها وكذلك نفقات العلاج في القطاع الصحي .

أكد الباحثون أن خلوّ هذه العقاقير من المواد الفعالة لا يعني انعدام تأثير تعاطيها، وأنه على الرغم من أن العلم الحديث لم يوضح بعد وبشكل نهائي كيفية تأثير هذه العقاقير إلا أن التأثير المناسب لها قد ثبت بالفعل من الناحية النفسية والتشريحية حيث أظهرت الكثير من الدراسات أن تأثير هذه العقاقير الوهمية يعود لتفعيل ما يعرف بالفص الجبهي للمخ .

كما أكدت دراسات عدة أن تأثير هذه الأدوية يستخدم بالفعل بأشكال متعددة في الطب التطبيقي، حيث أظهرت دراسة سويسرية على سبيل المثال أن 57% من جميع أطباء الباطنة في سويسرا يستخدمون عقاقير شبه وهمية في علاج مرضاهم، وهي العقاقير ذات المادة الفعالة المنخفضة في حين يستخدم 17% منهم أدوية لا تحتوي على مادة فعالة على الإطلاق .

ويعد البروفيسور باول، أستاذ الأمراض النفسية والأمراض الناجمة عنها في جامعة توبينغن الألمانية، من الرواد المتخصصين في العلاج بالعقاقير الوهمية في ألمانيا . ويجري دراسات على عقاقير، لاتعد في الحقيقة عقاقير لأنها تخلو من أي مادة فعالة .

وعندما يجلس متطوع على المقعد الكهربائي أمام البروفيسور باول، يضع الاخير على لسان المتطوع أقراصا بطعم العرقسوس، والتي يزعم أنها تساعد ضد الغثيان . ثم يبدأ المقعد الدوار في الدوران ويجتهد المريض في تحريك قرص العرقسوس في فمه ليقاوم الشعور بالرغبة في التقيؤ .

أما ما لا يعرفه هذا المريض الطيب فهو أن الطبيب لم يعطه دواءً فعالاً بل أعطاه حلوى ذات لون ونكهة ولكنها خالية من أي مادة دوائية فعالة .

ومع ذلك، تتحسن حالته بعد أن يدور به المقعد عدة لفات، وذلك بشكل أفضل من المرضى الذين لم يحصلوا على أقراص العرقسوس .

وعندما يؤدي اعتقاد المرضى في جدوى العلاج إلى تأثير أفضل في صحتهم فإن الأطباء يسمون ذلك بتأثير العلاج الوهمي بلاسيبو .

وليس ما يعطيه باول لمرضاه في الحقيقة سوى معلومات خاطئة ولكن محفزة، حيث يوهم مرضاه بأنهم حصلوا على علاج، مما يدفع المخ لإرسال إشارات عبر الجسم، وبدلاً من أن يحصل الجسم على عقاقير كيميائية يفرز الجسم نفسه مثبطات للألم خاصة به مثل هورمونات أندورفين أو المسكنات الطبيعية الخاصة بالجسم .

وفي هذا الشأن، يقول باول: ما يحدث في هذه العمليات هو نفس آليات الطب التقليدي، ولكن من دون أضرار جانبية . . وبذلك يمكن معالجة الشعور بالألم وعدم الارتياح العام وأمراض البشرة من خلال صيدلية الجسم الخاصة به .

وهذه المعلومة لها أيضاً تأثيرات في الطب التقليدي الذي يدرس في الجامعات حيث إن نجاح العلاج يتوقف على ما ينتظره المريض من هذا العلاج حسبما أوضح باول، الذي أشار إلى أن العلاج يكون أفضل عندما يعتقد المريض بفعاليته .

وأشار باول إلى أن التجارب التي تجرى على العلاج الوهمي أكدت أن العلاقة بين الطبيب ومرضاه تؤثر في شفاء المرضى بشكل قوي، مما جعل الثقة بين الطبيب ومريضه أحد عوامل العلاج الناجح . فإذا تلقى المريض الرعاية والاهتمام الكافيين من طبيبه، فإن تعافي المريض يكون أسرع .

وتدعم جمعية الباحثين الألمان دي إف جي هذا المشروع خلال السنوات الثلاث المقبلة ب 6 .2 مليون يورو وتشارك فيه، إلى جانب جامعة توبينغن، كل من جامعة دوسلدورف وايسن وهامبورغ ومانهايم ماربورغ .

وتجري أبحاث دؤوبة على العلاج الوهمي منذ نحو عشر سنوات، ولكن الجديد في هذا المشروع هو التحليل المتخصص لآليات العلاج العصبي والحيوي والنفسي . وسيشارك في التجارب أكثر من ألفي متطوع من المرضى حسبما قالت هلغا فايرتس شفيدا من جمعية الباحثين الألمان، والتي أكدت أن دراسة الآليات الوهمية عملية بالغة الأهمية بالنسبة لعلم النفس .

ويعتزم باحثو جامعة توبينغن، تحت إشراف باول انك، دراسة العلاقة بين تركيب أنواع الشخصيات المختلفة وتأثير العلاج الوهمي، وما إذا كان التحدث مع الناس عن العلاج الوهمي يثير مخاوفهم، أم أن هناك استعداداً فطرياً للتأثر بهذا العلاج؟ هوذا هو ما يسعى الباحثون لمعرفته من خلال تحليلات الدم وقياس مدى شعور المتطوعين بالضغوط النفسية وتوجيه أسئلة نفسية لهم .

ويرى باول أنه من الممكن خفض جرعات الأدوية التي يتلقاها المرضى مستقبلا بسبب تشابه تأثير العقاقير الوهمية مع تأثير المستحضرات الكيميائية، ولكن الطبيب الألماني باول نفسه يعرف حدود العلم الذي يمتلكه، وفي ذلك يقول: الأقراص الوهمية ليست وسيلة علاجية، من الخطأ الاعتقاد بأنها يمكن أن تحل محل العلاج الطبي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"