إعادة ترتيب «البيت»

03:58 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

منذ أيام قليلة أعلنت وزارة التربية والتعليم عن المعايير الجديدة، لترخيص مؤسسات التعليم العالي«الحكومية والمحلية والخاصة»، والمتخصصة «كالشرطية والعسكرية»، وفروع الجامعات العالمية، وجامعات المناطق الحرة، في خطوة جادة نحو ضمان جودة المخرجات في المرحلة المقبلة وفق مساقات عالمية.
وتشكل تلك المعايير إعادة ترتيب «البيت» في منظومة التعليم العالي في الدولة، وتعد في الوقت ذاته بوصلة جديدة لتوجيه جامعاتنا نحو مستقبل أكثر وضوحاً ومنهجية، لتواكب في مضمون عملها الاحتياجات الفعلية للمستقبل، لاسيما وأن المعايير استندت في محتواها إلى 11 مساراً أكاديمياً وإدارياً، بدءاً من الحوكمة والإدارة، والمرافق التعليمية، والصحة والسلامة، مروراً بالأنشطة العلمية والبحثية، والطلبة، والهيئات التدريسية وصولا إلى ضمان الجودة، والامتثال القانوني والإفصاح العام.
ولا شك في أن المعايير الجديدة جاءت لتعالج ثغرات، كان يعانيها النظام الجامعي قديماً، إذ ابتكرت ماهية جديدة واضحة المعالم عند تأسيس جامعة جديدة، وحددت خطوات مدروسة عند إغلاق مؤسسة، وتعليق برامجها، وأوضحت بشفافية العقوبات والمخالفات، ووضعت معايير شمولية للتعلم الذكي، والاعتراف بالتعليم المسبق، وأخرى للمستشفيات التعليمية، ومراكز التدريب، والتزامات المؤسسات المالية.
ويعتبر تصنيف الجامعات أهم ما جاء ضمن المعايير الجديدة التي تطبق مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، إذ إن التقييم سيكون الفصل بين الجامعات عالية الجودة، والأخرى متواضعة المستوى، وكفلت المعايير عدداً من المزايا للجامعات المتميزة، لتعزز مسيرتها وتفوقها، من خلال جعل المراجعة للتراخيص واعتماد البرامج كل 7 سنوات، مقابل 3 سنوات للجامعات «متواضعة» المستوى.
وفي قراءة تحليلية نجد أن المعايير ركزت على رفع سقف التنافسية بين جامعات الدولة بمختلف مستوياتها، إذ جعلت مراجعة البرامج المتعددة في الجامعات المتميزة دفعة واحدة، وقلصت لها عدد المقيمين في فرق المراجعة، ومنحتها الأولوية في طرح البرامج الجديدة، لتخفض لها كلفة الترخيص والاعتماد إلى نحو 50%، وفي المقابل أخضعت الجامعات ذات المستوى المتواضع، لرقابة حاسمة، ومراجعة دقيقة، وتدقيق شامل من قبل الفرق المكلفة، والتشديد على طلبات البرامج الجديدة ل«الضعيفة»، ومن الممكن أن تتطور الإجراءات إلى وضع البرامج التعليمية، أو المؤسسة بأكملها تحت الحظر في حالة استمر مستوى جودتها في التدني.
وهنا نجد أن «التميز» هو الخيار الوحيد الذي وفرته المعايير الجديدة أمام مؤسسات التعليم العالي بالدولة، لذا ينبغي أن تعي ما جاء في مضمون مسارات التطوير، وأهمية تطبيقها، وإدراك آثارها في جودة التعليم ومخرجاته، للوفاء بمتطلبات المرحلة المقبلة، فالنظرة التحليلية تأخذنا نحو أدوار جديدة تم استحداثها لجامعاتنا من خلال تلك المعايير، من أجل أجيال أكثر قدرة على مواكبة واقع المتغيرات، وسد احتياجات سوق العمل المستقبلي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"