حوكمة لغة «الضاد»

05:28 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

احتفلنا منذ أيام ومعنا العالم، باليوم العالمي للغة العربية، لغة القرآن الكريم، التي يتحدثها نصف مليار شخص حول العالم، تناولت الاحتفالات نقاشات وندوات ومحاضرات، بلورت أهمية لغة «الضاد»، وسبل حمايتها وتطويرها.
نعم جميع المشاركات تُحترم، ولا شك أن جميع الجهود مُقدرة، ولكن ما زالت لغتنا العربية تحتاج منا المزيد من الجهود والمبادرات، للمحافظة على كيانها وهيبتها، وتعزيز مكانتها وتطوير مفاهيمها، وفق المتغيرات التي تشهدها لغات العالم، وهنا نتساءل: «لماذا لم يتم حوكمة لغة الضاد؟»
«الحوكمة» الآن تشكل ضروريات حتمية، لضمان تنظيم العمل، ووضع قواعد ومبادئ لإدارة المؤسسات والرقابة عليها، وتحقيق إدارة رشيدة وفق قواعد متينة وراسخة، وهكذا حال لغتنا العربية التي تحتاج لآليات تنظيمية ممنهجة، وضوابط استخدام مدروسة، ووسائل تطوير مستدامة، ورقابة حازمة لا تنام.
ولعل «فوضى التخطئة»، أبرز الأسباب التي تدعونا لتطبيق الحوكمة، إذ يخرج علينا من الحين للآخر أشخاص ينصبون أنفسهم أوصياء على اللسان العربي، ليخطئوا هذا وينتقدوا ذاك، ويهدموا من حيث يظنون أنهم يبنون، فلا يجوز أن نزيد أخطاءنا الشائعة باجتهادات شخصية لا تسمن ولا تغني من جوع، فهنا فاعلية المرجعيات ضرورة للتصدي لتلك الفوضى.
ومع غياب «الإنصاف» لنخب الكتاب والأدباء والمثقفين، تأتي أهمية الحوكمة، التي لم تكن عصا لجلد المخطئ، بل وسيلة لإنصاف المخلص الصادق الأمين، لاسيما أن بعضهم من تلك النخب يُجلد في المجتمعات، وكأنه سبب انحرافات اللسان والأخطاء اللغوية.
وتأخذنا العلاقة بين مرجعيات اللغة العربية، إلى فجوة ثقافية مخيفة، فالمجامع اللغوية، تشكل مراجع كبرى لا تتعامل مباشرة مع المجتمع، بينما تمثل الجامعات وأقسام «العربية»، ومراكز الدراسات والأبحاث، «الوسيط» الذي من المفترض أن يحمل هموم اللغة، بمصداقية إلى تلك المجامع، لتستقبل منها الحلول ومسارات التطوير والأحكام اللغوية إلى المجتمع وفئاته، ولكن نظراً لمحدودية التنسيق وعدم فاعلية التواصل نواجه تلك الفجوة.
جهود الإمارات مشهودة في نهضة لغة «الضاد»، وتعد مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، نقطة تحول في تاريخ لغتنا، لاسيما أنها رصدت نقاط الضعف وعالجته، وعززت مواطن القوة بتطوير مستدام نلمسه عاماً بعد الآخر.
في الواقع لم يتم تطبيق الحوكمة إلا مع وجود رعاية حقيقية من الحكومات، بالتواصل مع الجهات المعنية، مثل اتحاد الجامعات العربية، وجامعة الدول العربية، وتشييد مظلة تجمع المؤسسات العربية اللغوية، استناداً إلى الأكاديميين الذين يجمعون الخبرة اللغوية وسبل التواصل الفكري مع المجتمع، لتستمر مسيرة النهوض بلغتنا.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"