لا حاجة للشهادات

04:56 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

إذا كان التعليم ركيزة أساسية لنهضة الأوطان ورفعتها، وكان المتعلمون القوى المحركة للمجتمعات، وسر ازدهارها واستدامتها، فيجب أن نعي أن مفاهيم التعليم وأشكاله تعددت وتطورت مع الزحف التكنولوجي الذي طال مناحي حياتنا اليومية، ليتحرر التعليم من حالة السكون التي صاحبته مئات السنين، وينطلق في حراك نشط متسارع الخطى.
وعلينا أن نسأل أنفسنا مع قدوم الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وعصر البيانات الضخمة، ماذا يحتاج منا المستقبل؟ وكيف نعد الأجيال لتحدياته، ومتغيراته وتطوراته المتسارعة؟
لعبت الشهادات الأكاديمية في العهد القريب، دوراً كبيراً في حياة معظم الأسر، التي اعتبرتها استثماراً مربحاً في أبنائها بالمستقبل، والكثير من الدول اعتبرت أن حاملي تلك الشهادات زهور تتزين بها المجتمعات، ومحل فخر واعتزاز، لاسيما أن الجميع يعوّل عليهم في مسيرة النهضة والازدهار والارتقاء بمختلف المجالات، كل في تخصصه وقطاعه.
ولكن واقع الحال الآن، يؤكد أن المستقبل ليس في حاجة إلى شهادات أكاديمية، بقدر حاجته إلى جيل يمتلك المهارات والموهبة، ليعلن صراحة نهاية «عصر الشهادات»، ويؤكد ذلك وجود مؤسسات عالمية حالياً تختار موظفيها من أصحاب المهارات، وليس الشهادات، منها أبل وجوجل وأي بي أم.
وهذا يضعنا أمام تحديات مستقبلية كبيرة، فرضتها مفردات تلك الثورة والذكاء الاصطناعي. ولعل أبرز هذه التحديات بناء أجيال المستقبل، إذ ينبغي أن يكون لدى مؤسسات التعليم بأنواعه، رؤى وخطط استراتيجية، لتمكين المخرجات من المهارات، والقدرة على البحث والابتكار، للوفاء بمتطلبات سوق العمل وتطوراته المتوالية.
ومع تنوع الاتجاهات في استخدام التكنولوجيا أصبح من الضروري أن نواكب جميع تلك التغيرات وأن نبادر في دراستها وكيفية توظيفها لتطوير عمليات التعليم والتعلم، فالمهارات المتقدمة باتت الآن طوق نجاة للمتعلمين للعبور نحو المستقبل ومواكبة متغيراته.
وإذا أردنا بناء جيل من المهرة والعباقرة، قادر على خوض تجارب تعليمية وحياتية مختلفة، ينبغي أن نجعل المهارات المتقدمة على رأس أولوياتنا عند تعليم الأبناء، فضلاً عن وضع برامج لقياس تلك المهارات، وتقييم أداء الطلبة فيها، وتحديد الفجوات، وتوفير سبل معالجتها من خلال خطط وبرامج تعليمية وإثرائية.
الإمارات كعادتها أدركت ملامح المستقبل واحتياجاته، فذهبت لترفد الميدان التربوي باستراتيجية المهارات المتقدمة، التي يظلها إطار وطني يهدف إلى ترسيخ مفهوم التعلم مدى الحياة للجميع، لاسيما أن الاستراتيجية تركز على تنمية وتطوير رأس المال البشري، وتوجيه الكادر الوطني نحو المهارات المستقبلية ليتمكن من التكيّف مع المتغيرات المتوقعة.
وكل ما نرجوه أن يعي الميدان التربوي بكامل عناصره، احتياجات المستقبل الفعلية، وما يخفيه لنا من تحديات، فعلينا بتضافر الجهود لمواجهة تسونامي التكنولوجيا. وعلينا التركيز على المعلم، لبناء قدراته ومهاراته ليواكب التقنيات المتطورة، فأبناؤنا لديهم قدرات تفوق الخيال في استخدام التكنولوجيا بمختلف أنواعها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"