عادي

الوضع الاقتصادي سيئ هل هو حقاً بهذا السوء؟

03:21 صباحا
قراءة 4 دقائق
غاري دوغان
في الأسبوع الماضي، لم يكن من السهل التحلي بالتفاؤل والإيجابية وذلك نظراً للأوضاع السلبية التي طغت على الوضع العام . فقد أثرت التطورات الحاصلة في العراق وزيادة التدخل الروسي في الشؤون الأوكرانية وتصاعد المخاوف بشأن فيروس إيبولا على الأسواق، الا أنها لم تعطل عمل أسواق العالم حيث لم يكن مستواها بمستوى عائدات السندات الأمريكية والتي بلغت 35 .2% ، وبشكل عام تنطبق المخاطر على أسواق الأسهم .
لا نزال قلقين للغاية إزاء التطورات في أوكرانيا، فقرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعدم التراجع ومواجهة العقوبات الاقتصادية سيؤدي إلى زيادة مخاطر هبوط أسواق الأصول في روسيا . وهناك خطر حقيقي سينتج عن ارتفاع التصعيد العسكري في الأسابيع المقبلة . ومع قتال الحكومة الأوكرانية ضد الانفصاليين هناك خطر من نقل روسيا للقوات والمعدات العسكرية إلى أوكرانيا تحت ستار قوات حفظ السلام والبعثات الإنسانية . ونعتقد أن مثل هذا التطور سيؤدي إلى فرض المزيد من العقوبات الجزائية على روسيا .
على الرغم من تأثر أوروبا بجزء من هذه العقوبات والعقوبات الانتقامية التي فرضتها روسيا، إلا أن روسيا تظل هي الخاسر الأكبر . إذا قامت روسيا بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا فإن اقتصادها سينهار . مع حلول عام 2012 استحوذ قطاع النفط والغاز 16% من إجمالي الناتج المحلي لروسيا، و52% من إيرادات الموازنة العامة للدولة و70% من إجمالي الصادرات . وفي هذا الوقت، تتمتع أوروبا بوضع اقتصادي صحي لمواجهة أي تعطل في الإمدادات . وتظهر أحدث البيانات ارتفاعاً في حجم مخزون الغاز في أوروبا بلغ 81% وفي المملكة المتحدة 94% . وفي الوقت الحاضر هناك وفرة من الغاز في العالم مع هبوط سعر الغاز الطبيعي المسال من 20 دولار للمليون وحدة حرارية إلى 5 .10 دولار . وبقيام اليابان وكوريا الجنوبية بإعادة تشغيل منشآتها النووية سيتعرض الطلب على بعض أنواع الغاز للتراجع . في الأشهر الأخيرة، كان هناك خبر إبرام روسيا صفقات مع الصين لتوفير الطاقة ولكن من المعروف أن الصين من الصعب التفاوض معها حول الهوامش لسعر التكلفة . ومن غير المرجح أن تبرم روسيا العديد من الصفقات مع دولة يمكنها بكل سهولة أن تقلل من شأنها .
أسواق الأصول الروسية لديها بعض السلبيات المحدودة في حال لم تستمر الأزمة في التدهور . كان مؤشر بورصة موسكو "ميسيكس" في مارس منخفضاً بمعدل 7% عن المستويات الحالية . وبلغت تكلفة التأمين ضد العجز عن سداد الائتمان للسندات الروسية 275 مقابل تكلفته الأخيرة 280 كما يبلغ سعر صرف روبل مقابل الدولار 46 .36 مقابل ارتفاع/نقطة ضعف الأخيرة بلغ 63 .36 . واليوم موقف روسيا أخطر بكثير مما كانت عليه في مارس عند بداية الأزمة، وقد تنهار أسواق الأصول ضمن نطاقات تجارية جديدة . كان حجم أسواق الأسهم في الآونة الأخيرة متواضعاً ما يشير إلى عدم الاستسلام ولكن يجب أن نتذكر أن على المستثمرين المحليين الاستسلام من خلال بيع الأصول . ومن ناحية امتلاك أسهم بعض الشركات، هناك اهتمام قليل من قبل الأجانب في الأسهم الروسية . لذا، سوق السندات هي على الأرجح الأكثر خطورة في روسيا . وقام المستثمرون الأجانب في بنك ستاندرد تشارترد الذين باعوا سندات قيمتها 9 .2 مليار دولار في مارس وإبريل بإعادة شرائها في يوليو .
بالرغم من صعوبة الربط بين أداء الأسواق المالية والأزمة الصحية المتمثلة بانتشار فيروس إيبولا، وانحصارها حتى الآن في غرب إفريقيا فقط، إلاّ أننا شهدنا خلال الأسبوع الماضي انخفاضاً كبيراً في مستويات الثقة على أقل تقدير أن لم يكن في النشاط الفعلي في الاقتصاد العالمي . بلغ عدد الوفيات بسبب فيروس إيبولا وفقاً للبيانات الرسمية 932 في إفريقيا هذا العام من أصل إجمالي 1711 حالة . لكن في الأسبوع الماضي كانت هناك زيادة حادة في الحالات المبلغ عنها مع معدل 70 وفاة يومياً مقارنة مع 10 وفيات خلال الأسابيع القليلة الماضية . ووصفت منظمة الصحة العالمية حالة تفشي فيروس إيبولا خلال الأيام القليلة الماضية بالحالة الطارئة عالمياً . واستجابت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة الأمريكية على أعلى المستويات وأوصت بعدم السفر إلى غرب إفريقيا . بما أن هذا التفشي هو الأكبر منذ أربعين عاماً . ينبغي أن يراقب المستثمرون الأوضاع لمعرفة ما إذا كان المرض سينتشر خارج إفريقيا . وحتى الآن، يشكل الأفراد الذين سافروا إلى إفريقيا وعادوا إلى بلدانهم الأصلية تهديداً للبلدان الأخرى . كلاً من نيجيريا وسيراليون وغينيا وليبيريا يشكلون إجمالي نسبة 4 .0% من ناتج الاقتصاد العالمي، وإذا كان هذا المرض سينتشر إلى العالم المتقدم فإن هذه المسألة ستكون أزمة حقيقية . وحتى الآن تمثلت الحالات الوحيدة بأفراد من إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وتم حجر هؤلاء الأفراد صحياً .
هناك مبالغة في الخوف من عمليات بيع حادة للسندات . حيث أثيرت هذه المخاوف الأسبوع الماضي عندما ذكرت الولايات المتحدة الأمريكية أن صناديق الاستثمار التي تستثمر في السندات عالية المخاطر قد عانت سحب تدفقات مالية قدرت ب 7 مليارات دولار أمريكي في أسبوع واحد فقط . بالرغم من اعتقادنا أن السندات التي كان أداؤها جيدأً منذ بداية العام قد تكون معرضة لبعض الصعوبات في جني الأرباح .
* رئيس قطاع الاستثمار للخدمات المصرفية الخاصة العالمية واستراتيجية الاستثمار في بنك أبوظبي
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"