عادي
التقرير الأسبوعي لبنك الإمارات دبي الوطني

تنوع الخيارات . . أداة استثمارية ناجعة في الأسواق المتقلّبة

03:26 صباحا
قراءة 6 دقائق
لم تعد مخاوف الأسواق تقتصر على رفع أسعار الفائدة وتخفيف إجراءات التيسير الكمي في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً مع بدء غاراتها الجوية في العراق؛ إذ بدأت شركات النفط الكبرى الانسحاب من البلاد، ما قد يؤثر في عمليات الإنتاج . علاوةً على ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا التي ردت أيضاً بفرض عقوبات على الواردات الغذائية من الاتحاد الأوروبي (والتي تصل قيمتها إلى 11 مليار يورو سنوياً) . ويتواصل التوتر في قطاع غزة، وبالتالي أصبحت قطاعات الضيافة والنقل العالمية أكثر عرضة للمخاطر، كما أعلنت "منظمة الصحة العالميّة" أن تفشي فيروس "إيبولا" بات يشكل "حالة طوارئ عالميّة" .
دخلت إيطاليا مرحلة ركود، فيما وصل "مؤشر مديري المشتريات" في قطاع الخدمات الصيني إلى أدنى مستوياته على الإطلاق رغم نمو حجم الصادرات والإنتاج الصناعي . ومن السابق لأوانه تقدير مدى انعكاس هذه القضايا على التجارة العالمية والناتج المحلي الإجمالي .
ومع انتهاء إجراءات التيسير الكمي لمجلس الاحتياطي الفدرالي والمرّجحة في أكتوبر ،2014 نتوقع حدوث تقلبات جديدة في أسواق العملات والأسهم العالمية، ولكن لا ضير في النظر لهذه التقلبات كعامل إيجابي للمستثمرين الذين يمكنهم الاستفادة من الخيارات الاستثمارية في سوقي العملات والأسهم، إضافة إلى توظيف استراتيجيات المشتقات المالية عبر المنتجات المهيكلة والأدوات المالية التي تحسّن العائدات ضمن الأسواق المضطربة . وتتجه أسعار المنتجات الاستثمارية المرتكزة على عمليات البيع والشراء للصعود نتيجة تقلّبات العملات الأساسية والأسهم . وبناءً عليه، نوصي المستثمرين باستكشاف استراتيجيات المشتقات المالية خلال الأشهر المقبلة لتعزيز عائدات محافظهم الاستثمارية .
وشهدت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الإمارات العربية المتحدة، أداءً طيباً خلال الأسبوع الماضي؛ حيث واصل المؤشر المالي السعودي صعوده الثابت علماً أن مؤشر "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال" للأسهم السعوديّة تفوّق بأدائه على مؤشر "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال" لأسواق الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما كانت البيانات الاقتصادية إيجابيةً في المنطقة عموماً .
وسجل القطاع الخاص غير النفطي في السعودية صعوداً إلى الذروة التي لامسها قبل عامين في شهر يوليو، واستقر مؤشر "ساب إتش إس بي سي" لمديري المشتريات عند مستوى 1 .60 نقطة . وأظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لشركة "إتش إس بي سي" في دولة الإمارات نمواً قوياً في القطاع الخاص غير النفطي، حيث استقرت مستوياته الرئيسية في شهر يوليو/تموز عند 0 .58 نقطة، وهو مستوى أعلى بكثير مقارنة مع 5 .54 نقطة التي سجلها في الفترة نفسها من العام الماضي . وبشكل عام، يدعم ذلك رؤيتنا محلياً بأن القطاع الإماراتي الخاص غير النفطي سيشكل داعماً أساسياً للأنشطة الاقتصادية الرئيسية خلال عام 2014 في وقت يشهد فيه قطاع العقارات مزيداً من الاستقرار، وتتزايد مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي غير النفطي .
وتعافت الأسواق القطرية من موجات البيع القويّة التي عصفت بها الشهر الماضي، حيث أصدرت قطر قراراً يسمح للمستثمرين الأجانب بتملك 49% من أسهم الشركات القطرية المدرجة . وتشهد الأسهم القطرية تداولاً عند معدلات تقييم جاذبة، ولكن التقلبات قد تستمر لحين الإعلان عن نتائج تحقيقات "الفيفا" بخصوص استضافة قطر لنهائيات "كأس العالم 2020" .
وكان "بنك سامبا" في السعودية - الذي يعد أحد مكونات محفظتنا النموذجية في منطقة الخليج - الأفضل أداءً في المنطقة . ولا نزال نجد قيمة مهمة في مجموعة "سامبا" التي تحظى برسملة جيدة وتتجه نحو زيادة الإقراض لقطاع الشركات . وفي حال رفع أسعار الفائدة، فإن مجموعة "سامبا" تمتلك فرصاً لتسريع إعادة تسعير القروض خصوصاً في غمرة النمو القوي لأرباح الشركات وانخفاض الضغوط الهامشيّة، غير أن المجموعة ستواجه صعوبة في التقدّم على صعيد قروض الأفراد ولاسيما مع أخذ انخفاض أسعار الفائدة الثابتة بعين الاعتبار . ويسلك "معدل الفائدة بين بنوك المملكة العربية السعودية" (SAIBOR) مساراً قريباً من "سعر الفائدة بين بنوك لندن" على الدولار الأمريكي (USD LIBOR) . كما أن فتح سوق الأسهم السعودية أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام المقبل سيشكل عاملاً إيجابياً نظراً لقوة أنشطة الوساطة المالية في "سامبا" .
وستستفيد البنوك السعودية من ارتفاع أسعار الفائدة خصوصاً أنها تتمتع بأرصدة منخفضة التكلفة من الحسابات الجارية إلى حسابات التوفير (CASA) .

مرونة أسواق السندات الخليجية

نجحت سندات دول مجلس التعاون الخليجي بالصمود جيداً في غمرة ارتفاع معدل الإحجام عن المخاطر في أسواق الديون ذات العوائد المرتفعة . وكانت روسيا الخاسر الأكبر بين الأسواق الناشئة مع اتساع الفروق بين سعري العرض والطلب على نحو أكبر في البلاد، تلاها السندات السيادية ذات معدلات "بيتا" مرتفعة ضمن الأسواق الناشئة . وكان البحث عن ملاذات استثمارية آمنة الموضوع الشاغل خلال الأسبوع الماضي، حيث وصلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 41 .2%، ولحق بركبها السندات الحكومية البريطانية والسندات الألمانية التي تشهد هبوطاً إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق . واستمدت السندات والصكوك الإقليمية بعض الدعم من تجدد السيولة وعودة الأسواق إلى مستوياتها الطبيعية بعد انقضاء عطلة عيد الفطر السعيد .
في سياق آخر، كلّفت "سلطة النقد في هونغ كونغ" البنوك لاستكمال صفقة محتملة لبيع صكوك بقيمة تتراوح بين 500 مليون إلى مليار دولار أمريكي بفترة استحقاق لأجل 5 سنوات أو أقل . وتعرضت أسواق الدخل الثابت التركية لبعض الضغوط - إلى جانب غيرها من الأسواق الناشئة - جرّاء شن الغارات الجوية الأمريكية على مسلحي "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" الأسبوع الماضي، كما شهدت البنوك وسندات الشركات اتساعاً بواقع 50 نقطة أساس . وكان "بنك آسيا" أكبر الخاسرين في القطاع المصرفي التركي بعد تعرقل المحادثات مع "مصرف قطر الإسلامي" حول صفقة استحواذ للأسهم . ولجأت وكالة "ستاندرد آند بورز" إلى تعديل توقعاتها حول البنوك الكندية من "مستقرة" إلى "سلبيّة" .

تراجع الأسهم العالمية

نتوقع مزيداً من التقلبات في أسواق الأسهم العالمية خلال الأسابيع المقبلة نتيجة مجموعة من العوامل السلبية التي تؤثر في التوقعات المستقبلية على المدى القصير، وعدم توافر الحوافز الكافية بعد نهاية موسم الأرباح .
ولعب الانحسار الواضح لبعض التوترات الجيوسياسية - بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية يوم الجمعة عن انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية - دوراً في تعويض الخسائر الأسبوعية لمؤشر "ستاندرد آند بورز500" وتسجيل انتعاش بنسبة 15 .1% يوم الجمعة .
من جهة ثانية، ستؤثر الإجراءات الانتقامية للرئيس الروسي بوتين في مسيرة الانتعاش الأوروبي ولاسيما اليورو، ولكن المستثمرين يراهنون على تكيف السياسات النقدية مع حالة انعدام اليقين لفترة أطول في السوق .
ولم يركز رئيس "البنك المركزي الأوروبي" ماريو دراجي خلال مؤتمر صحفي على مخاوف الانكماش، ولكنه أكد صراحةً أن العوامل الجيوسياسية هي أهم المخاطر المحدقة بالاقتصاد، وذلك لتبرير خفض معدلات الفائدة رغم أن بيانات الاقتصاد الكلي كانت ضعيفة أكثر من المتوقع . ومن المستبعد رفع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة حيث تبدو الدورة الاقتصادية أقوى بكثير، ولاسيما بعد الإعلان مؤخراً عن تراجع الأرقام الاقتصادية خلافاً للتوقعات .
وعلى صعيد أسهم الأسواق المتقدمة، نشعر بالارتياح إزاء الحالة الاستثمارية للاقتصاد الأمريكي الذي لا يزال يتمتع بمرونة لافتة . كما نركز على ثقل الأسواق اليابانية، حيث تعد الإصلاحات الهيكلية حافزاً رئيسياً للنمو، إضافة إلى إجراءات التحفيز الأخرى من جانب "البنك المركزي الياباني"، وارتفاع معدلات شراء الأسهم من قبل "صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي" الذي يعيد النظر في سياساته الاستثمارية .
ويمكن للمستثمرين الاستفادة من ارتفاع معدل الإحجام عن المخاطر الذي يؤدي بدوره إلى صعود الين الياباني وتراجع أداء الأسهم بشكل عام، وذلك للتحوط من الانكشاف على العملات وإضافة مراكز مفتوحة جديدة للأسهم في اليابان . ونؤكد أن الشراء عند تسجيل انخفاض سيؤتي ثماره في أسواق الأسهم الأمريكية .
من ناحية ثانية، نركز على تنامي مخاطر العملات في الأسواق الناشئة بالتزامن مع انتهاء إجراءات التيسير الكمي من جانب الاحتياطي الفدرالي، وهو ما سيتيح الخروج من صفقات الشراء بالاقتراض في سوق العملات ذات العوائد المرتفعة .
وبشكل عام، نوصي بالتأني خلال المرحلة المقبلة التي ستشهد تقلبات حادة، واعتماد نهج انتقائي في الأسهم لاسيما عند تسجيل مزيد من الضعف، ويكون ذلك عبر التحوط من مخاطر العملات عند الضرورة . ونجد أن أوروبا تشهد مزيداً من الانتعاش، ولكن أعباء التوترات في أوكرانيا وتباطؤ أداء أسهم الأسواق الناشئة نتيجة ضعف العملة مع نهاية إجراءات التخفيف كلها عوامل ألقت بظلالها على المشهد الاقتصادي العام .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"