عادي
مأساة أسرة لبنانية جراء انفجار المرفأ

هرب من «كورونا» في نيجيريا ومات بين يدي زوجته في بيروت

05:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لم ترَ سها سعادة زوجها منذ عيد الكريسماس الماضي، فقد احتجز زوجها جهاد (44 عاماً) في نيجيريا؛ حيث يعمل بعيداً عن أسرته في بيروت، بسبب القيود المفروضة على السفر بسبب جائحة «كورونا» المستجد. وعندما رفعت هذه القيود سافر جهاد عائداً إلى بيروت بداعٍ طارئ، فابنته ذات الأعوام الستة تم تشخيصها بالإصابة بداء «هودجيكن».
معاً أمضى جهاد وسها 13 يوماً في المستشفى لملازمة طفلتهما، «جيما»؛ حيث تتلقى العلاج. وقالت سها: «لم يكن تبقّى لنا سوى يوم واحد لاستكمال العلاج».
عندما تصاعد الدوي والدخان خارج المستشفى، ظن الزوجان أن سبب الدخان هو التلوث أو استخدام قوات مكافحة الشغب لقنابل الغاز والصوت لتفريق متظاهرين. ثم عزمت سها على الخروج للقاء الممرضات وسؤالهن إن كان هناك ما يستدعي القلق. ولكنها بمجرد أن فتحت باب الغرفة حدث انفجار ضخم.
وفي أقل من ثانية كان عليها اتخاذ قرار حرج، هل تركز على ابنتها طريحة الفراش، التي لاحظت تدفق الدماء من رأس والدها، أو ترك الفتاة مع المرضى الآخرين، ومحاولة إنقاذ حياة زوجها؟.
حملت سها جسد زوجها المثخن بالجروح والدماء، ونزلت به تسع طبقات، وهي حافية القدمين فوق الزجاج المكسر. ولم يكن في المستشفى مكان أو إمكانية لتقديم أي مساعدة، فقد أصابه من العطب ما أصاب مرفأ بيروت.
وبسرعة وصل شقيق سها هابّاً لنجدتها، ولنقل الزوج المصاب بشدة إلى أقرب مستشفى، لكن المستشفيات القريبة والمطلة على مرفأ بيروت كان حالها يغني عن سؤالها. واتصلت سها بطبيب صديق للأسرة، وتلقت منه إرشادات للإسعافات الأولية؛ لتقديمها إلى جهاد إلى حين وصوله المحتمل إلى مستشفى عامل أو نقله بسيارة إسعاف.
لكن الوقت كان قد نفد. ومات جهاد وهو ينزف بين يدي سها، التي كانت تبكي وتتوسله أن يبقى متيقظاً، وأن يرد عليها. لكنه لم يردّ عليها، فقد دخل عالم الصمت الأبدي.
سها المذهولة لم تستخرج شظايا الزجاج من قدميها إلا بعد ثلاثة أيام.
قالت سها والألم يعتصرها: «لم يكن له أن يموت في المستشفى. هذا هو الأمر الذي يقتلني».
يذكر أن جهاد الذي يعمل مديراً لفندق في نيجيريا، ولد في هذا البلد، لكنه لم يقطع علاقته بلبنان، وقالت زوجته إنه كان مشهوراً بالكرم ومساعدة الغير، كما كان ربّ أسرة مثالياً.
اقترن الزوجان في 2009، لكن سها اضطرت إلى العودة إلى بيروت عند اندلاع جائحة إيبولا في غرب إفريقيا. خاصة أنها كانت ترضع وليدها الأول. وكان الزوجان يلتقيان كل شهرين في إجازة قصيرة يقوم بها الزوج إلى لبنان. غير أن تفشي جائحة «كورونا» وتقييد حركة السفر منعا الزوج من السفر إلى بيروت لأشهر عدة.
وعندما رفعت القيود عاد جهاد مسرعاً، خاصة مع ظهور مستجد جديد وهو تشخيص ابنته بالإصابة بمرض «هودجيكن»؛ حيث لازمها لـ13 يوماً وهي تتلقى جرعات العلاج الكيماوي. ولم يقدر لجهاد أن يستكمل رحلة علاج «جيما»، فقد كتب القدر له نهاية ستحاول أسرته استيعابها بعد زوال تأثيرات الصدمة.(أ.ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"