قطاع التجزئة التقليدي لم ولن يموت

01:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
دانييل هاميجر *

 

حصلت زوجتي أخيراً على لقب عضو بلاتيني في منصة تجارة إلكترونية مقرها جاكرتا. وأنا متأكد من أن زوجتي ليست الوحيدة التي تنفذ عمليات شراء عبر الإنترنت منذ تفشي كوفيد -19. فقد أظهرت دراسة أجرتها شركة «كانتار» لأبحاث السوق أن 55% من الإندونيسيين يخططون للتسوق عبر الإنترنت هذا العام. وتشير الدراسة نفسها إلى إغلاق عدد من المتاجر جراء المخاوف الصحية. وتتنوع المنتجات من الأطعمة والمشروبات إلى الملابس وصولاً إلى الأجهزة المنزلية. واشترت نسبة 56% من المتسوقين الأدوية عبر الإنترنت في الأشهر الستة الماضية. ولا توجد فئة عمرية ولا شريحة سكانية إلا وتشارك في عمليات التسوق الرقمية. ومن الواضح أن هذا ينعش عائدات المتاجر التقليدية.

ورغم نذر الشر التي تحيط بقطاع بيع التجزئة التقليدي منذ بداية القرن وتطور عمليات التجارة الإلكترونية، والتي ازدادت حدة بعد تفشي الوباء، إلا أن بيانات القطاع تشير إلى عكس ذلك. فقد شهدت محال «ليبو مول كاجمان» جنوب العاصمة جاكرتا، أياماً أفضل في العام الماضي. في بداية عمليات الإغلاق تراجعت حركة المرور ما بين 10-20% فقط مقارنة بالعام السابق. بينما تُظهر بيانات جوجل زيادة مطردة خلال شهر أغسطس 2020، تقترب من معدلات الحركة العادية للبيع بالتجزئة. لكن الحدث الأهم كان قبل أسبوع عندما أعلن حاكم جاكرتا عن خطط لإغلاق جديد. وشهدت مراكز التسوق حركة غير عادية قبل بدء الإغلاق حتى بلغت أرقاماً قياسية في كل محال التجزئة في العاصمة بسبب إعلان الإغلاق الجديد. فهل يتوق الناس للعودة إلى المتاجر الفعلية؟

تتم الكثير من عمليات الشراء عبر منصات التجارة الإلكترونية، ولكن لا يزال الكثير منها أيضاًَ يتم في المتاجر الفعلية. فالتسوق هو نشاط (اجتماعي) حيث يبحث الناس عن معلومات تتعلق بالمنتجات والسعر والقيمة، من بين أشياء أخرى. والشراء هو العملية التي تحدث عندما يكون الشخص قد قرر بالفعل ما ينفق عليه أمواله التي حصل عليها بشق الأنفس.

ولمحاربة تهديد التجارة الإلكترونية، تحتاج المتاجر التقليدية إما إلى أن تكون قادرة على المنافسة على مستوى السعر، أو على مستوى تجربة تسوق استثنائية. فالأول هو المكان الذي يزدهر فيه لاعبو التجارة الإلكترونية المحترفون، أما الثاني فهو المكان الذي لا يستطيع فيه لاعبو التجارة الإلكترونية المحترفون المنافسة.

وتوفر المتاجر المادية لكل فئة، العديد من المزايا التي لا تستطيع المتاجر عبر الإنترنت مجاراتها، مثل القدرة على لمس المنتجات والشعور بها واختبارها. هذه الأنواع من الأنشطة غير المتصلة بالإنترنت تدغدغ الحواس وتدعو المتسوقين لتخيل دور المنتج في حياتهم. وبالطبع، فإن التواصل مع البائعين ينطوي على الكثير من مبررات الرضا، أقلها القدرة على إرجاع المنتج. ويعد هذا ضرورياً بشكل خاص في إندونيسيا.

وتُظهر بيانات شركة «فورستر» أن التسوق في المتجر هو الذي يقود عمليات البيع عبر الإنترنت والعكس صحيح. فالمشترون يتفحصون المشتريات في عطلة نهاية الأسبوع على رفوف المتاجر ثم يشترونها عبر الشبكة خلال أيام الأسبوع. وعندما يبحثون عن السلعة عبر الإنترنت يفضلون شراءها من المتجر مباشرة لمعاينتها واستعراض الأحدث من المنتجات المعروضة التي يضعها عادة العاملون في المركز في واجهات العرض وأمام مرأى الزبائن. والنتيجة عمليات بيع تجزئة يكمل بعضها بعضاً.

وبينما قد تنخفض مبيعات المتاجر الفعلية، وترتفع مبيعات التجارة الإلكترونية بسبب الإغلاق، يحتاج تجار التجزئة إلى التفكير ملياً قبل التخلي عن محالهم. فلا بد لهم من تحليل مصدر هذه المشتريات عبر الإنترنت. هل يأتي العملاء من نفس المنطقة الجغرافية؟ هل لجأ المستهلكون إلى تغيير قنوات تسوقهم فقط بسبب الإغلاق؟ هل هم نفس العملاء أم أن هناك شرائح وأنواعاً مختلفة من المتسوقين؟ كيف يمكنك جعل عملائك الآخرين يتحولون إلى الإنترنت في الوقت الحالي؟

الشيء المؤكد هو أنه على المتاجر التقليدية تغيير طريقة عملها. بعد كوفيد-19، سيكون هناك دور قوي للمتجر الفعلي، لكنه يحتاج إلى العمل بسلاسة مع توفير فرص الشراء عبر الإنترنت من المتجر نفسه. يجب أن يتمتع العملاء بتجربة سلسة للتسوق في نفس المتجر مادياً أو رقمياً. إذا كان مندوب المبيعات في الميدان يعرف العميل بالاسم، فيجب أن تكون التجارة الإلكترونية قادرة على تقديم نفس الخدمة التي يبحث عنها العميل. كما ينبغي توفير كافة المنتجات التي يعرف مندوبو المبيعات من خلال بيانات عملائهم عبر الإنترنت، أنهم يفضلونها.وهذا يقودنا إلى ترابط القطاعين المادي والرقمي حيث تخدم البيانات خطط المتجر واستراتيجياته، بينما تستغل تجارب تسوق كل عميل أو مجموعة من العملاء، في تطوير تجارب التسوق من خلال تنويع العروض.

* بزنس إنتر آكتيف

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"