عادي

مرض القلب الإكليلي يدمر الشرايين التاجية

23:13 مساء
قراءة 6 دقائق
شريان

تعد الشرايين التاجية شبكة من الأوعية الدموية الخاصة بالقلب، والتي توجد عند سطحه، وتمد عضلته بالدم والأكسجين اللذين تحتاج إليهما.

يصبح إمداد الدم الغني بالأكسجين ضعيفاً، وبخاصة عند بذل أي مجهود بدني، ويرجع ذلك إلى أن هذه الشرايين ضاقت، وهي الحالة التي تعرف بمرض القلب الإكليلي أو مرض الشريان التاجي.

ترجع الإصابة بهذا المرض إلى تراكم الكوليسترول على جدران الشرايين التاجية، وبالتالي تكون لويحات تكون سبباً في إصابتها بالضيق، وبالتالي يقل تدفق الدم للقلب، وأحياناً تتكون الجلطات التي تقلل تدفق الدم لعضلة القلب.

تبدأ معاناة المريض من أعراض هذا المرض مع ترسب الدهون واللويحات على جدران الشرايين التاجية، وفي الغالب فإنه لا يشكو من أي أعراض في بداية المرض.

نمط الحياة

ترجع الإصابة بمرض القلب الإكليلي في الغالب إلى جرح أو تلف الطبقة الداخلية من الشريان التاجي، وربما حدث ذلك في فترة مبكرة من مرحلة الطفولة.

يمكن أن يكون هذا الضرر نتيجة الكثير من العوامل، والتي تشمل التدخين وارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدل الكوليسترول وداء السكري، بالإضافة إلى نمط الحياة الخامل.

يؤدي تلف الشرايين إلى ترسب اللويحات الدهنية على جدرانها، وذلك حتى تعيد بناء مكان الجرح، وتتكون هذه الترسبات من الكوليسترول ومنتجات الفضلات الخلوية، ويعرف هذا التراكم بالتصلب الشرياني، أو تصلب الشرايين.

تتكتل خلايا الدم المعروفة بالصفائح في الموقع حيث تحاول إصلاح الشريان، ومن الممكن أن يتسبب هذا التكتل في سد الشريان، ويؤدي لحدوث نوبة قلبية.

عوامل خطر

تؤدي مجموعة من العوامل إلى زيادة خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي، ومن ذلك العمر، فالتقدم في العمر يزيد خطر تعرض الشرايين للتلف والضيق.

يعد من عوامل الخطر كذلك التاريخ المرضي، فيلاحظ أن خطر الإصابة يكون أكبر عند إصابة الوالد أو أحد الأخوة قبل سن 55، ونفس الأمر بالنسبة للوالدة أو الأخت في حالة تشخيص الإصابة قبل سن 65.

يزيد خطر الإصابة بمرض القلب الإكليلي لدى المدخنين، ويشمل هذا الأمر أيضا المدخنين السلبيين، كما أن من عوامل الخطر ارتفاع ضغط الدم غير المحكوم، لأنه يتسبب في تصلب الشرايين وزيادة سمكها، وبالتالي فإن القناة التي يمر منها الدم تصاب بالتضييق.

الإجهاد الزائد

يمكن أن يكون الإجهاد الزائد غير الظاهر في حياة المصاب أحد عوامل الخطر، كما أن تناول كميات طعام كبيرة تحتوي على دهون مشبعة أو متحولة، وكذلك تناول الملح والسكر بكميات كبيرة ربما زاد من خطر الإصابة بهذا المرض.

يلاحظ أن هذه العوامل في العادة تحدث في مجموعات، وربما تُبنى بعضها على بعض، فالسمنة تؤدي إلى داء السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم.

يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بمرض الشريان التاجي عندما تجتمع عليه مجموعة من عوامل الخطر معاً، فمثلاً متلازمة التمثيل الغذائي، والتي تتضمن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية وانخفاض الكوليسترول الجيد وارتفاع مستويات الأنسولين، تزيد خطر الإصابة بالمرض.

تطور الأعراض

يؤدي ضيق الشرايين التاجية إلى عدم تمكنها من إمداد القلب بالدم الغني بالأكسجين، وبخاصة عندما تتسارع ضربات القلب، عند بذل أي مجهود كأداء تمارين رياضية مثلاً.

يلاحظ أن المصاب في البداية لا يشكو من أي أعراض نتيجة تدفق الدم المنخفض، إلا أنه مع استمرار تراكم الترسبات فربما تتطور الأعراض والعلامات، والتي تشمل الذبحة الصدرية وضيق التنفس والنوبة القلبية.

يعاني المصاب بمرض القلب الإكليلي من الذبحة الصدرية، فيشعر بألم في الصدر والذي يوصف بأنه إحساس بعصر وضغط وثقل، أو ألم شديد في منطقة الصدر.

يبدأ الألم في الغالب خلف عظم القص ويمتد إلى الرقبة والفك والذراعين والكتف والحلق، ومن الممكن أن يصل للأسنان، وتشمل الأعراض كذلك عسر هضم وحرقة الفؤاد والوهن والتعرق والغثيان وضيق التنفس.

ينتهي الألم في أغلب الأحيان في ظرف دقائق، وبمجرد توقف النشاط الضاغط، وفي بعض الأشخاص، وبخاصة النساء، فربما كان الشعور بالألم عابرا أو حادا في الرقبة أو الظهر أو الذراع.

ضيق التنفس

يتسبب وصول كميات قليلة للغاية من الأكسجين للقلب ولأعضاء الجسم الأخرى في شعور المريض بضيق التنفس، حيث يبدأ باللهاث في محاولة لتعويض نقص الأكسجين.

يحدث احتشاء عضلة القلب أو النوبة القلبية بسبب أن كميات الدم التي تصل لعضلة القلب لا تكون كافية، ومن ثم الأكسجين، وبالتالي فإن العضلة تموت، وتحدث النوبة القلبية.

يكون سبب النوبة القلبية في العادة تكون جلطة من ترسب اللويحات في أحد الشرايين التاجية، ومن الممكن أن تكون كبيرة حتى إنها تسد الشريان، وبالتالي تمنع الدم من الوصول للقلب، وتسمى في هذه الحالة بالخثار التاجي.

عدم الراحة

يشكو المصاب بسبب النوبة القلبية من الشعور بعدم الراحة في الصدر والسعال، والدوخة وضيق التنفس وشحوب الوجه والغثيان والقيء والتعرق.

تبدأ الأعراض بألم في الصدر، والذي ينتشر سريعا، حتى يصل للرقبة والفك والذراعين والكتف والبطن أو الظهر، وفي العادة فإنه يكون مستمرا.

يمكن أن يستمر من دقائق وحتى ساعات، وتعد النوبة القلبية إحدى الحالات الطبية الطارئة، لأنها من الممكن أن تتسبب في الوفاة أو تحدث ضررا دائما في القلب.

فشل القلب

يعد من مضاعفات مرض الشريان التاجي الذبحة الصدرية، وذلك عندما لا يحصل القلب على ما يكفيه من الدم، وبخاصة إذا بذل المصاب أي مجهود بدني.

يتسبب حرمان أجزاء من القلب بصفة مستمرة من الأكسجين وعناصر التغذية - نتيجة انخفاض تدفق الدم أو لحدوث تلف في القلب بسبب الأزمة القلبية - في أن يصبح القلب ضعيفا للغاية، حتى إنه يعجز عن ضخ الدم الكافي الذي تحتاج إليه مختلف أعضاء الجسم، وتعرف هذه الحالة بفشل القلب.

يمكن أن يحدث تداخل في تزويد القلب غير الملائم بالدم أو تلف أنسجته مع النبضات الكهربائية للقلب، وهو الأمر الذي يتسبب في شذوذ نظم القلب.

3 خطوات

يعتمد تشخيص الإصابة بمرض القلب الإكليلي على الفحص البدني للمرض مع التعرف على التاريخ المرضي، بالإضافة إلى مجموعة من الاختبارات.

تشمل هذه الاختبارات مخطط كهربية القلب ومخطط صدى له، واختبار الإجهاد، ومرقب هولتير، وهو جهاز محمول يرصد النشاط الكهربي للقلب ومعدل نبضاته، ويضعه المريض تحت ملابسه لمدة يومين على الأقل.

يضاف إلى ما سبق القسطرة الاستكشافية للشريان التاجي، فيتم حقن صبغة في شرايين القلب للكشف عن البقع الضيقة والانسدادات، من خلال الأشعة السينية.

تتضمن الاختبارات التصويرية أشعة مقطعية، والتصوير البطيني النووي، وذلك من خلال كاشفات مشعة تفحص غرف القلب.

تجرى اختبارات للدم، وذلك لقياس مستويات الكوليسترول فيه، وبخاصة لمن تجاوزوا الأربعين عاما، وكذلك لمن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.

تعزيز الشرايين

يعتمد علاج مرض الشريان التاجي على تغيير نظام حياة المصاب، وذلك لأنه لا يتوافر علاج ناجع لهذا المرض، وإنما هي مجرد وسائل للسيطرة على الحالة، وتجنب تطورها أو الإصابة بأي مضاعفات، ويمكن في بعض الأحيان استخدام العقاقير وبعض التقنيات الطبية.

يمكن أن يساعد الالتزام بالتغييرات الصحية في تعزيز تمتع الشرايين بصحة أفضل، ومن ذلك الإقلاع عن التدخين وتناول طعام صحي، والانتظام في ممارسة الرياضة، مع التخلص من الوزن الزائد، وتقليل أي ضغط نفسي أو التخلص منه.

تتضمن العقاقير التي يستخدمها المصاب بمرض القلب الإكليلي أدوية خافضة للكوليسترول، ولها أثر إيجابي، إلا أنها لا تعمل لو كان المصاب يعاني من اضطراب آخر في الكوليسترول.

يمكن أن تساهم جرعات صغيرة من الأسبرين في تقليل فرصة تكون جلطات دموية، وفرصة حدوث ذبحات صدرية أو نوبات قلبية.

تقلل حاثرات بيتا من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وبخاصة لدى من يعانون نوبات قلبية، كما تقلل أقراص النيتروجليسرين من ألم الصدر، وذلك لأنها تخفض احتياج القلب للدم من خلال توسيع الشرايين.

التدخل الجراحي

يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي في الحالات التي تكون الشرايين ضيقة للغاية، أو عندما لا تستجيب الأعراض للأدوية، وفي هذا الإجراء يتم عمل فتح أو استبدال الشرايين المسدودة.

تشمل الخيارات المطروحة الجراحة بالليزر، وفيها يتم عمل فتحات ضئيلة للغاية بعضلة القلب، والتي تشجع على تكوين أوعية دموية جديدة.

يمكن أن يستخدم الجراح وعاء دموياً من مكان آخر من الجسم، وذلك بهدف صنع ممر يمكنه تجاوز الشريان المسدود.

يتم تركيب قسطرة في المكان الضيق من الشريان، ومن ثم يمرر بالون منكمش من خلال القسطرة للمنطقة المصابة.

ينفخ البالون، وبالتالي يضغط على الرواسب الدهنية على جدران الشريان الداخلية، وربما تركت الدعامة أو الأنبوبة الشبكية حتى يظل الشريان مفتوحا.

الرجال الأكثر 

يعتبر الرجال بشكل عام أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، وإن كان معدل الزيادة يكون أكبر لدى النساء بعد سن اليأس.

يجب على الشخص المصاب بمرض القلب الإكليلي الحرص على مجموعة من الإجراءات التي تعد سبيل وقاية وبهدف منع الأعراض وتعطيل تقدمها.

ينصح بضبط ضغط الدم، ووضع داء السكري تحت السيطرة، مع مراقبة مستوى الكوليسترول في الدم، والتقليل من التوتر بقدر الإمكان، ومن الممكن أن تساعد بعض التقنيات على ذلك، كالتنفس بعمق وإرخاء العضلات.

يعد من الأمور المهمة في هذا الإطار ممارسة الرياضة بانتظام والمحافظة على تناول طعام صحي، ولهذين الأمرين دور في الوصول لوزن صحي والسيطرة على داء السكري، ولابد أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب.

يتم اللجوء لعملية زراعة قلب، وإن كان ذلك بصورة نادرة، وذلك في الحالات التي تضررت بشدة، أو عندما تفشل كل العلاجات السابقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"