العلاقة بين سوق الأوراق المالية والاقتصاد تضعف

01:40 صباحا
قراءة 3 دقائق
وول ستريت
وول ستريت

بيتر أورساج *

غالباً ما يُساء استخدام سوق الأسهم ويُنظر إليه كقائد للاقتصاد، خاصة في المناقشات السياسية. ومع ذلك، لم يتحرك السوق بشكل موثوق أبداً بالتنسيق مع الاقتصاد. واليوم أصبحت العلاقة بين الاثنين أضعف من أي وقت مضى، منذ الحرب العالمية الثانية. وعلاوة على ذلك، تشير أسباب هذا الانفصال إلى أن العلاقة ستتلاشى أكثر في السنوات المقبلة.

أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الارتباط بين أسواق الأسهم والنشاط الاقتصادي الحقيقي، ضعيفاً بشكل خاص، هو أن أسعار الأسهم تكون مدفوعة بالتوقعات حول الظروف الاقتصادية المستقبلية، وليس الحالية، ويمكن أيضاً أن تتأثر بشكل كبير بالتغيرات في سعر الفائدة المستخدمة لتخفيض الأرباح المستقبلية.

ومع تطور الاقتصاد باتجاه صناعات الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، ومع نمو صناديق الأسهم الخاصة لتصبح قوة أكبر، أصبحت سوق الأوراق المالية أقل تمثيلاً للنشاط الاقتصادي الحالي.

يوثق بحث جديد أجراه فريدريك شلينجمان من جامعة بيتسبرج، ورينيه ستولز من جامعة ولاية أوهايو، ما حدث. في عام 1973 تم توظيف 41% من العاملين في القطاع الخاص في الولايات المتحدة من قبل شركات عمومية مدرجة في البورصة. وبحلول عام 2019، انخفضت هذه الحصة إلى 29%. وضمن الشركات العامة، يلعب التوظيف الآن دوراً أصغر مما كان عليه في السابق، في شرح قيم السوق. ففي السبعينات، شكل التباين الوظيفي بين الشركات نصف الاختلافات في رأس مال سوق الأسهم، واليوم تمثل خُمس التباين فقط.

ما الذي يفسر الفجوة المتزايدة بين أسعار الأسهم والتوظيف؟ يشير شلينجمان وستولز إلى التحولات القطاعية عبر الاقتصاد باعتبارها المحرك الرئيسي. وغالباً ما تلجأ شركات التصنيع ذات الاستثمار المادي الكبير، إلى أسواق الأسهم لتلبية احتياجاتها التمويلية الكبيرة. ومن غير المرجح أن يتم إدراج شركات الخدمات في البورصة العامة. 4% فقط من العاملين في الخدمات التعليمية والصحية يتبعون لشركات عامة، مقارنة بأكثر من ثلاثة أرباع العاملين في التصنيع.

وبالتالي، فإن الانفصال المتزايد بين سوق الأوراق المالية والوظائف، هو إلى حد كبير، قصة تحول الاقتصاد الأمريكي إلى الخدمات على مدى العقود العديدة الماضية. في عام 1973، كان التصنيع يستخدم 30% من العمال، وانخفضت العمالة في القطاع بأكثر من مليوني شخص منذ ذلك الحين، وانخفضت معها حصة إجمالي العمالة في التصنيع بنحو الثلثين. في الوقت ذاته، نما التوظيف في قطاعي التعليم والخدمات الصحية وخدمات الأعمال المهنية والترفيه والضيافة بأكثر من 200%.

إذا كانت شركات التعليم والرعاية الصحية عرضة  مثل شركات التصنيع  للاستفادة من أسواق الأسهم العامة، فإن الشركات المدرجة كانت ستمثل 43% من جميع العمال في عام 2019، أكثر بقليل مما كانت عليه عام 1973.

وبعبارة أخرى، أدى تحول التوظيف نحو الخدمات، والابتعاد عن التصنيع، إلى توسيع الفجوة بين سوق الأوراق المالية وسوق العمل.

وبحسب تقديرات «ماكنزي»، فإن الصورة المعكوسة لانخفاض حصة التوظيف في الشركات العامة هي ارتفاع الأسهم الخاصة. فمنذ عام 2002، ارتفع صافي قيمة أصول الشركات الخاصة بمقدار الضعف، مقارنة بالشركات العامة، وعليه، ومع انخفاض عدد الشركات العامة إلى النصف خلال العقدين الماضيين، ارتفع دور الأعمال الخاصة.

ما الذي يجب توقعه في المستقبل؟ تشير الضجة حول «شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة»، أو «سباكس» SPACs، إلى أن جاذبية الأسواق العامة تغري العديد من الشركات وستستمر في ذلك. وبشكل عام، وعلى الرغم من توجه الناس المتزايد نحو أعمال الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأخرى، فمن المحتمل أن يستمر التوظيف في التحول نحو الشركات الخاصة.

كل هذا يطرح سؤالاً مثيراً للاهتمام، هل نحتاج إلى معايير جديدة لقياس نشاط الشركات الخاصة؟ وأيضاً مع استمرار انخفاض حصة التوظيف في الشركات العامة، أصبحت البيانات التي تخبرنا بها أنشطتهم عن الاقتصاد الواسع، أقل شيئاً فشيئاً.

*الرئيس التنفيذي للاستشارات المالية في «لازارد»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي للاستشارات المالية في «لازارد»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"