عادي
"الخليج" الرياضي يفتح ملف إخفاق أولمبياد طوكيو (1)

مختصون: أدمنا الفشل.. وإدارتنا للرياضة تحتاج إلى «وقفة»

22:52 مساء
قراءة 6 دقائق
وفد الإمارات في طابور عرض افتتاح أولمبياد طوكيو
يوسف المطروشي
سيف بن فطيس بعد مشاركته
سيف بن فطيس خلال المنافسات

تحقيق: مسعد عبد الوهاب

عاد وفد الإمارات الرياضي المؤلف من 5 لاعبين من مشاركته بأولمبياد طوكيو 2020، بخفي حنين، وبحصاد صفر، ليفتح الملف المتجدد مع كل استحقاق، والسؤال الذي لا يجد جواباً منذ ألعاب لوس أنجلوس 1984: ماهو سبب الإخفاق؟ وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟

«الخليج الرياضي»، استطلع أراء مختصين ومسؤولين، الذين طالبوا بالمحاسبة الفعلية من أجل تصحيح المسار لتأخذ رياضة الإمارات مكانتها اللائقة وتستطيع مجاراة الأقوياء، واتفقوا على أن قصور الإعداد سبب الحصاد الصفري لرياضتنا، وهنا الآراء:

في البداية يقول الدكتور أحمد الشريف، رئيس جمعية الرياضيين بالدولة: «على المستوى الشخصي أرى أننا خضنا أولمبياد طوكيو بأسلوب المواجهة الخاسرة لذلك من الطبيعي عدم تحقيق أي نتائج، وهذا كان متوقعاً فالأرقام هي التي تحكم وتتحدث في الألعاب الفردية وتكاد تكون الميداليات موزعة من قبل المنافسات لأن كل بطل تأهل وأتى برقمه وتبقى ظروف يوم المنافسة هي التي تحدد موقعه على منصة التتويج بين الذهب والفضة والبرونز، وهذا تفسير لما ذكرت عن أن رياضيينا خاضوا المنافسات بأسلوب المواجهة الخاسرة، لأن أرقام لاعبينا في الألعاب الأربعة التي شاركت لا تكفي لينافسوا على المراكز الأولى وهذا بسبب عدم وجود برامج إعداد طويلة المدى بمواصفات ومعايير علمية بالنسبة للرياضيين الذين شاركوا، وهذا الأمر يتكرر في مشاركاتنا في الدورات الأولمبية.

أحمد الشريف
أحمد الشريف

النظام الرأس

ويتابع د.الشريف: «سأسوق مثالاً في شأن إعداد معتز برشم صاحب ذهبية لقطر في أولمبياد طوكيو؛ حيث حصد فضية في أولمبياد 2016 ثم حقق الذهبية في طوكيو وعلى هذا الأساس الناس تعد لتصعيد الأبطال إلى الأولمبياد».

وعن الحلول المستقبلية لبلوغ منصة تتويج الأولمبياد من وجهة نظر علمية بحكم تخصصه قال د. الشريف: «لابد أن نشتغل بالنظام الرأسي وليس الأفقي، بمعنى نركز على عدد قليل من الألعاب لعبتين أو ثلاثة أو حتى أربعة ويكون الإعداد على هذا الأساس وببرامج طويلة المدى، هذا هو ما يناسبنا لتصعيد الأبطال الأولمبيين من وجهة نظري وليس بالأسلوب الأفقي الذي يعتمد على التوسع في عدد الألعاب ودفع تكلفة مادية عالية بدون طائل، مع عدم إغفال قواعد الإعداد الأولمبي وصناعة البطل المتعارف عليها منذ الصغر، والرهان هنا يبدأ من المدارس كما هو معروف، وأؤكد أنه من المستحيل أن تنجح مؤسسة واحدة (النادي) بالعمل بمفردها، وأضرب مثالاً هنا بسباح المنتخب ونادي الوصل يوسف المطروشي الذي خاض سباق 100 م حرة، فلو كان هذا السباح الموهوب الذي يعتبر نموذجاً لسباح المستقبل وجد الرعاية المناسبة وتضافر الجهود من المؤسسات المعنية في توفير برامج الإعداد المستقرة والمعسكرات الخارجية للاحتكاك مع مستويات عالية لكان لدينا بالتأكيد بطل أولمبي في طوكيو».

حرق المراحل

وقال الدكتور حمد كرم الكعبي الأمين العام لاتحاد الرياضة الجامعية: «بطريقة مبسطة جداً لكي يكون لدينا بطل أولمبي يجب أن يمر ذلك بتدرج مرحلي يتعلق بإعداد البطل ليكون بطلاً محلياً ثم خليجياً ثم عربياً وصولاً إلى مستوى البطل القاري وهي المحطة التي يمكن من خلالها الصعود للأولمبياد والرهان على إحراز ميدالية أولمبية».

ويضيف: «أقولها بمرارة وأنا أدين ما آلت إليه مشاركتنا في أولمبياد طوكيو، لقد حرقنا المراحل وما زلنا على المنوال نفسه لأننا تناسينا تماماً منطق وأصول وأساليب الإعداد للبطولات على أساس علمي ووفق ما أشرت إليه من تدرج، وإن لم يكن الإعداد على هذا النحو مع تطبيق برامج فعالة في التدريب، فلا حديث عن ميداليات أولمبية، ومن حق الشارع الرياضي أن يتساءل أين اللجنة الأولمبية الوطنية، وبكل أسف وبصراحة شديدة، لا نرى دورها إلا خلال المشاركة في الأولمبياد ولا يجب أن يكون دورها في اللحظات الأخيرة، وكما هو معروف الإعداد الأولمبي عملية تبدأ منذ الصغر لتأهيل الرياضيين وفق برامج رعاية فعالة ومستمرة ولننظر إلى الرياضيين العرب الذين حققوا إنجازات في طوكيو وغيرها لنعرف أن لدينا قصوراً شديداً في الإعداد وفق أصوله المتبعة عالمياً، فالميداليات الأولمبية ليست وليدة اليوم». ويواصل: «عندنا بعض رؤساء ومسؤولين عن الاتحادات يجلسون منذ حوالي ربع قرن من الزمان على كراسيهم «شو يسوون» وأتساءل عن هؤلاء المسؤولين عن الاتحادات ماذا يفعلون أولئك الذين أمضوا أكثر من 15 إلى 20 سنة، ماذا قدموا وأين إنجازاتهم؟».

حمد الكعبي
حمد الكعبي

تصحيح المسار

وعن رؤيته للعلاج وتصحيح المسار قال: «البداية من الكشف عن المواهب، من هنا تكون البداية مع توفير برامج رعوية سليمة، ولا أعارض التجنيس فليس عيباً فالعالم كله يجنس، لكن يجب أن يكون له هدف ولأبطال حقيقيين وليسوا وهميين، والمطلوب من اللجنة الأولمبية إعادة النظر في برامج الإعداد وتجب متابعة الاتحادات ومحاسبتها فهي المسؤولة في المقام الأول عن وضع برامج الإعداد، ولابد من شغل علمي مدروس موضوع بخطط على أساس سليم، وإذا لم تفعل اللجنة الأولمبية الرقابة والمحاسبة سنبقى محلك سر».

وختم د. حمد كرم: «نحن نعيش في كل مشاركة أولمبية نفس الهم وأنا أتكلم عن نظام رياضي، والمجاملات تكون على حساب الإنجازات وللأسف نخدع أنفسنا عندما نشارك في بطولات خليجية أو عربية ونقول حققنا الذهب، يا سادة لم يعد ذلك يخدع الناس فالنظام الرياضي يحتاج إلى إعادة نظر لنتعامل مع المشاركات الأولمبية بمنطقها الذي لا يعترف سوى بالأرقام والنتائج».

رد على الانتقادات

ولمعرفة تقييم اتحاد السباحة لمردود مشاركة سباح المنتخب يوسف المطروشي في أولمبياد طوكيو في مسابقة 100 م حرة والتي حل فيها في الترتيب 50 بين 70 سباحاً خاضوا السباق وخرج من التصفيات، قال عبدالله الوهيبي الأمين العام لاتحاد السباحة والمتحدث الرسمي للاتحاد: «يوسف سباح واعد ويحتاج إلى نقله في التدريب من خلال توفير برنامج متكامل برعاية إحدى المؤسسات الرياضية، لأن هذا النوع من الإعداد يحتاج إلى ميزانية تتخطى ميزانية أي اتحاد لعبة فردية، وهذا هو كل ما يحتاج إليه في الفترة الحالية ليتسنى له مواصلة مشواره».

ورد الوهيبي، على الانتقادات التي وجهها معنيون من الشارع الرياضي لاتحاد السباحة بخصوص ما وصفوه بوجود قصور في إعداد السباح المطروشي: «في الفترة السابقة كانت جميع الأنشطة متوقفه بشكل تام بسبب جائحة كورونا، ووفر الاتحاد ما كان يحتاج إليه السباح في فترة الاستئناف ومن ضمنها المعسكرات الداخلية والخارجية، ويجب أن لا ننسى المستويات التي واجهها من سباحين من دول سبقتنا في المجال، والمطروشي فعل كل ما بوسعه ولم يوفق».

عبد الله الوهيبي
عبد الله الوهيبي

طريقة التخطيط الحالية تحتاج إلى تغيير

أكد الدكتور أحمد الشريف أن طريقة التخطيط الفني في المؤسسات الرياضية الإماراتية من منظور إعداد الأبطال، بحاجة إلى تغيير جذري من خلال استبدالها بخطط حديثة ناجحة، تقوم على مراعاة أحدث الأساليب العلمية المطبقة في التدريب وإعداد الرياضيين لخوض البطولات الأولمبية والعالمية على كل المستويات، مؤكداً حتمية ذلك في وقت مبكر ومن الآن، من أجل الدخول في السباق لإحراز ميداليات الدورة الأولمبية القادمة 2024، مضيفاً: «يجب أن تكون خططنا الفنية أعلى بحيث تستمر عملية إعداد الرياضي بشكل مرحلي، حيث لكل محطة هدفها، على أن يتم الإعداد بنسق تصاعدي متدرج مرحلياً، كما يجب أن نعرف أن أقل بطل حقق ميدالية في طوكيو استغرقت عملية إعداده 8 سنوات، هذا هو الواقع. الأبطال لا يصنعون بين عشية وضحاها، وبالتالي يجب أن تكون لدينا العين الفنية الفاحصة التي تكتشف المواهب وتشارك في صنع القرار بشأن صناعة البطل، فالمكتشف المزود بالعلم والخبرة لا يمكن إقصاؤه من حيز الإعداد، وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي يصل فيه أبناؤنا إلى مستوى التأهل المباشر دون الحاجة إلى بطاقات الدعوة التي تكون فيها منافسة الرياضي خاسرة قبل أن تبدأ».

12 مليون درهم كلفة صناعة البطل

أكد عبد الله الوهيبي، الأمين العام لاتحاد السباحة، أن نظام العمل في الاتحادات الرياضية لا يخدم صناعة البطل الأولمبي، بسبب كثرة الجهات التي تتدخل في العمل، في حين من المفترض توحيد الأطر في كل القرارات التي تتخذ في شأن صناعة أبطال المستقبل.

وأضاف في هذا الخصوص: الحل في الأكاديميات المتخصصة، فصناعة البطل الأولمبي، تحتاج إلى ميزانية لا تقل عن 12 مليون درهم، على أن يكون ذلك من خلال مشروع يتبنى اللاعب وهو في عمر 10سنوات، على أن تستمر عملية الإعداد حتى سن 18 سنة، وعندها يكون قد وصل إلى قمة المستوى الفني الذي يمكنه من التأهل للأولمبياد.

لا تجعلوا من «كورونا »«شماعة» للإخفاق

علق الدكتور حمد كرم الكعبي، على الأعذار التي يختلقها بعض المعنيين بشأن المشاركة في الاتحادات التي خاضت المنافسات، في أن ظروف جائحة كورونا عرقلت إعداد اللاعبين بقوله: «أقول لمن جعلوا من كورونا شماعة لتعليق إخفاقاتهم عليها، هذا الكلام لا ينطلي علينا، والشارع الرياضي لا يقبل به فالناس تتابع ولديها من الوعي ما يمكنها من معرفة وضعنا الحقيقي، يجب أن نعترف بواقعنا وإخفاقنا إذا كنا نريد حقاً تصحيح المسار والوصول لوضع يمكننا من مقارعة الأقوياء في المجال الرياضي، فسباق التفوق احتدم ويزداد ضراوة الدورة تلو الأخرى، بينما نحن نكتفي بدور المتفرج على ما يحققه الناجحون من أصحاب الميداليات وتحطيم الأرقام في دورة طوكيو، وانظروا من حولكم لمن حققوا إنجازات من الخليجيين والعرب، فهؤلاء وغيرهم من دول العالم التي تواجه الجائحة وأعدت رياضيوها وتنافست بنفس الظروف، هنا ستجدون ما يدحض مزاعمكم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"