عادي
ملامح من حياة بطلته ضمن خلطة فنية جميلة

«ماري مي».. سحر الرومانسية والمفاجآت

23:39 مساء
قراءة 5 دقائق
1

مارلين سلوم

كلما وجدت فيلماً سينمائياً بطلته جينيفر لوبيز، تشاهده وأنت مطمئن إلى أنك ستستمتع بعمل خفيف، رومانسي، لا يخلو أبداً من بعض الكوميديا، غنائي أحياناً وليس دائماً. وحين تجد فيلم «ماري مي» في الصالات، تشاهده بنفس الاطمئنان، لكنك ستستمتع أكثر هذه المرة بالأجواء الاستعراضية والأغاني والكوميديا وأداء البطلين وملامسة المنطق والخروج عن القوالب المستهلكة للقصص الرومانسية، وإن كنت تنتظر وتتوقع نهاية سعيدة، إنما تترك مجالاً للواقع أن يلعب لعبته فلا تأتي نهاية كل الحكايات سعيدة كقصص الخيال ولا يفوز الجميع ولا تنجح كل التحديات.

فيلم يشبه جينيفر لوبيز النجمة والإنسانة، وكأنه يقتطع أجزاء من حياتها ليضيفها إلى خلطة أخرى جميلة، فتفهم أكثر أن هذه البطلة والشريكة في إنتاج الفيلم، تريد أن توصل رسالة واضحة إلى جمهورها، إنسانية وفنية في وقت واحد، لتقول إنها امرأة تحب الأسرة، تزوجت ثلاث مرات ولا تمانع في الرابعة؛ لأنها تريد أن تعيش دائماً وسط عائلة وأجواء الحب و«الوفاء»، وأنها تعشق الفن والجمهور، وتتعرض للتنمر أيضاً من البرامج الساخرة، وتلتزم الصمت بينما جمهورها يدافع عنها.

«ماري مي» أو «تزوجني» فيلم ناجح؛ لأنه يملك سحر الرومانسية الرقيقة ومفاجآت المواقف غير المتوقعة أحياناً، بجانب الأزياء والأغاني، لاسيما أغنيتي «تزوجني» و«أون ماي واي» أو«أنا في طريقي»، وقد حققتا نجاحاً سريعاً وكبيراً في سوق الأغاني فور انطلاق عرض الفيلم، وغنتهما لوبيز في حفلها الأخير المتوافق مع حملة الترويج للفيلم. ويحسب للمخرجة كات كويرو اعتمادها البساطة في تصوير الأجزاء الخاصة بالبطل، والاكتفاء بالإبهار في الأجزاء المتعلقة بالنجمة والأضواء والمسرح.. فوارق تلاحظها العين وتشعر بها النفس دون الحاجة إلى الكلام، ودون المبالغة في التمييز بين مستوى النجمة والبطل لأنه ليس معدوم الحال، علماً أن كويرو هي مخرجة أفلام قصيرة ومسلسلات تلفزيونية ويعتبر «ماي واي» أول أفلامها السينمائية الطويلة، والذي يعتبر بداية موفقة تبشر بأعمال تالية بمستوى جيد.

الفيلم مستوحى من سلسلة الروايات المصورة على شبكة الإنترنت «كينسبوت» من تأليف بوبي كروسبي وريمي مختار (إيسو)، كتب له السيناريو جون روجرز، وتامي ساجر وهاربر ديل. القصة غير معقدة، حكاية نجمة «البوب» الأولى كات فالديز (جينيفر لوبيز)، التي تتحدث عنها وسائل الإعلام الأمريكية وعن حفلها الغنائي «الحدث»، حيث اختارت أن تغني فيه «تزوجني» مع خطيبها المغني المشهور أيضاً باستيان (مالوما المغني الكولومبي المعروف)، وقد بيعت التذاكر كلها في مدرّج يتسع لعشرين مليون شخص، وسترتدي كات فستاناً من تصميم اللبناني العالمي زهير مراد مرصعاً بألف قطعة ألماس، كما ذكرت المذيعة. في المقابل ارتدت جينيفر لوبيز لإحياء حفلها الواقعي تزامناً مع إطلاق الفيلم فستانين من تصميم اللبناني العالمي إيلي صعب، والحفل يعتبر حدثاً؛ حيث لم يسبق لفنانين أن تزوجا على المسرح ومباشرة أمام الجمهور.

المقدمة سريعة والاستعدادات تتوالى وفي نفس الوقت تقدم لنا المخرجة نبذة عن حياة مدرّس الرياضيات في إحدى المدارس تشارلي (أوين ويلسون)، يعشق مهنته، يبسط المعلومات ويقدمها بأسلوب غير تقليدي لتلاميذه فيتألقون، بينما هو كلاسيكي وتقليدي جداً في حياته، لا يسمع الأغاني الحديثة ولا علاقة له بعالم التواصل الاجتماعي، وليس لديه بريد إلكتروني وهاتفه المحمول قديم جداً، يعيش مع ابنته لو (كلويه كولمان) الوحيدة (11 عاماً) بعد انفصاله عن والدتها، وهي تمر بمرحلة المراهقة الحساسة، وتريد أن تشعر بأنها آنسة ولم تعد طفلة أبيها المدللة.

تناقض

التناقض كبير بين عالمي كات وتشارلي، هي محاطة باستمرار بالأشخاص الذين يتولون إدارة أعمالها ومساعدتها في اختيار كل شيء وتنظيم جدولها اليومي ولديها ملايين المتابعين على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي. الكاميرا مسلطة عليها كل دقيقة، من أجل نقل تحركاتها وكيف تقضي يومها ويتم تحميلها مباشرة على صفحتها الخاصة. ما الذي يجمعها بأستاذ الرياضيات؟ صدفة أو كما تقول كات «فكرة مختلفة»، حيث تقوم باركر (سارة سيلفرمان) زميلة تشارلي بدعوته لحضور الحفل الحدث، وهي تملك تذكرتين له ولابنته لو، طبعاً يوافق من أجل صغيرته، وهناك تطلب منه باركر أن يحمل يافطة كتبت عليها اسم الحفل والأغنية «ماري مي». تؤدي كات أغنيتها الأولى وبعدها يصعد باستيان ليغني أغنية أيضاً وهي في الكواليس ترتدي فستانها المرصّع بالألماس وترى المحيطين بها يتهامسون فتقلق، تأخذ الهاتف من يد مساعدها كولين (جون برادلي) فتكتشف مقطع فيديو متداولاً على وسائل التواصل عن خيانة باستيان لها مع مساعدتها. تصعد على المسرح بكامل وهجها ووجعها، لا تكتم السر، بل تقرر المواجهة بجرأة كمن يثأر لكرامته بفكرة مجنونة وقرار وليد اللحظة، تطلب إضاءة الصالة لترى الجمهور وتتحدث إليه مباشرة وتخبره عن قرارها الزواج من شخص ما، ثم يقع نظرها على الرجل الذي يحمل يافطة «ماري مي» فتشير إليه ليصعد إلى المسرح. تشارلي المرتبك والبعيد كلياً عن الأضواء صار فجأة مشهوراً وحديث الإعلام ووسائل التواصل، وجد نفسه محرجاً حين طلبت منه الزواج فخاف أن يجرحها وهي المنكسرة القلب والمجروحة الكرامة، يقبل ويتم الزواج ومن بعد الحفل كل يذهب في طريقه وإلى عالمه.

شروط

طبعاً هذه الليلة تركت أثراً على حياة تشارلي وابنته، وكان لا بد من لقاء بينه وبين النجمة التي بالكاد يعرفها، تتفق معه كات أن تقدم مساهمة لمدرسته إذا استمرا في الزواج لبضعة أشهر، وظهر معها في أماكن عامة وإجراء بعض المقابلات الصحفية. للظهور العام شروط أيضاً عليه الاستجابة لها، مثل تقديم فريق كات هاتف «آيفون» حديثاً له، وإنشاء صفحة على وسائل التواصل، وارتداء البذلات الرسمية، والوقوف بجانبها على السجادة الحمراء، ولكنه يفاجئها بخفة ظله وسرعة البديهة واللباقة والأخلاق العالية التي يتمسك بها «من الزمن الجميل والأغاني والأفلام الكلاسيكية»، كما يفاجئها بردوده المقنعة والذكية على أسئلة الصحفيين. أما هي فتأتي إلى المدرسة وفصل الرياضيات حيث يتدرب الأطفال على مسابقة «الماثلون»، فتقوم هي بتعليمه كيفية تحدي الخوف عند الوقوف أمام الحضور على المسرح بإجراء بعض حركات الرقص، فيتمكنون من التركيز في الأرقام والإجابة السريعة. كل ذلك من أجل مساعدة لو ابنة تشارلي التي تعاني من رهبة الوقوف أمام الناس والإجابة، بينما هي عبقرية في الرياضيات. لتعليم الأطفال بعض حركات الرقص الرائعة ودرساً حول المرونة.

جينيفر لوبيز ما زالت تحتفظ برونقها ومرونتها في التمثيل وهي قلب الفيلم وروحه، والوصلات الغنائية التي قدمتها أثرت الفيلم ولم تقلل منه، بينما شريكها ويلسون المناسب هو أيضاً للدور لم يكن أقل منها حضوراً، بل أقل منها وهجاً، وهو ما يلائم شخصية تشارلي فعلياً. كوميديا رومانسية لكنها تخرج عن المألوف في بعض المواقف التي لن نذكرها كي لا نحرق الأحداث، تكشف الفرق بين عالمي النجومية والبساطة البعيدة كلياً عن الضوضاء، وإن كانت هذه الجزئية غير جديدة في عالم السينما، لكنها معالجة هنا بطريقة مناسبة لهذا العصر وللمنطق أيضاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"