دعوة للفهم

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين

أمس كان يوماً مميزاً، هو اليوم المبتسم المشرق في روزنامتنا السنوية سواء كان الطقس في الخارج مشمساً أم ممطراً ومكفهرّاً، إلا أن الواحد والعشرين من مارس/ آذار يرتدي في أذهاننا ومشاعرنا وبشكل تلقائي ملابس الربيع ويحمل باقات الزهور هدية إلى كل الأمهات في العالم. لكن هذا اليوم ليس مميزاً لأنه بداية فصل الربيع ويوم الاحتفال بالأم فقط، بل يستمد تميزه أيضاً من كونه اليوم العالمي لمتلازمة داون، المناسبة التي قد تمر ولا يلتفت إليها كل الناس، ولا يسمع عنها أو يلاحظها كثيرون. 
ماذا نعرف عن #متلازمة_داون وأبنائها؟ نادراً ما يشغل المرء باله بالقراءة وفهم الحالات المتنوعة لذوي الاحتياجات الخاصة، إلا إذا كان أحد معارفه أو أهل بيته من أبنائها، لذا يأتي اليوم المخصص لمتلازمة داون كدعوة لنتشارك جميعاً مع هؤلاء الأبناء ليس بالاحتفال بل بالتضامن والإحساس والاكتشاف والفهم والدعم. 
كلنا نحتاج إلى حملات للتوعية بمتلازمة داون، وللحقيقة نحتاج إلى حملات لتوعيتنا بكل فئات الاحتياجات الخاصة لنفهم ونتشارك، وإلا كيف يتحقق الدمج الحقيقي في المجتمعات ونحن ما زلنا نجهل طبيعة ما يعيشه هؤلاء الأبناء والإخوة، ونجهل حقيقة قدراتهم وكيفية دعمهم والتواصل بشكل طبيعي معهم؟!. 
هناك مراكز خاصة ومتميزة تؤهلهم لاكتشاف ذواتهم وقدراتهم ومواهبهم، بل يسبقوننا في اكتشاف كيفية التعامل معنا والانخراط في هذا العالم الكبير والاندماج مع الآخرين المختلفين عنهم سواء في المدارس أو في المجتمع وفي العمل؛ بينما «الآخرون» ما زالوا في عالمهم على بعد خطوة أو خطوتين من ذوي الهمم وفي فهمهم وتعاملهم يبعدون عنهم بُعد سفر ودول. 
اليوم العالمي لمتلازمة داون دعوة للفهم، تبدأ بأهل هؤلاء الأبناء، وتشمل كل فرد منا كي نساعدهم منذ طفولتهم ومنذ اكتشاف أنهم مختلفون، على تطوير مهاراتهم المتنوعة من حركية إلى اللغة إلى المهارات الاجتماعية.. مساعدتهم تساعدنا وتسهل علينا فهمهم والتعامل معهم بما يليق بهم ويحفظ حقوقهم ويجعل من كل واحد منهم طاقة منتجة لها كيانها ولها وجودها وبصمتها في المجتمع. 
يصابون بالجمود والإحباط إذا لم يجد المحيطون بهم وخصوصاً أهاليهم التعامل معهم، وفهم احتياجاتهم. وإذا كان شعار الاحتفال بيومهم هذا العام والذي رفعته الأمم المتحدة، «المشاركة والدمج الفعال بالمجتمع» فإنه من الطبيعي أن يكون هذا الشعار هو المطلب الدائم والمسعى الذي نعمل جميعاً كأفراد لتحقيقه، ولا نكتفي بالتفرج على ما تقوم بإنجازه الدولة والمؤسسات المعنية. لأصحاب الهمم دور فعال في كل المجتمعات، وعلينا واجبات نحوهم من الضروري الالتزام بها كي نؤمن لهم حقوقهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"