أحمد شكورة*
تعرضت صناعة الخدمات المالية لتغيرات هائلة على مدى العقود القليلة الماضية؛ خاصة في القطاع المصرفي. لقد أدى تبنّي القطاع المصرفي للتطورات التقنية في أدائه للخدمات المصرفية إلى تغيير طريقة قيامنا بأعمالنا واتخاذنا للقرارات، خاصة مع استخدام تحليلات البيانات وزيادة قدرات معالجتها.
بينما تبحث المصارف بحثاً مستمراً عن أفضل الطرق لمواكبة هذه التطورات والتحديثات، فقد يكون من الصعب عليها الحفاظ على موضعٍ لها في هذا المشهد سريع التغيّر. وعلى الرغم من أن مثل هذه التغييرات قد تسبب إرباكاً للمصارف بسبب كثرتها، إلا أنها ينبغي النظر إليها على أنها فرص نمو واعدة لمجالات العمل المختلفة، فهذه الفرص قد تكون نقطة الانطلاق لنجاح المصارف أو فشلها.
ويمكن القول أن أفضل نقطة انطلاق ممكنة تتمثل في تبنّي نهج التركيز على العملاء. وأظهرت نتائج البحث الذي أجرته شركة «ديلويت» أن العملاء يرون أن مصارفهم الرئيسية تمنحهم قيمة أقل بكثير من حيث الرضا، أو التواصل، مقارنة بالعلامات التجارية المفضلة لديهم مثل «أبل» و«غوغل»، مع تباين يصل إلى 24٪ في المجالات التي تغطي الجودة والقيمة وفهم متطلبات العميل.
علاوة على ذلك، أظهرت دراسة «ديلويت» أيضاً أن أهم أولويات المستهلكين تشمل ما يلي:
*التأمين القوي للمعلومات على الإنترنت.
*امتلاك خيارات إدارة التبادلات المالية عبر الإنترنت.
*القدرة على الحل الآني للمشكلات.
يتعيّن على المؤسسات المالية أن تستخدم منصات لإدارة بياناتها؛ لمواكبة التطورات التقنية التي تخطط هذه المؤسسات لتطبيقها حالياً، أو في المستقبل القريب. ويجب على منصة البيانات المختارة أن تدعم المصادر متعددة للبيانات، لضمان تقديم الخدمات المناسبة في وقتها بما يلبي متطلبات العملاء.
ولا شك في أن سهولة الوصول إلى البيانات يجعل عملية صنع القرار أكثر سهولة، خاصة في ما يتعلق بخطط التوسّع والأسواق التي يجب أن تدرسها الشركات التي تحقق نمواً، وما إلى ذلك. علاوة على هذا، تساعد البيانات في وضع مخطط متماسك لخطة أعمال فعالة، بما في ذلك تقدير المخاطر المحتملة ووضع استراتيجيات الإدارة.
وتكشف تحليلات الأعمال الأكثر دقة العملاء المحتملين الجدد والأسواق التي لا يمكن معرفتها من قبل، كل هذا بفضل جمع البيانات الخاصة بأنماط المعاملات. كما يمكن ضمان الوقاية من التهديدات المحتملة في المستقبل عن طريق مراقبة تفاعلات العملاء بكفاءة.
إن سهولة الوصول إلى البيانات ذات الصلة يمكنه مساعدة المصارف على تحديد عناصر مهمة؛ مثل العميل أو السوق الذي يقدّم أفضل إمكانات للنمو، أو كيف يمكن للشركة، أو العميل، تحسين رصيدهما الائتماني. ومن شأن تنفيذ استراتيجية بيانات مناسبة أن تتيح لك مراقبة بياناتك وتتبع المعلومات ذات الصلة، ما يؤدي إلى الوقاية من الاحتيال بنسبة 40٪.
وفي ما يخص النجاح التجاري، فإن الحفاظ على ولاء العملاء لا يقل أهمية عن بناء قاعدة عريضة من المستهلكين. وفقًا لبحث أجرته «أكسنتشر»؛ فإن المزيد والمزيد من المستهلكين يبحثون عن مقدمي الخدمات المالية المتاحين في الفضاء الرقمي.
لقد حوّلت المصارف وجهتها نحو تقديم تجربة مستخدم رقمية فريدة من نوعها، ما يزيد من ولاء العملاء ويعزز من قيمة العلامة التجارية. ويتضمن ذلك تقديم تفاعلات مخصصة وفعالة وبسيطة، مع تقليل النفقات والوقاية من التهديدات السيبرانية.
وفي سياق مشابه، فإن مصرف «رابو بانك» الهولندي الذي يتمتع بقاعدة عملاء تزيد على 8.3 مليون شخص عالمياً، يرى أهمية كبيرة لتحليلات البيانات. لقد أدركوا كيف يمكنهم استخدام بياناتهم للارتقاء بمستويات الأداء وتقديم الخدمات، وبالتالي تقديم تجربة أفضل للعملاء. لقد تبنّى المصرف استخدام منصتنا السحابية لإجراء تحليلات البيانات آنياً، بهدف توليد تحليلات ورؤى يمكن التصرّف سريعاً وفقاً لها.
ويتزايد الطلب على الذكاء الاصطناعي (AI) داخل القطاع المصرفي زيادة متسارعة مقارنة بالطرق التقليدية.
* نائب الرئيس الإقليمي الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا في «كلاوديرا»
