عادي
غياب الاستثناءات يعرقل التحاق طلبة بالمدارس

المنهاج البريطاني يغرد خارج سرب «القيد والقبول»

00:05 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

توحيد سِن القيد والقبول في المدارس، يعد خطوة تنظيمية تضبط إيقاع أعمار المُخرجات في المرحلة الثانوية، لاسيما وأن هناك أكثر من نظام تعليمي يعمل في الدولة تحت مظلة منظومة التعليم الوطني، ولكن مع انقضاء الأسابيع الأولى للعام الدراسي 2022-2023، بدأت تطفو على السطح إشكالية غياب الاستثناءات في سن القبول، التي عرقلت أعداداً غفيرة من الطلبة من الالتحاق بالمدارس هذا العام، إذ تنقص أعمارهم 7 إلى 30 يوماً عن السّن المعتمدة بأربع سنوات.

في المقابل، كسرت مدارس النظام البريطاني تلك القاعدة، لتقبل الطلبة في سن الثلاث سنوات، على أن تستمر الدراسة لمدة 13 عاما وفاء بمعايير الاعتماد، الأمر الذي أثار تحفظات واعتراضات أولياء الأمور، الذين طالبوا بتقليص سنوات الدراسة ب«البريطاني» أسوة بباقي الأنظمة التعليمية، وفتح باب استثناءات سِن القبول في نطاق مقبول، لتمكين الطلبة المنقوصة أعمارهم أيام معدودة عن أربعة سنوات من الالتحاق بالمدرسة.

الصورة
1

مديرو مدارس «البريطاني» أكدوا التزامهم بقرارات وزارة التربية والتعليم التي منحتهم حق الدراسة 13 عاماً، وقبول الطلبة في سن 3 سنوات، إذ إنهم لا يملكون صلاحية التعديل أو القرار في هذا الشأن؛ في وقت أكد مديرو مدارس نظم تعليمية أخرى استقبال طلبات انتقال كثيرة لطلبة المنهاج البريطاني، ولكن قبولها يلزم الطالب بالعودة إلى الوراء عاماً دراسياً لصغر سِن المتقدم.

ويرى خبراء وتربويون أن مواءمة «الصف والسنة»، ضرورة لسد فجوة الأعمار بين طلبة «البريطاني» وباقي الأنظمة التعليمية في الدولة، لاسيما مع قرار توحيد سن القيد والقبول، ليكون أربع سنوات لجميع الطلبة عند التقدم للمدرسة، فضلاً عن معالجة التفاوت في دراسة بعض المواد في مرحلة ما قبل الجامعة، لاسيما في مادتي اللغة العربية والإسلامية، ولكن لكل قاعدة استثناءات، خاصة الطلبة الذين تقل أعمارهم أياماً معدودة عن سن القبول.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، إشكالية مواءمة «الصف والسنة» التي طفت على الساحة بقوة، فضلاً عن مدى تفعيل الاستثناءات في سِن القبول للأنظمة التعليمية الأخرى داخل الدولة، في محاولة للوقوف على الملابسات والتفاصيل.

حالات واقعية

البداية كانت مع حالات واقعية في الميدان التربوي، حيث تتحدث الدكتورة رشا محمد عبد الرحمن رئيس قسم علم النفس، بجامعة عجمان، عن إشكالية الالتحاق بمدارس المنهاج البريطاني وعلاقتها بسن القيد والقبول الموحد، قائلة إن ابنها يدرس المنهاج البريطاني من السنة الأولى، وعمره يقترب من الثامنة عشرة، وعند تخرجه في الثانوية البريطانية سيكون عمره 19 عاماً عند بدء الدراسة الجامعية ومقارنة بزملائه سيكون اكبرهم سناً على الرغم من التساوي في سنة الدراسة.

وأفادت: «لا تتبع جميع المدارس التسلسل، حيث التحق ابني في الدراسة البريطانية من الصف الأول الابتدائي، وبالتالي يكون درس 12 سنة دراسية مثل أي منهاج، ومن المفترض أن السنة ال 13 كانت تطلب فقط، عند رغبة الطالب في إكمال دراسته في انجلترا، ليدرس بعدها 3 سنوات فقط في الجامعة، أي يتم تعويض السنة 13 في نقص سنة في مرحلة الجامعة، ولكن تعد هذه مشكلة جديدة أيضاً، إذ إن هناك بعض الدول تقبل معادلة الشهادة الثانوية البريطانية لأنها 12 سنة، وترفض معادلة الشهادة الجامعية من انجلترا لأنها 3 سنوات كما هو الحال في مصر والأردن، ما يلزم الطالب بدراسة الماجستير ليتم الاعتراف بشهادته.

وفي مشهد آخر، سرد أولياء الأمور: محسن الدرويشي، سماح موهوب، وعلياء مراد تفاصيل معاناتهم في إلحاق أبنائهم بالمدارس، العام الجاري، بسبب غياب الاستثناءات في سن القيد والقبول، إذ ينقص عمر ابن الأول 25 يوماً عن سن القبول، والثاني 15 يوماً، فيما نقص سن الثالث 7 أيام فقط، موضحين أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل لتسجيل أبنائهم هذا العام، الأمر الذي فرض على الأبناء المكوث في البيت للعام الدراسي المقبل.

أبطال المشهد

انقسم أولياء الأمور إلى ثلاثة فرق، حيث سجّل كل من: سهام علي، وأميمة حسين، وحمدان آل علي، وسامح عبد الله، تحفظاتهم على استمرارية الدراسة في المنهاج البريطاني لمدة 13 عاماً لتفادي عدم الاعتماد، إذ يشكل عبئاً كبيراً على أولياء الأمور، لاسيما من لديه أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة.

وقالو إن الرؤية ما زالت ضبابية في شأن سن القبول في مدارس المنهاج البريطاني، فهناك من يطبقه، وهناك البعض الآخر الذي يتطرق له لا بالتوجه أو الإرشاد حتى لا تفقد المدارس طلابها، ولدينا فريق ثالث فاجأنا بأن الدراسة 13 عاماً وفقاً لتوجيهات وزارة التربية والتعليم، مشيرين إلى أن أعمار أبنائهم ستكون 19 عاماً عند إكمالهم السنة 13 وفق القرار، وهنا لا تتفق المرحلة العمرية مع «التعليمية»، وهذا ما يدعو لإعادة النظر في آليات تطبيق مستجدات القيد والقبول.

وتساءلوا: لماذا لا تطبق سياسة القيد والقبول الموحدة التي تم تعميمها على جميع أنظمة التعليم في الدولة، على مدارس النظام البريطاني، ليتوحد من خلالها عدد سنوات الدراسة، وكذا أعمار المخرجات، فضلاً عن سد فجوات دراسة اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية الوطنية؟ مطالبين الجهات المعنية بإعادة النظر في تحقيق مبدأ المساواة بين الأنظمة التعليمية وسياسة القيد والقبول للطلبة في مختلف مراحل التعليم.

توحيد السّن

قرار توحيد سن القيد والقبول يحقق المساواة، وتكافؤ الفرص بين جميع الطلبة في مختلف المناهج، ويضمن تحقيق العدالة لجميع المتعلمين عند دخولهم الجامعات، هذا ما وصل إليه الفريق الثاني من أولياء الأمور الذي ضم حسين محمود وهيثم الحاج وميثاء علي ورباب أحمد وميثاء العامري، حيث أكدوا أن لكل قاعدة استثناءات، فلا يجوز أن يكون عمر الطالب ثلاث سنوات و11 شهراً، ويفقد عاماً كاملاً من رحلته الدراسية لعدم تفعيل الاستثناءات.

وأفادوا بأن هناك طلبة تنقص أعمارهم يومين، وآخرين سبعة أيام، ولم يتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة هذا العام، واضطروا للبقاء في المنزل بلا تعليم، إذ رفضت رياض الأطفال قبولهم، إذ إن أعمارهم أكبر من أطفالها، ومنعتهم المدارس من التسجيل لنقص أعمارهم بأيام معدودة عن سِن القبول، في وقت منحت الصلاحيات لمدارس المنهاج البريطاني بالتسجيل في عمر ثلاث سنوات وزيادة سنوات الدراسة عاماً كاملاً، ليتمكنوا من اعتماد الشهادات، معتبرين أن هذا الإجراء لا يحقق العدالة بين المتعلمين، أنما بات سبباً أساسياً في مشاكل متنوعة يشهدها الميدان عاماً تلو الآخر.

وطالبوا بضرورة تطبيق مبادئ المرونة في سياسة القيد والقبول ومراعاة الفوارق الزمنية البسيطة في أعمار الطلبة، فضلاً عن المرونة في إجراءات انتقال الطلبة من البريطاني إلى المناهج الأخرى، حتى لا يفقد الطالب عاماً دراسياً كاملاً بسبب دراسته للمنهاج البريطاني، مؤكدين أنه من العدل أن يطبق قرار توحيد سن القيد والقبول، من رياض الأطفال، وليس من الحلقات التعليمية الأخرى.

تفاوت في التعاطي

ويرى فريق ثالث ضم حمد آل علي وسماح عبد الله وسهام وهبي وعلي محمد، أن هناك تفاوتاً في آليات التطبيق في المدارس، فهناك إدارات استطاعت احتواء الأزمة، وقدمت حلولاً تتضمن مروراً آمناً للطلبة، من دون أن يفقدوا عاماً دراسياً، أو يدرسوا آخر زيادة، وفي المقابل أصرّت مدارس على التطبيق، وفقاً لوجهة نظرها، على الرغم من اعتمادها نظام «الصف» ضمن مراسلاتها الرسمية خلال الأعوام السابقة.

وأكدوا أن المرونة في تطبيق القرارات والتعديلات والمستجدات، ضرورة ملحّة، لاسيما إذا كانت تخاطب مستقبل الطلبة، وإن كان هناك خلل يختص بعمر الطالب عند التقدم للمدرسة، كما هو الحال في مدارس النظام البريطاني منذ نشأته، فلا يجوز أن يتم التعامل معه بشكل مفاجئ يربك أولياء الأمور والطلبة، مطالبين بتطبيق التعديلات وفق مراحل تبدأ من رياض الأطفال، وليس من المراحل التعليمية الأخرى لإتاحة الفرصة أمام ولي الأمر للاختيار وتحدد المناسب لأبنائه.

نظم مختلفة

أكد عدد من مديري مدارس المنهاج البريطاني (فضّلوا عدم ذكر أسمائهم)، أن نظام التعليم البريطاني له خصوصية تجعله يختلف عن باقي الأنظمة التعليمية، وسِن القيد والقبول ليست بجديدة على الميدان، ولكن التعديلات الأخيرة فرضت بعض الخصائص التي جعلت مدة الدراسة 13 عاماً.

وأكد مديرو مدارس مناهج أخرى، الدكتور عمرو منجد، والدكتورة سماء عبد الغني، والدكتور فارس جبور، ووليد لافي، ورانيا عبد الإله، أن هناك تراجعاً في حركة تنقلات الطلبة من النظام البريطاني إلى الأنظمة التعليمية الأخرى، نظراً لعودة المتعلمين عاماً دراسياً إلى الخلف في حال الانتقال بسبب سن القيد والقبول، فضلاً عن عدم وجود استثناءات خاصة بعمر الطالب في المنهاج غير البريطاني وضع العديد من أولياء الأمور في مأزق حقيقي، إذ إن على ولي الأمر الانتظار عاماً كاملاً ليصبح أبناؤه في سن القبول، أو المسارعة إلى أي مدرسة تدرس المنهاج البريطاني لتسجيل أبنه فيها، وهنا أيضاً يفرض على الطالب عاماً دراسياً إضافياً.

تعديلات تنظيمية

ترى الخبيرة الدكتورة نور أبو سنينة، أن التعديلات تنظيمية، وترتبط ارتباطا وثيقاً بالفوارق العمرية المحتسبة، ومواءمتها بالمناهج التعليمية التي تطبق 12 سنة دراسة، أو 13 سنة، لاسيما وأن لدينا طلبة يلتحقون بالمدارس في سِن 3 سنوات، وهذا يخالف سياسات وضوابط منظومة التعليم في الدولة، ويعوق الخريجين عند الالتحاق بالجامعة في بعض البلدان، لذا جاء قرار توحيد سِن القيد والقبول.

وقالت إن المواءمة وراءها سببان، الأول دراسة اللغة العربية والتربية الإسلامية، لطلبة النظام البريطاني، إذ يدرسها الطالب في الصف الثاني الابتدائي، مثلاً، ونجد أن طالب الصف الأول في المنهاج الأمريكي أو الوزاري يدرسه نفسه، وهنا جاءت المشكلة.

وأوضحت أن السبب الثاني، يركز على سد الفجوة في أعمار خريجي الثانوية العامة، التي اختلفت بين نظم التعليم الوزاري والبريطاني والأمريكي والمناهج الأخرى، فطلبة «البريطاني» يسجلون للتعليم في سن الثالثة، مقابل الرابعة في المناهج الأخرى، أي هناك فارق عام بين الطلبة، وهنا تأتي فجوة الأعمار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msk8frf4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"