عادي

«فرحة».. أحلام مجهضة وأفراح مسروقة في فيلم لمخرجة أردنية

19:45 مساء
قراءة 3 دقائق
مشهد من الفيلم داخل الغرفة المظلمة
فرحة مع صديقتها قبل القصف في أحد المشاهد
  • إبداع مخرجة الفيلم يتجلى في تصوير أغلب مشاهده داخل غرفة صغيرة مظلمة
  • الفيلم حصل على جوائز دولية وشارك في العديد من المهرجانات حول العالم

دبي: مها عادل

يشارك الفيلم الأردني «فرحة» الذي أطلقته شركة فارس فيلم بدور السينما في الدولة، هذا الأسبوع، رسمياًً في حفل توزيع جوائز الأوسكار 2023، حيث يدخل في فئة «فيلم روائي دولي»، وهو التمثيل الرسمي الأردني للفيلم في حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والتسعين.

يصنف فيلم «فرحة» للمخرجة الأردنية دارين جي سلام، فيلماً اجتماعياً سياسياً يتناول مراجعة وإحياء لأهوال النزوح في الشرق الأوسط، وتجسيداً على الشاشة لمعاناة الناجين من الحروب، وحجم الدمار النفسي والاجتماعي الذي يلحق بهم، ويتمّ سرد القصة في إطار من الإثارة والتشويق.

تدور أحداث القصة في إحدى القري الصغيرة الفلسطينية بعام 1948، وهو مستوحى من قصة حقيقية لإحدي اللاجئات الفلسطينيات التي شهدت بداية النكبة الفلسطينية في طفولتها، ورغم أن الفيلم يحمل عنوان «فرحة»، وهو اسم شخصية البطلة في الفيلم، إلا أنه أفصح في نهاية الفيلم عن الاسم الحقيقي للشخصية، وهو «رضية»، لكن يبدو أن اختيار اسم فرحة كان بهدف توصيل رسالة، عن عدد الأفراح المجهضة، والأحلام المبادة، والأمنيات المسروقة التي عاشها البشر، وتجرعتها الشعوب بسبب الحروب.

1
الملصق الدعائي للفيلم

الفيلم إنساني بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهو يصيب المشاهد بحالة من التوحد والمعايشة لأحداث لا تتكرر كثيراً على الشاشات، لدرجة قد يجد المشاهد نفسه مشغولاً ومصاباً بحالة من التعاطف والقلق على مستقبل أبطال الفيلم طوال العرض، وحتى بعد عودته للبيت، فالحبكة الدرامية للفيلم منسوجة بعناية وبحرفية لدرجة تجعلك تصرخ مع أبطاله من الخوف والألم، وتهلل معهم من الفرح بأحيان أخرى، ولا يترك لك الفيلم مجالاً للدموع، أو الحزن، فأنت (المُشاهد) مشدوه منجذب قلق على سلامة الجميع، ومصيرهم، الفيلم حقيقي لدرجة خيالية، حيث برع صنّاعه بالاهتمام بالتفاصيل التي تجيب عن الأسئلة، وتوحد مشاعرك مع الأحداث.

أحداث الفيلم

تبدأ أحداث الفيلم قبل قيام النكبة بأيام قليلة عام 1948، وتروي قصة فتاة فلسطينية (14 عاماً)، مرحة، طموح، تحلم بالسفر إلى المدينة لاستكمال دراستها في مدرسة هناك بصحبة صديقتها، تتمنى أن تصبح معلمة، لتعود إلى بلدتها الصغيرة يوماً ما لتبني مدرسة لتعليم الفتيات، حتي لا تضطر إحداهن للسفر بعيداً عن أهلها، أو للزواج المبكر، لغياب الهدف وفرصة التعليم.

وفجأة تتغير حياتها، وتستحيل أحلامها كابوساً، وتجهض فرحتها، وتتخضب حياتها بلون الدم، ورائحة الدمار، بعد معايشتها لمأساة الاحتلال الإسرائيلي، واجتياج الجنود لقريتها الصغيرة، وفقدان والدها في الأحداث.

يتجلى إبداع مخرجة الفيلم في تصوير أغلب مشاهده داخل غرفة صغيرة مظلمة، وهو المكان الذي قرر والد «فرحة» حبسها داخله؛ حيث أغلق عليها غرفة مخزن الطعام بالبيت لحمايتها من بطش الجنود، ووعدها بالعودة ولم يستطع، لنعايش مع الفتاة معاناتها داخل الغرفة، لأيام طويلة، وهي ترصد ما يجري من أحداث حولها من خلال فتحة صغيرة في الجدار، شاهدنا معها من خلالها مشاهد مأساوية من القصف والقتل والدمار الذي عانت منه قريتها.

إيقاع منضبط

نجح الفيلم من خلال الإيقاع الدرامي المنضبط، المتسارع، المبرر درامياً بعناية في حبس أنفاس المشاهدين طوال مدته التي امتدت حوالي ساعتين، لدرجة لم يشعر أحد من الحضور بالوقت، وخرج البعض يتحدث عن أن الفيلم يبدو قصيراً، وعادة ما يكون هذا الانطباع لدى المشاهد يُحسب لصناع الفيلم الذين نجحوا في صياغة فيلم رشيق، مهم، يناقش قضايا إنسانية لا تموت، ولا تنتهي، فالثمن الفادح الذي تدفعه الشعوب، وقسوة الحروب، وتهديدها لحياة وأمان واستقرار البشر لا يزال حاضراً في حياتنا، مهما اختلفت الأماكن والأزمنة، فهو يناقش قضية لا تسقط بالتقادم.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم حصل على عدة جوائز دولية، وشارك في العديد من المهرجانات حول العالم مثل: مهرجان تورنتو السينمائي الدولي السادس والأربعون. ورشح في العديد من المهرجانات السينمائية الشهيرة مثل مهرجان جوتنبرج السينمائي 2022، مهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي 2022، مهرجان سكيب سيتي الدولي للسينما 2022، مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2021، حيث حصل على جائزة خاصة من لجنة تحكيم المسابقة، جائزة أفضل فيلم أوروبي متوسطي، وأفضل مخرج وأفضل ممثلة من مهرجان أسوان الدولي السادس لأفلام المرأة 2022، وجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان مالمو للفيلم العربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/282tjkfb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"